بدايةً اتشرف بتقديم مقترح يتحول بموجبه معهد الدراسات الفنية بالقوات الجوية الملكية السعودية الى جامعة الدراسات والابحاث والتطوير الفني بالقوات الجوية. ويكون التأهيل العسكري والمعنوي مجرد قسم بهذه الجامعة، وبطبيعة الحال فإن هذا المقترح متروك لرؤية مسؤولي التدريب وللمخططين، وهي فكرة من خارج الصندوق كما يقال وربما تكون جديرة بالإهتمام والدراسة من خلال خبراء قادرين على استشراف مستقبل القوات الجوية وقراءة ما وراء الأفق حيال احتياجاتها المختلفة التي تتعاظم وتتطور بوتيرة عالية السرعة مما قد يلغي مفهوم التخطيط الذي يعتمد على الميزانيات المخصصة وعلى مدى تطور التقنيات الجوية ومخرجاتها عالمياً كل عقدين من الزمن تقريباً، وهذا كله سيصبح شيء من الماضي. وفي ظل التطور الهائل والقفزات العظمى في مسيرة القوات الجوية السعودية فليس مجدياً أن تبقى مخرجات التدريب الفني ومؤهلاته بمستوى دبلومات ذات مدى قصير ومتوسط، بل يجب ترقيتها الى مستوى آكاديمي ليصبح كل تخصص عبارة عن مسار دراسي جامعي كامل، وتكون اللغة الانجليزية اساس في هذه الجامعة لكل شيء حتى الاطروحات وجميع المناشط، على أن يبدأ هذا المسار الآكاديمي بعد نهاية فترة التأهيل العسكري المبدئي. ويمكن ان يكون هذا التعليم العالي استثماراً محلياً وإقليمياً ودولياً، هذا ممكن جداً في ظل رؤية 2030. نعم ممكن جداً وهو نجاح كبير.
وعوداً على العنوان، اقول إن المقاتل الفني بالقوات الجوية الملكية السعودية هو بحق فخر الفضاء السعودي وعملياته الجوية، وهو بكل ثقة يحتل المركز الأول بين أقرانه في الشرق الأوسط، بل ويتبوأ مكانة عالية ومتقدمة على مستوى الفنيين بأسلحة الجو في دول العالم، فها هو يشارك في أهم التمارين الجوية العالمية المشتركة ويحوز على ثقة وإعجاب كل من يشاهد عن قرب قدراته ومهاراته العملياتية ودرجة تميزه ودقة معايير اعماله، ومعروف ان ضابط الصف الفني الجوي السعودي يتفوق على الكثير من امثاله في قوات جوية عالمية عريقة بدول متقدمة. ومن اللافت أن هذا العنصر الفني السعودي حين يلتحق بالقوات الجوية لا يمتلك الخبرة ولا المعرفة التقنية الجوية الكافية ولا خصائص القوات الجوية وخلال مدة وجيزة نجده يسيطر ويقود ويبرمج منظومات فنية عالية الدقة وشديدة الحساسية بكل جدارة ومقدرة، وهذا بكل بساطة يؤشر الى مستوى ونجاعة التدريب ويدل على أهمية وتأثير عنصر القيادة (leadership) وادواتها ووسائلها التي تجعل من هؤلاء الرجال سلاح وطني قوي وعامل بناء وتنمية وطنية مستدامة منذ أن يلتحقوا بالقوات الجوية. ان كل هذه الحقائق المُشرفة يجب التوقف عندها والإشادة بها وهي أن الإنسان الفني بالقوات الجوية السعودية مورد بشري تنموي ومصدر خبرة متجددة يحمل المعرفة التخصصية مدى الحياة سواء كان على رأس العمل او بعد انتهاء خدماته رسمياً والتحاقه بجهات أخرى.
إن القلب النابض لأي قوات جوية متفوقة بأي مكان بالعالم يتجسد بكل وضوح في مهارة فنييها ومستوى إحترافهم ودرجة استيعابهم للتقنية ومدى فهمهم للأسلحة والمنظومات التي بين ايديهم، وعلى مقدرتهم على تشغيلها وصيانتها بكفاءة عالية. وهذا بكل اعتزاز هو حال الأطقم الفنية بقواتنا الجوية حتى أصبحت هذه القوات رائدة للجو العربي وهي المسيطرة بعون الله وفضله، وهي من يمتلك زمام المبادرة في السلم والحرب وهذا له الدور الحاسم والتأثير المباشر في تنفيذ سياساتنا العسكرية والأمنية والسياسية والمعنوية وتحقيق مطالبنا واهدافنا الوطنية العادلة.
