موخرًا أصبحنا نلاحظ أننا نعيش وسط نسخ مكررّة وفي وسط مجتمع أفراده متشابهين متناسخين ، حيث يفرض هذا المجتمع على أفراده سلوك الجماعة، وثقافة “القطيع” والتطبع بنفس الطباع، والأسلوب، ويورث لهم ردات الفعل والتصرفات والأهتمامات نفسها حتى المشاعر المتشابهة التي يحكمها التقليد الأعمى والسطحية والكثرة والتفاهة التي وصلت لحد “القرف” والإشمئزاز مع الأسف. حيث تجدّ الشخص مُحمل بقناعات وأفكار وقيم لم يوجدها بنفسه، بلّ اكتسبها واستمدها ممن حوله متخذا بذلك نمطًا متكررًا يسلكه الغالبية العظمى في مجتمعه حتى يعيش حياة أسرع، وأكثر سلاسة يحظى فيها بقبول مجتمعه له وثناءهم عليه.
وقد جاء في القرآن مايدل على ذلك بقوله تعالى: ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾، وقال تعالى : ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) هكذا هي طريقة حياة الجماعة البائسة التي تلغي خصوصية العقل الذي ميزك وخصك الله به عن غيرك.
فمعايّير أفراد البيئة المشتركة وطبيعة حركة الجمهور قامت بتسطيح عقولنا وجعلت تفرد العقل البشري لا قيمة له، كما ضيقت علينا الحريات وأفقدتنا ميّزة الإختلاف ومعنى دهشة الحياة، لكن الأمر مازال بيدك أنت أرجوك لاتكنّ من أصحاب الأفق الضيق أرجوك أنقذ نفسك من هذا الوحل وأنقذنا معك من سأم التكرار حتى لا تصاب ونُصاب بأزمة الهوية والتشابه ابتعد عن التنميط وابحث في نفسك عن الدوافع والمعتقدات التي تجعلك أنتَ دون الإنصياع الأعمى لرأي وضغط الجماعة، ودائمًا حفز اليقظة الذهنية فيك والوعي لتفكك هذه العادات الفكرية السيئة التي ورثناها وقاوم كل مايعطل عقلك البشري وتميز بنظرتك وشخصيتك الفريّدة وتذكر دائمًا أنك لم تخلق لتطابق التوقعات والمقاييس التي وضعوها لك، أيضًا تذكر أن الأشياء المتشابهة وجودها لا يبني ولايشكل فارقاً في الحياة كما أكدت ذلك الرياضيات فعليًا بحذف كل عنصرين متشابهين، أعد النظر فيك أنت وفي الطريقة التي تنظر بها لهذا العالم وفي تفكيرك لتعيش كما ينبغي لك أن تعيش، بذلك سينشأ التنوع وتخرج قوة وتطور المجتمع من هذا التنوع والإختلاف المُثمر.
وأخيرا يذكر أن المجتمع المعلب ماهو إلا تطبيق لنظرية طرحها غوستاف لوبون في كتابة”سيكيلوجية الجماهير” والذي ذكر فيه بإن الفكر الجمعي هو المسيطر على الغالبية مع إغفال دور التفكير المتجرد والخروج من صندوق العادة لأجل الرؤية الأصح للواقع، وذكر أيضًا مجموعة خصائص للفرد المنخرط في الجماعة: مثل تلاشي الشخصية الواعية، هيمنة الشخصية اللاواعية وتوجه الجميع ضمن نفس الخط بواسطة التحريض والعدوى للعواطف والأفكار والميل لتحويل الأفكار المُحرَّض عليها إلى فعل بذلك لا يعود الفرد هو نفسه إنما عبارة عن إنسان آلي لا تقوده إرادته.
وبمناسبة توصيتي لكم بهذا الكتاب الرائع أوصيكم أيضًا بالبحث في اليوتيوب عن مقاطع” social proof” فهي تحتوي على تجارب رائعة لتأثير الجماعة والمجتمع في الفرد.
31/03/2018 3:26 ص
مجتمع مُعلّب!
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/6395801.htm
التعليقات 1
1 pings
مريم
31/03/2018 في 12:22 م[3] رابط التعليق
مقال رائع جدًا مثل ما عودتينا يا اخت عواطف تبهرينا كل مره .. كلمات لامست قلبي بكل ما تعنيه الكلمة
فعلًا أصبحنا متشابهيين جدًا في كل شي
أهنيييييك أنتي مميزه دائمًا .. ✨
(0)
(0)