تصاعدت توقعات كثير من المصريين بأن الثلاثاء الأول من فبراير/شباط قد يكون يوما حاسما في التاريخ السياسي المعاصر للبلاد، وذلك بعد تطورات متلاحقة ومثيرة جرت على مدى الساعات السابقة.
فالشباب المحتجون الذين واصلوا اعتصامهم في ميدان التحرير بقلب القاهرة بعشرات الألوف أكدوا عزمهم على قيادة مسيرة مليونية الثلاثاء في تأكيد على إصرارهم على إسقاط الرئيس حسني مبارك.
ورغم القيود العديدة، وفي مقدمتها تعطيل الإنترنت، فقد بدا أن هذه الدعوة تلقى صدى كبيرا، إذ استمر توافد الآلاف من الشباب والشابات خصوصا على ميدان التحرير، مما يشير إلى أن العدد المنشود من المتظاهرين سيتوفر بشكل شبه مؤكد.
لكن هذا لم يكن وحده ما غذى التوقعات بيوم حاسم، حيث أصدر الجيش بيانا نادرا تعهد فيه بعدم استخدام القوة ضد المواطنين كما أكد أنه “على علم ودراية بالمطالب المشروعة التي ينادي بها المواطنون الشرفاء”.
ولم يكن من الصعب على المتجول في شوارع القاهرة التي لم يشهد أغلبها التزاما بحظر التجول، أن يلحظ الترحيب الكبير من جانب عموم المصريين ببيان الجيش، وبدا أنه بث جرعة من الطمأنينة لدى كثير ممن كانوا مترددين إزاء تلبية الدعوة لمسيرات الثلاثاء.
تنازل جديد
في المقابل، لم يتأخر النظام هذه المرة في تقديم تنازل جديد، حيث أدلى عمر سليمان الذي كان يقضي يومه الثالث نائبا لرئيس الجمهورية، ببيان مقتضب قال فيه إن الرئيس مبارك كلفه بإجراء اتصالات مع القوى السياسية لبدء حوار معها بشأن الإصلاحات السياسية والدستورية ووضع توقيت محدد لذلك.
وتعهد سليمان بأن يصدر بيان الحكومة بعد أيام قليلة، متضمنا إجراءات واضحة ضد الفساد، كما تعهد بأن يتم تنفيذ قرارات محكمة النقض بشأن الطعون المقدمة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، على أن تجرى انتخابات جديدة في الدوائر المطعون فيها خلال الأسابيع المقبلة.
ورغم أن المصريين لم يتعودوا على استجابة النظام لمطالبهم أو نزوله عند رغبتهم، فإن هذه الاستجابة على سرعتها لم تنل رضا الكثيرين الذين اعتبرها بعضهم غير كافية في حين سخر منها آخرون وقالوا إنها جاءت بعد فوات الأوان.
أما الإعلام الرسمي فتحول في الساعات الأخيرة إلى التعبير عن حالة من الهلع تجاه المسيرات المليونية المقررة الثلاثاء، وأصبحت لهجة المذيعين والمتحدثين أقرب إلى استجداء الموطنين بعدم المشاركة، مع تلويح بمخاوف من جهات مندسة “وعناصر أجنبية” قيل إنها دخلت إلى مصر بهدف استغلال الاحتجاجات لإشعال فتنة بين الشعب والجيش.
ومع انتصاف ليل القاهرة بدا أن الاقتناع بحتمية التغيير بدأت تصل إلى الكثيرين، ومنهم الإعلامي عماد الدين أديب الذي سبق له إجراء حوار مطول شهير مع الرئيس مبارك، حيث ختم أديب مقابلة له مع قناة المحور الخاصة بالدعوة إلى ما وصفه بتأمين “خروج مشرف لمبارك من مصر”.
المصدر: الجزيرة