إن مستوى ونجاح وتأثير القيادة (leadership) يعتبر العامل الأهم في مدخلات ومخرجات هذه الأطقم الفنية التي هي في الواقع قلب القوات وعنوان درجة جاهزيتها القتالية والعملياتية العالية. ومن هنا فإن للقيادات التي تقود وتشرف وتخطط وتنفذ برامج التدريب الفني ابتداءً بدقة الإختيار ثم تعليم اللغة الإنجليزية مروراً بتأصيل الولاء والإنتماء الوطني وصولاً الى التعبئة القصوى لكل الجهود الفردية والجماعية لغرض تحقيق الأهداف العليا، كل ذلك يعتبر اساس مهم ومؤثر في سرعة قولبة هذه العقول الوطنية وقيادتها بروح الفريق وزرع الوطنية ومتطلباتها ورفع المعنويات.
إن الأوطان لها عناوين مختلفة وفي بلادنا السعودية الغالية تعتبر القوات الجوية الملكية السعودية احدها فهي عنوان وطني اصيل وعابر للحدود والمحيطات تحمل بشموخ على الأرض وفي السماء وداخل الوطن وخارجه اسم ومجد وصلابة وقوة الشعب السعودي بأكمله وتحمل رسائل قيادته الساهرة على أمن الوطن والمواطن.
ولقد كان لهؤلاء الرجال الشجعان الفنيين الحاليين وعوائلهم ومن سبقوهم من زملاءهم المؤسسين الدور الأكبر والفاعل في تحقيق هذه النجاحات وهذا التفوق بل وهذه السيادة والريادة التي يفرح بها الصديق ويغتاظ منها العدو. فتحية لهؤلاء الأبطال الفنيين الذين يجهزون بعرقهم وعقولهم ودماءهم وسواعدهم وراحة عوائلهم منظومات القوات الجوية ثم يسلمونها بأعلى جاهزية لصقور الجو الطيارين لتنفيذ مهامهم الجوية المختلفة وما اكثرها. وهل ننسى أن الفني الجسور اصبح شريك للطيار في السماء حيث يعمل معه ويبرمج ويوجه ويسيطر على كثير من تلك المهام؟. إن رجالنا الفنيين بقواتنا الجوية هم بحق فخر الوطن ورمز القوات الجوية الملكية السعودية فلهم التحية. وكم سيكون عظيماً ورائعاً ومنطقياً قيام جامعة القوات الجوية للدراسات والأبحاث والتطوير الفني.
(تم نشر هذا المقال بمجلة معهد الدراسات الفنية للقوات الجوية).
التعليقات 18
18 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
اكرم جودي الطيب
30/12/2017 في 6:14 م[3] رابط التعليق
اضم صوتي وبقوة مع اللواء عبدالله القحطاني وهذا الفني يطلق عليه سابقا الجندي المجهول
(1)
(0)
عبدالله العثمان
30/12/2017 في 8:37 م[3] رابط التعليق
مقال اكثر من رائع وكلام يخط بماء الذهب وشكرا للكاتب اللواء الطيار الركن / عبدالله القحطاني والاقتراح الممتاز ليكون معهد الدراسات اكاديمي. .. وشكرا لكل طيار وكل فني في القوات الجوية السعوديه والله يحفظ مليكنا وشعبنا وبلادنا من كل مكروه.
(0)
(0)
حسين المالكي
30/12/2017 في 9:54 م[3] رابط التعليق
للاسف خدمنا اكثر من ٣٣ سنه وبشرف وسعودنا جميع المنظومات وخرجنا حتى بدون كلمة مع السلامه انا واكثر من ٦٣ رئس رقباء فني في ١٤٣٠/٧/١ هـ من قاعدة الملك عبد العزيز الجوية وحتى عندما اردت ان ادخل اودع قائد السرب واوقع اخلاء الطرف دخل مدير المكتب وقال له حسين المالكي يبغى يودعك ويوقع اخلاء الطرف قال هات اوراقه واخذ الاوراق ووقعها منه وبدون مايشوف وجهي حتى بالرغم من انجازاتي في خط الطيران التي كل من يعمل في سرب الصيان يعلم من انا وحتى قائد القاعده الغى الحفل المعتاد للمتقاعدين ولم يتكرم علينا بكلمة وداع واعتقد لان تكلك الايام لم يكن هناك مكافحة فساد.
