
نظمت لجنة الأوقاف بالغرفة التجارية الصناعية بأبها محاضرة بعنوان (المؤسسات الوقفية النوعية وأثرها في التنمية المستدامة) ، قدمها الدكتور عصام بن حسن كوثر المدير التنفيذي للوقف العلمي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة وذلك بمسرح الغرفة التجارية الصناعية بأبها .
تمحورت المحاضرة حول الوقف الإسلامي الذي يعد نظاماً نشأ وتطوَّر في ظل الحضارة الإسلامية ، حيث عُرفت الأوقاف منذ عهد النبوة وعبر العصور الإسلامية نمواً وتنوّعاً واتساعاً ، حيث لم تقتصر على العناية بفئات المجتمع فحسب ، بل تعدتها إلى العناية بكل ما يعتمد عليه الناس في معيشتهم ، وغطي بانتشاره مختلف جوانب الحياة من النواحي الشرعية ، والعلمية ، والثقافية ، والصحية ، والإنسانية ، والسياسية، والاقتصادية ، والاجتماعية ، والخدمية ، وغيرها.
كما تعرضت المحاضرة إلى ما يمثله الوقف من ركيزة أساسية من ركائز التنمية المستدامة ، حيث يقوم الوقف على أساس الديمومة والاستمرار ، ويسعى طواعية إلى استدراك جوانب الخلل في التوزيع والتملك ، وما ينجم عنها من قصور في إشباع الحاجات الأساسية والثانوية للمجتمع، ومن هنا تأتي أهمية الوقف من خلال استقراء هذا النمط من أنماط التنمية ، وكيف أن الدول قاطبة تسعى إلى اتخاذ كل التدابير اللازمة لتحقيق هذه التنمية.
كما أبانت المحاضرة مشروعية الوقف والتي تقوم على أسس سليمة، والتي تهدف إلى تحقيق منافع عظيمة في حياة الناس، حيث أن الشريعة الإسلامية مبنية على جلب المصالح للناس، وكذلك درء المفاسد عنهم، وذلك يتحقق ولاشك في الوقف، فهو نفع عام وخاص ويحقق أهدافًا عظيمة في حياة الفرد والمجتمع وأنه لا يحرم الفرد من ملكيته الخاصة؛ لأنه يستطيع أن يخصص جزءاً من ماله يتقرب به إلى الله جل وعلا، ويظل موصول الثواب حتى بعد مماته، لأنه – بلا شك – يعمل على إفادة وتنمية المجتمع.
في ختام المحاضرة تم استعراض أهمية الوقف العلمي ودوره في تحقيق التنمية المستدامة و الشاملة بالمجتمع حيث أنه يمثل منظمة وقفية عصرية تقوم باستقبال التبرعات أو الأوقاف النقدية والعينية واستثمارها والإنفاق من عوائدها على خدمة المجتمع من خلال أنشطة وبرامج مبتكرة تهدف إلى تنمية المجتمع في مختلف المجالات العلمية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والبيئية وفق أولويات واحتياجات المجتمع والأمة.
من جانبه أكد الأستاذ عبد الله الزهراني امين عام غرفة أبها أن المحاضرة هي ثمرة التعاون مع مركز الاستثمار الأمثل والتي تحدد الإطار الملائم الذي يتم من خلاله تيسير وتطوير التعاون بين الطرفين في المجالات ذات الاهتمام المشترك ، وبصفة خاصة في مجال الأوقاف ونشاطها بكافة صوره حيث ان هناك الاتفاقية تم توقيعها مع المركز تتضمن العديد من بنود التعاون أهمها : تنظيم الفعاليات والبرامج ذات العلاقة بموضوعات الأوقاف واستثماراتها وما في حكمهمافي منطقة عسير، دعم الأنشطة العلمية والتدريبية بين الطرفين ،مع إنشاء قاعدة لمعلومات الأوقاف في منطقة عسير بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
مشيرا إلى أن المحاضرة تهدف الى تعريف المجتمع المحلي بخصوصية الوقف الإسلامي ، وامتداد رواقه ومظلته إلى أمور تنبىء عن حس إنساني رفيع حيث ان الوقف لا يقتصر على أماكن العبادة كما هو في الأديان السابقة ، بل امتدّ في نفعه إلى عموم أوجه الخير في المجتمع، وشمول منافعه حتى على غير المسلمين من أهل الذمة، وبل و على الحيوانات كذلك، كما يمتد أثره الواضح في عملية التنمية البشرية التي تُعنى ببناء الإنسان بجميع جوانبه الروحية والعقلية والجسدية، وذلك من خلال تركز أموال الوقف في بناء المساجد والجوامع، والمدارس والجامعات والمكتبات وكفالة الدعاة وتركيزها على جانب العقل والجسم ببناء المستشفيات والمراكز الصحية ونحوها.
في ختام تصريحه لفت الأستاذ عبد الله الزهراني إلى أن الأوقاف تعتبر سمة من سمات المجتمع الإسلامي ومن أبرز نظمه في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والإسهام بشكل فعال في الحياة العلمية والعملية لأبناء المجتمع، حيث أن غرفة ابها تقيم العديد من الأنشطة والفعاليات انطلاقا من دورها الاجتماعي في إحياء هذه السنة العظيمة ، وذلك للنهوض بمؤسسات الوقف بمنطقة عسير مع وضع تصور جديد للقطاع الوقفي في القرن الواحد والعشرين قائماً على تقسيم العمل على شكل مؤسسات أو إدارات يُناط بها عمل محدد، وهذا التوجه هو أسلوب الإدارة الحديثة لتقسيم العمل، والذي ينبغي الأخذ به بعد تأهيل الكوادرالشبابية للعمل في مؤسسات إدارة الأوقاف في المجتمع الإسلامي.