فجأة وبلا مقدمات ، شق طالب لم يتجاوز السادسة من عمره الصفوف ، حاملاً باقة ورد ، ومن ثم يصعد للمنصة ، ليتلقفه معلمه بالأحضان ، لتتفجر الدموع من محاجر المقل وعيون كل من حضر ، ليطبق الصمت على المكان ، الا من صوت همس أو تمتمة غير مفهومة ، أو زفرات وبكاء لم يصل لحد النواح ، لاتنطبق عليها التراجيديا فأحداثها رغم ذلك ليست حزينة ونتيجتها ليست مؤسفة ، بل هي صورة من أروع صور الوفاء والعرفان من طالب أدرك معنى المعلم الذي كان الأب والمربي والموجه والقدوة كما يجب أن تكون رسالته .
كل ذلك ليس مقدمة لأحداث مسرحية ، وأن كان ماحدث يفوق كثير من المسرحيات خاصة وقد تجلت فيه الكثير من القيم التي ننشدها في مدارسنا ، أنما هو موقف أحدثه الطالب مبارك بن محمد السويس في الربيع السادس من عمره بمدرسة النويعمة الابتدائية في محافظة وادي الدواسر ، الذي جهز حاله بمساعدة أسرته في ان يساهم في تكريم معلمه في حفل يوم تكريمه بمناسبة تقاعده ليرسم بذلك خطوة جميلة في أهمية توثيق العلاقة بين المعلم وطالبه .
في الوقت الذي كان عريف الحفل ينادي بتقديم الهدايا التذكارية للمعلم عبدالرحمن الجناح من زملائه ، وفيما كل الانظار في اتجاه واحد ، اذا بذلك الصغير يجري بلا مقدمات ، ويقدم تلك الباقة الجميلة لذلك المربي ، ليلحقه شقيقه حمد بالصف السادس ويقدم هو الآخر هدية أخرى تؤكد أهمية الأسرة في زرع قيمة حب وتقدير المعلم في ابنائها ، ولم ينتهي ذلك المشهد حتى والمحتفى به يمسك بالمايك وهو يصف هدية ذلك الطالب بأنه أثمن ماحصل عليه في حياته العملية ، بل زادت روعة ذلك المشهد وطلابه جميعاً يتسابقون لاحتضانه وتقبيل رأسه ، ليشهد كل من حضر أن ذلك المعلم وماحصل يجب أن يكون قدوة للمعلمين ، وماحصل من الطالبين قدوة للاجيال في كيف يكون تقدير واحترام المعلم .