(0)
(0)
محمد علب معوض
31/12/2017 في 8:36 ص[3] رابط التعليق
شكرآ للواء عبد الله القحطاني وكثر الله من امثاله علي هذا الكلام الجميل
المميز
(0)
(0)
عبدالله علي العيسي
31/12/2017 في 11:35 ص[3] رابط التعليق
الفني يريد شيء من الدعم المعنوي اثناء الخدمه وعند نهاية الخدمه…كلمة شكرا لم نسمعها..وكم لقينا جراء اجرات اخلاء الطرف.الممله العقيمه….ومع ذالك تبقى القوات الجويه جزء مشرق في حياتي
شكرا للقوات الجويه .
(0)
(0)
محمد الخماش
31/12/2017 في 11:48 ص[3] رابط التعليق
اضم صوتي للأخ حسين المالكي واقول له ولكافة من خدم من الزملاء الفنيين بان خدمة الوطن لا تنتظر الشكر من احد ويكفينا بان عملنا مع بعض وأمضينا اجمل ايّام عمرنا في خدمة الوطن بدء من أزمة الحرم مرورا بثمان سنوات حرب العراق ويران وعاصفة الصحراء وتحرير الكويت وحتى يومنا هذا مع الحوتيون والفنيون يثبتون قدرتهم الفائقة وبذل الجهد.ومثالهم.احبك ياوطن.واختم بالشكر للواء القحطاني على مقالته واتمنى ان تصبح واقعا.
(0)
(0)
احمد الزهراني
31/12/2017 في 9:19 م[3] رابط التعليق
خدمت34 سنه في رتبتين فقط علما انني ولله الحمد جاد في عملي ولم اكمل دراستي كغيري في الجامعه لاتفرغ للعمل
اذكر لكم قصة واحد جلس بجانبي في مكان ما وستلني ماعندك دوام قلت متقاعد سالني من وين قلت من القوات الجويه وخدمت 34 سنه قال كم جاك تقاعد قلت قل امت ومن وين تقاعدة قال من ارامكو وخدمت 22 سنه وجالي مليون وثلاث ميه ضحكت قال ليش تضحك قلت انا ماجاتني اللي فوق المليون .. استغرب وراح ماودعني مثل مسولينا في القوات الجويه.
(0)
(0)
A.ALHAMDAN- PSAB
31/12/2017 في 11:02 م[3] رابط التعليق
الحمدلله اولاً وآخراً
اشكر سعادة اللواء عبدالله القحطاني على طرحه الرائع وكلماته المحفزه للفنيين، نعم هذا مانحتاجه فقط، كلمة شكر وعرفان بما يقدمونه الجنود المجهولين في جميع المنظومات وهذا أقل شي يقدم لهم.
اكرر شكري وامتناني لسعادتكم
(0)
(0)
الفني عبدالله عسيري
31/12/2017 في 11:18 م[3] رابط التعليق
شكرآ للواء الطيار الركن عبدالله القحطاني على ماطرحه نحو الفنيين وكان لي شرف الخدمة وهذا مكمل لصقورنا البواسل والترابط الوثيق بينهما في خدمة وطننا الغالي.وأويد فكرته ومقترحه الصائب وأسأل الله أن يتكلل ذلك بالنجاح.وبالتوفيق
(0)
(0)
صالح الطويلعي
01/01/2018 في 5:21 ص[3] رابط التعليق
اتفق معك سعادة اللواء فمعهد الدراسات الفنية مصنع الابطال
(0)
(0)
محمد شوعان
01/01/2018 في 6:46 ص[3] رابط التعليق
بيض الله وجهك لواء عبدالله على هذا الفكر الناضج الصادر عن حرص في ايجاد لبنة قوية واساسات صامدة تواكب تطور قواتنا الجوية ذات الانجازات الفريدة التي شهد لها العدو قبل الصديق ولله الحمد .
مقترح ممتاز وفكر نير ننتظر تطبيقه ونتلهف لنتائجة على ارض الواقع قريبا . اما مايخص ما كان من اخفاقات في اعترف بفضل او تقصير من احد . فهذه حالات شاذة ولا تعمم ولن تنس القوات الجرية جهود المؤسسين والمسعودين ومن شارك في تطوير وتدريب لطقم الصيانة في مختلف الاخصصات . ولا شك بأن المتميزين كثر والحمد لله
وفق الله الجميع ودام عزك ياوطن ودام اخلاص أبنائك المخلصين
ولنكن متفائلين دوماً ??
