تراقب إسرائيل وسط أجواء من الحذر والقلق تطورات ما يجري في مصر، فرغم ان المصريين يعتبرون ما يجري في بلدهم شأناً داخلياً، لا ينبغي لأي من الدول الخارجية التدخل فيه، إلا أن اسرائيل ترى أن أمنها القومي، وتأمين جبهتها الجنوبية مرهون بمدى إستقرار النظام المصري، واعتبرت آلة الاعلام العبرية ان تغطية الاحداث الجارية في مصر لا تقتصر على كونها عملاً صحافياً بقدر كونها مهمة قومية، تندرج في إطار القراءة المتعمقة لما تحمله تلك التطورات من آثار قد تنعكس تبعاتها على إسرائيل في المستقبل القريب، إذا ما سقط النظام وهيمنت عليه قوى راديكالية، لا تعترف باتفاقية السلام المبرمة بين مصر والدولة العبرية.
ومن هذا المنطلق رأى الصحافي الاسرائيلي المتخصص في الشؤون الشرق أوسطية تسيبي بارئيل، ان الانتفاضة الشعبية التي تشهدها مصر ضد النظام، اختزلت حالة من الاحتقان لدى شريحة كبيرة من الجماهير المصرية، كان السبب الرئيسي فيها فتح قنوات من التقارب بين أسرة الرئيس وما يقرب من سبعين ثرياً من رجال الاعمال المصريين، الذين تدور حولهم شبهات الفساد المالي. واعتبر الكاتب الاسرائيلي في مقال منشور بصحيفة هاآرتس، ان رجال الاعمال الذين يدور الحديث عنهم، حصلوا على إمتيازات في عالم السياسة المصرية، واخرى في عالم المال والصفقات، بما يفوت على قاعدة كبيرة من المصريين الحصول على الفرص ذاتها.
فتاة اسرائيلية
الصحيفة العبرية فجّرت قنبلة مدوية في اطار رصدها لقائمة رجال الاعمال، الذين رأت وقوفهم وراء “وعكة” النظام المصري حتى اذا كان ذلك بشكل غير مباشر. وكشفت هاآرتس النقاب في هذا السياق عن ان رجل الاعمال المصري احمد عز أمين التنظيم، وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم، ينحدر في اصوله الاسرية من اسرائيل، إذ تزوج والده الجنرال المتقاعد في الجيش المصري عبد العزيز عز من فتاة اسرائيلية عام 1956، وقالت الصحيفة: “ان الجنرال المتقاعد في الجيش المصري عبد العزيز عز، كان قد تزوج من فتاة اسرائيلية عام 1956، وانجب منها ابنا اطلق عليه اسم “أحمد”.
مما يعني ان رجل الاعمال القيادي المستقيل من الحزب الوطني ينحدر في نسبه من ناحية الأم الى اسرائيل، وأضافت الصحيفة العبرية ان علاقة احمد عز بابن الرئيس المصري جمال مبارك بدأت خلال انعقاد فعاليات المؤتمر الاقتصادي في العاصمة الاردنية عمّان عام 1995، وعن طريق علاقة الصداقة التي نمت بينهما تمكن عز من الانضمام الى لجنة السياسات التي استقال منها قبل ايام، وخلال تلك الفترة وتحديداً عام 1997حصل عز على قرض من ملياردير ايطالي يُدعى “دانيئيل”، إذ بلغت قيمته آنذاك 600 مليون دولار بعد حصول رجل الاعمال الايطالي على ضمانات كتابية من الحكومة المصرية، وكان الهدف من القرض تمويل مشروع عز الخاص، وهو اقامة مصنع حديد للتسليح في منطقة خليج السويس، كما شاركت الحكومة المصرية في المشروع، عندما موّلت بنيته التحتية بـ 3 مليارات دولار، ليصبح عز في غضون اشهر معدودة رجل الحديد الأول في مصر وربما في العالم العربي.
70 مقعداً في البرلمان
وقال الكاتب الاسرائيلي: “إن ما يقرب من سبعين رجل اعمال مصري بالغي الثراء، تمكنوا من الحصول على مقاعد في البرلمان “مجلس الشعب” الحالي، غير ان معظم الانتقادات موجهة الى رجال الاعمال الذين كانوا اكثر اقتراباً من الرئيس مبارك وبعضهم كان من افراد اسرته، ومن هؤلاء رجل الاعمال محمود الجمال والد “خديجة” زوجة نجل الرئيس المصري جمال مبارك، وهو صاحب اكبر شركات المقاولات في مصر. ووفقاً لما نقله الصحافي الاسرائيلي عن مصادر صحافية وصفها بـ “صحف النميمة”، تكفّل صهر جمال مبارك بتكاليف حفل زواج ابنته على نجل الرئيس، إذ وصلت تكلفته الى 30 الف دولار، بينما وصل سعر خاتم الزواج الذي وضعته خديجة في اصبع يدها اليمنى الى 10 الاف دولار.
رجل أعمال آخر كان مقرباً من نظام مبارك، هو الدكتور ابراهيم كامل، الذي وصفته الصحيفة العبرية بـ “فاحش الثراء”، إذ يمتلك ما يقرب من 16 شركة عملاقة في مجالات متعددة منها السياحية والمقاولات وغيرها، فعلى الرغم من ضلوعه المباشر والعميق في الحياة السياسية المصرية مستغلاً في ذلك رأس ماله الضخم، الا انه لم يكن سيئاً بحسب التقييم الاسرائيلي. وانما تُنسب الإساءة وفقاً لتسيبي بارئيل الى رجل الاعمال هشام طلعت مصطفى واحمد عز، فكلا الرجلين كانا مقربين جداً من أسرة الرئيس المصري، وتشير معطيات مصرية الى انهما كوّنا ثروتهما من خلال مساعدات تلقوها من نجلي الرئيس مبارك “جمال وعلاء”.
وتشير هاآرتس الى ان رجل الاعمال المصري هشام طلعت مصطفى كان مقرباً من جمال مبارك، كما انه ذا قربى لأسرة والدته سوزان مبارك، وكان يمتلك ولازال كبرى شركات الاستثمارات العقارية في مصر، ووفقاً لما نقلته هاآرتس عن مصادر صحافية مصرية كان جمال مبارك شريكاً اساسياً في صفقات طلعت مصطفى، وابرما سوياً العديد من الصفقات التجارية مع الملياردير السعودي الوليد بن طلال، غير ان مصطفى تسبب في حالة من النزاع داخل اسرة مبارك وفي مصر بأسرها، عندما تورط في مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم في منزلها بدبي عام 2008، مما حدا بسجنه لفترة طويلة.
<<<<< متابعات [/SIZE][/B]