منذ إكتمال كفاح الملك عبدالعزيز الطويل واعلانه توحيد بلادنا وتسميتها بهذا الإسم الفريد المملكة العربية السعودية وحتى هذا اليوم أي بعد ٨٨ عاما من ذلك الإعلان ونحن لم نرى ضمن اهتمام مراكزنا وآكاديمياتنا القيادية والادارية مايمكن تسميتها باستراتيجيات المفكر والمخطط والاداري والقائد عبد العزيز في شتى المجالات المختلفة وفي مقدمتها الفكر القيادي والإداري على المستويات العسكرية والمدنية.
٨٨ عام ولم نُمنهج فكراً قيادياً ولوجستياً وادارياً يُدَرّسُ للقيادات حول مراحل التوحيد التي قادها الأمير الشاب عبد العزيز وخطط لها بنفسه منذ ليلة قصر المصمك التاريخية وما رافقها من احداث محلية واقليمية ودولية. عقود خلت من الزمن ولم ننشىء علم وفن عسكري وطني اعتماداً على احداث وملاحم محلية مُشرفة لكي يتعلمها ويدرسها رجالنا وبناتنا القياديين والاداريين ويطَّلع عليها العالم وضمنها نظام التعبئة في زمن الشُح ونظام الإمدادات وآساليب الإدارة، واستراتيجيات مقاومة التضاريس القاهرة ومسالكها الشاقة التي تغلب عليها المفكر والسياسي والقائد الميداني عبد العزيز.
ويبقى السؤال لماذا على الأقل لم نُنتج حتى الآن ونضع ضمن مناهج كليات ومراكز القيادة بمختلف تخصصاتها ومرجعياتها فكر واساليب النظام الاداري والامدادي للقائد عبد العزيز خلال عمليات جمع الشتات وتوحيد القبائل والمناطق، ولماذا لا نُقر عبر البحث العلمي في أطروحات دراسة الماجستير بكليات القيادة دراسة تلك الظروف الأمنية والإجتماعية والادارية والسياسية والفكرية التي استمرت لعقود من الزمن قبل واثناء ثم بعد توحيد البلاد مباشرة.
ألسنا بحاجة الى بناء وابراز فكراً سعودياً محلياً قيادياً وادارياً يُجسد استراتيجيات الملك عبد العزيز الشاملة في كل شأن وخاصةً أنه يوجد مخزون هائل وكثير منه موثق. مع انه لا يوجد ما يمنع إطلاقاً من أن تقوم هذه المراكز والكليات بتكليف من يبني ويُعد ويقولب هذه الاستراتيجيات الوطنية بمفهوم العصر الحالي ومصطلحاته. اذاً ما هو المانع أن نُدرس في مراكزنا عبر مناهج وأطروحات آكاديمية عسكرية وأمنية فنون اللوجيستك والدبلوماسية والإدارة للملك المؤسس التي واجه بها امبراطوريات الإنجليز والعجم وبعض من العرب وغيرهم؟.
أن هذه الإستراتيجيات التي حملها فكر الملك عبد العزيز العسكري والسياسي والاداري والقيادي والإمدادي يجب أن تُدرس في مؤسسات بلادنا على المستويات القيادية ويجب وضعها بفكر المتخصصين السعوديين العسكريين والمدنيين وإقامة التمارين بالمراكز القيادية على ضوء ذلك، ومساواتها على الأقل بما نقرأه من فلسفات وطروحات لأجانب لم تقدم لنا غير التنظير وملأ الفراغ وهي في الواقع لا قيمة لها مقارنة باستراتيجيات ملك مفكر، ومخطط وقائد، أسس دولة وبنى نهضة ووحد أمة وهزم اعداء دوليين وإقليميين ومناوئين محليين. وهل يعتبر ذلك قليل؟.
لو اعتمدنا في مراكزنا لتلك الإستراتيجيات المختلفة لمراحل توحيد بلادنا وما سبقها بفكر ورؤى قائدها ومؤسسها ورجاله وشعبه الذي التف من حوله لتمكنَّا من تحقيق الكثير في مسار ترسيخ مفاهيمنا الوطنية للأجيال ولصدرناها للخارج عبر ضيوف البلاد الدارسين في مراكزنا القيادية والادارية، وهذا لا يعني الغاء او تقليص دراسة علوم العالم ورؤى مفكريه ونقاش حروبهم ونظرياتهم بمراكزنا، ولكن معها يجب ان نضع بصمات هويتنا الاستراتيجية الوطنية التي تتفوق على بعض الطروحات الاوربية والعربية.
نعم وصحيح، لقد كُتب الكثير عن المؤسس الكبير الملك عبدالعزيز رحمه الله لكن ليس ذلك المقصود بهذا المقال.