(0)
(0)
ابو عبدالرحمن
01/01/2018 في 12:06 م[3] رابط التعليق
نحن الفنيين الوحيدين من كافة دول العالم الذين ليس لنا قيمة او اي تقدير..من اخذ دورة خارج المملكة يعرف عن ماذا اتحدث…دول فقيره مثل كازاخستان واوزباكستان كان لافرادها لبس تشريفات للتخرجات وكانوا يستغربون ملابسنا وعدم اهتمام المسؤلين بنا..بالاضافة لما نلاقيه من تهميش في القواعد المختلفة وتدني في الرواتب.
(0)
(0)
ابومشعل
01/01/2018 في 1:09 م[3] رابط التعليق
كلام اجمل من رائع
ولاكن يقول المثل (اسمع جعجعتاً ولا ارى طحناً)
اما بخصوص الفني عند التقاعد اذا تكرم المسئولين بتكريمه فيكتفون (بطقم كبك وقلم) بدون خطاب شكر
وشكرا لكل فني وطيار
(0)
(0)
عبدالهادي الشهري
01/01/2018 في 1:58 م[3] رابط التعليق
كلام رائع واقتراح ناجح قاله رجل كفو ونزيه وانا لا اعرفه شخصيا. لكن ندعو له بالبركة والتوفيق.
الا انني اضيف ان هناك اجحاف وظلم يلحق برتبة الرئيس الرقباء نتيجة تجميده في مستنقع هذه الرتبة، فلا ترقية ولا علاوة سنوية وتهميش متعمد في معظم الاحيان وضغط عمل مما يجعله يصاب بحالة من الاحباط الشديد وهبوط في مستوى الروح المعنوية فيتعدى ذلك الى زملاءه واقرانه عندما يرونه اصبح يدور في اطار ضيق مما يضطره للتهرب او البحث عن مكان انسب يراعي ضروفه الصحية والعائلية خصوصا اذا كان يعمل تحت ادارة غير جيدة.
ويخرج الكثير من الخدمة مضطرين وتموت كثير من المواهب والخبرات بدون تكريم ولا تقدير ولا حول ولا قوة الا بالله.
(0)
(0)
ابو العبادله
01/01/2018 في 2:08 م[3] رابط التعليق
اضم صوتي الى الزملاء المتقاعدين نعم عند التقاعد المفروض عمل اجاراءات التقاعد يقوم بها فئه متخصصه بجناح الاداره ولكن المتقاعد اعانه الله يلف القاعده كلها علشان توقيع لكن اسال الله ان يكتب لنا الاجر والانسان يخلص النيه لله سبحانه وتعالى في خدمة المليك ثم الوطن
(0)
(0)
محمد مسفر القحطاني
01/01/2018 في 3:29 م[3] رابط التعليق
لازلت أتذكر تلك العبارة التي رأيتها على نموذج لطائرة في معهد الدراسات الفنية عام ١٤٠٥هـ التي تقول: ” الفنيون الذين يدفعون بالطائرات إلى السماء” .
لا ينكر جهود فنيي القوات الجوية ودورهم إلا جاهل أو ضعيف ولا يقرّ به إلا مطلع وعاقل وهم كثر ولله الحمد وهنا أشكر اللواء الطيار الركن عبدالله بن غانم العابسي القحطاني على رؤيته الثاقبة وثقته بزملائه الفنيين وأتمنى ممن بيدهم صنع القرار أن ينظروا لها بعين الإعتبار
(0)
(0)
صلاح بن محمد جان
01/01/2018 في 9:20 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..رئيس رقباء فني
خدمتنا كعسكر لهذا الدين و الوطن ليست خدمة عادية بل هي شرف و وسام لنا في الدنيا والآخرة .
خدمت اكثر من 28 سنة وبدون أي كلل أو ملل و كله في خدمة الدين والملك والوطن ..
ولكن عندي اقتراح و ياريت النظر فيه و أخذه كفكرة التحفيز ..إما الانواط أو الخبرة للإستفادة من الفرد ذو الكفاءة المهنية العالية ..
و دام عزك يا وطني .
(0)
(0)
سعيد ال دغيم
19/05/2018 في 3:09 م[3] رابط التعليق
اشكر اللواء الطيار /عبدالله القحطاني على طرحه لهاذا الموضوع الشيق واسئل الله ان يكثر من امثاله واشكره كثير الشكر على مجهوده الرائع الغير مستغرب على سعادتكم واتمنى من الله ثم من القائم على المعهد ان يصبح المعهد معهد اكاديمي وشهادات معتمده وحوافز معنويه عكس ماقرئناه من اصحاب الخبره في هاذا القطاع
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
(0)
(0)