في أول تصريح له بعد تعيينه وزيراً للخارجية قال مايك بومبيو، إن أميركا أصبحت في عهد الرئيس دونالد ترمب أكثر أمناً وقوة. وقد جاء كلامه هذا وهو يغادر منصبه السابق كمدير لوكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية (CIA). بمعنى انه يتحدث عن معلومات وحقائق وارقام، وعلى اطلاع تام.
وفي كتابه إن لم فمن؟ يقول الأمير خالد الفيصل سألني المشرف على دراستي بجامعة اكسفورد قائلاً، وأنت أحد افراد الأسرة الحاكمة وقد تعمل في الدولة بعد الجامعة، فما هو اهم شيء يجب أن توفره الدولة للمواطن؟ يقول الأمير كنت سأقول الأمن لكن خشيت توجيه تهمة التسلط التي تلاحق العرب، فقلت له الغذاء، فقال المشرف مبتسماً بل الأمن أولاً.
والأمن لمقصود هو الأمن بعموميته وبكل انواعه بما فيها الأمن السياسي والغذائي والإجتماعي والعسكري والوطني وغيرها، أمنٌ شامل يعزز مكانة واستقرار الدولة ونموها، أمنٌ تفرضه القيادة بقوة النظام وتنفذه جميع عناصر الدولة الرسمية والشعبية. لكن هذا الأمن المنشود لن يكون ملموساً على الأرض ومكتمل الأركان والقواعد دون أن يكون هناك قيادة قوية ولديها ارادة أقوى، وثقة متبادلة مع المواطن لتحقيق هذا الهدف الأهم بحياة البشر، أمنٌ يُخَطِط له ويشرف عليه كوادر بشرية صارمة ومُدربة في ادارة الوقت واستغلال جزئياته لإنجاز عمليات التخطيط والتنفيذ والتقييم، مع إجراء التطوير المستمر بفكر لا يعترف بحد معين لدرجة الرضى عن النفس والجهد، بل برفع سقف النجاح دوماً والسعي نحو قمته. وبغير هذا الفكر سيكون هناك قصور أمني وتتضح اثاره.
والأمن الحقيقي الناجح والفاعل يتطلب من عناصره على كافة المستويات فهماً كاملاً غير منقوص لتوجهات الدولة داخلياً وخارجياً، ومعرفة غير منقوصة لإستراتيجياتها الوطنية وسياساتها الشاملة بكل تفاصيلها، وفهم واستيعاب لتفاصيل أوامر وتوجيهات ورغبات وقرارات وتعليمات قادتها، وإدارك دقيق جداً لمكونات قُواها وقُواتها الوطنية، ومكامن قوتها ونقاط ضعفها. وبغير هذا سيكون عنصر الأمن دُمية ينتظر التوجيه. وهذا ما تعانيه دول كثيرة مجاورة وبعيدة بسبب سوء اختيار عناصر أمنها ورداءة تدريبهم.
والنجاح في الحصول على مثالية الأمن والقوة، أو الأمن بالقوة يتطلبان مرونة عالية للتغيير السريع عند الحاجة، والمقدرة على القيام بالإجراءات الاستباقية، والنجاح في التموضع الطارئ بحسب المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، مع اهمية تجاهل رأي عنصر سلبي لا يغيب ويلازم صاحب القرار عادةً وقد يكون هو المنفذ للأمر أحياناً، أُولئك هم المُحْبِطِين المعارضين (غير أكفاء). وكل هذه الإجراءات من أجل فرض الأمن بالقوة!. وهل يوجد أي أمن حقيقي بدون قوة؟. وأي فراغ أو خلل أمني محدود ويبدو غير مهم بنظر أي موظف فهو يعني وجود عدو متخفي بركن آمن يتوسع كالسرطان ليهدم لبنات الأمن ويضعفه تدريجياً، كما حدث في الثورات التخريبية بالدول العربية. والأمن والقوة هما مطلب للمواطن العادي الذي هو روح الدولة قبل أن يكون ذلك مطلب وهدف للقيادة ولأجهزتها لإستقرار وضعها وعلاقاتها الخارجية وتنميتها الوطنية.
والأمن والقوة ثنائي خطير ومؤثر على قرارات الدولة وهيبتها ومعنوية شعبها، وفعالية جيشها المسلح، ولذلك فإن هذا الثنائي يحتاج لعدة أجهزة معلوماتية ومخابراتية وبحثية وفكرية واستطلاعية، ولمراكز تكاملية للتواصل بالمجتمع بكل مكان الذي هو اساس العملية، ويحتاج ايضاً لمراكز تدريب متقدمة لكل تخصص، ثم لعملٍ دؤوب لجميع هذه الوكالات على مدار الساعة بلا توقف. وبطبيعة الحال فإن كل هذه المقومات متوفرة بشكل مثالي وشبه مثالي في عدة دول قليلة بالعالم وضمنها المملكة العربية السعودية. وثبات أي دولة واستقرارها، وقوة قراراتها واستمرار نموها وقبولها بشكل كبير لدى دول العالم دليل على نجاح أمنها القوي محلياً واقليمياً، يقوده قوة سياسية ناضجة ومتفاعلة تحدد الأهداف العليا وتمنح الصلاحيات بلا حدود ليتخذ منها الأمن منطلقاً لقوته ونجاحه.
والأمن والقوة الوطنية لا يمكن لأحدهما الحياة بدون الآخر، واي دولة لا تمتلك المقومات الأساسية والإسنادية ووسائل القيادة والسيطرة اللازمة لهما فسيكون وضعها الداخلي مهزوز، وقد ينهار، وسيصبح تأثيرها ضعيف بالخارج، وربما تفقد شيء من سيادتها بسبب ذلك.
وفي المملكة العربية السعودية عهد مختلف ومتميز يقود المرحلة بنجاح وثقة في ظروف معقدة. والعالم يُقر بنجاح المملكة في تحقيق اعلى درجات الأمن بأعلى معايير القوة القانونية، وبنجاح مؤسساتها وهيئاتها التي يجري تطويرها حثيثاً، وبصلابة شعبها الذي يقف خلف قيادته.
لقد كان الأعداء والأصدقاء يعتقدون بإستحالة تغلب السعودية في آن على كل العقبات والمصاعب والمخططات الخبيثة المتمثلة في هجوم الأعداء الشرس وادواتهم، وفي مقدمتها مخططات تنظيم قطر الإرهابي، وحزب حسن نصرالله الإيراني وبقية الحشود، وعناصر الحوثي عملاء ايران، وإرهاب داعش التكفيري، وهجمات القاعدة أُم الإرهاب، وغلو مجموعات التشدد والتطرف والتعصب، ومافيات التهريب والمخدرات وغسيل الأموال، وبؤر الفساد، ومخططات ثورة الإرهاب الايرانية غير المرئية (تجسس)، لكنها -المملكة- فعلت وبقوة فأفشلت العدو واذرعه وواجهتهم بقوة وحسم، ولا تزال تضرب الأوكار وتطيح بالرؤوس، وستطال نتائج ذلك كله مستقبل ثورة الارهاب بإيران، وسنرى ذلك خلال ثلاث سنوات وربما اقل بكثير.
إن المملكة اصبحت بعون الله تعالى تحتل الصدارة بالمنطقة، وفي عهد الملك سلمان يتوفر لها أمن وقوة بأفضل مما لدى كثير من دول العالم، وهي تزداد كذلك قوة وأمن وبمستويات مشرفة، يتزامن ذلك مع استقبالها للمزيد من ملايين الناس حجاجاً وزائرين، ومستثمرين وعاملين، ومع توافد مئات الشركات وقادتها من مختلف الثقافات على مدار العام.
إن النجاح السياسي والإقتصادي، والصناعي، والتنموي بشكل عام لا تقوم وتنجح بدون أمن وقوة. وهذا أحد نعم الله على السعودية. لكن ماهي القوة؟ تضحية ووعي المواطن أهم أركان القوة. صمود ورؤية القيادة عمود القوى الرئيس. وحرب الفساد قاعدة لكل القوى. والالتزام بعقيدة البلاد الوسطية قوة وأمن وسلام للعالم.
التعليقات 3
3 pings
سعدالعابسي
18/03/2018 في 10:35 ص[3] رابط التعليق
اللهم أدم على هذه الأرض الطيبة نعمك الظاهرة و الباطنة و احفظ أمنها واستقرارها و أحسن الله إليك كما أحسنت التعبير
(0)
(0)
ام يوسف
18/03/2018 في 11:16 ص[3] رابط التعليق
مقال مميز ومهم .. أعجبني استخدام الأمن الشامل
والأمن والقوة مكملان ولا يمكن فصلهما
(0)
(0)
ام يوسف
18/03/2018 في 11:18 ص[3] رابط التعليق
شكرًا سعادة اللواء مقال وطني يحلل الأمن والقوة المستقبلية التي تسعى القيادة في المملكة تحقيقها
(0)
(0)