أولت المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها اهتمامًا كبيرًا بالمحافظة على البيئة وتنميتها وحمايتها، مسترشدة في ذلك بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو ويحث على العناية بالبيئة وعدم الإضرار بها والانتفاع بمواردها دون إسراف أو تفريط.
وقد أصدرت المملكة العديد من الأنظمة الحمائية، التي كلفت بها العديد من الوزارات والأجهزة الحكومية المختصة، وجهت جهودها لحماية وإنماء التراث الطبيعي لها، لا سيما الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض من الحيوانات والنباتات والطيور البرية والبحرية، فجاء إنشاء “الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها” في عام 1986م، من أجل تطبيق أفضل النظم وأكثرها فاعلية لمعالجة تدهور النظام البيئي الطبيعي وتأكيد حماية التنوع الأحيائي على المستوى الوطني والدولي، والمحافظة على الحياة الفطرية في مواطنها الطبيعية.
ومنذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أولى – أيده الله – اهتمامًا خاصًا بالمحافظة على البيئة والتنمية المستدامة، ونتج عن ذلك الاهتمام صدور أوامره الكريمة في 7 مايو 2016م بإنشاء (وزارة البيئة والمياه والزراعة) بعد ضم مهام ومسؤوليات البيئة والمياه والزراعة معا، وذلك انسجامًا مع متطلبات “رؤية المملكة 2030”.
وفي إطار اهتمام خادم الحرمين الشريفين ، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظهما الله – بالبيئة والحياة الفطرية بالمملكة، جاء الأمر الملكي الكريم بإنشاء ناديا للصقور، مشكلا أحد العلامات الفارقة التي أكدت مدى وعي واهتمام القيادة بقضايا البيئة ومفرداتها.
ويأتي إنشاء نادي الصقور السعودي منسجمًا مع رؤية المملكة 2030 ليس فقط في الحفاظ على جودة البيئة والحياة الفطرية بالمملكة، من خلال حماية الصقور وإحياء الهوايات المرتبطة بها، وإنما أيضا في الحفاظ على التراث الوطني الأصيل وغرسه في نفوس شباب الوطن، من خلال مشاركته وتفاعله في تلك الأنشطة، وترسيخ قيم ومفاهيم ثقافية وبيئية واقتصادية تتعلق بتلك الهواية العربية الأصيلة.
ويأتي تغلغل الصيد بالصقور في عمق تاريخ الجزيرة العربية، ليشكل معلماً مهماً من معالم التراث الأصيل الذي ظل يحافظ عليه أبناء المملكة جيلاً بعد جيل، مستحضرين ذكرياته عبر الرحلات البرية في مواسم “المقناص”، وعبر رمزية “الصقر” ودلالاتها في البيئة والثقافة العربية الأصيلة، وهو ما أشار إليه الأمر الملكي الكريم، حين أكد على الارتباط التاريخي للصقر بتراث وثقافة إنسان المملكة العربية السعودية، منوهًا بأهمية رعاية الصقور والمهتمين بها من خلال إيجاد رابطة تجمعهم.
ويحقق إنشاء نادي الصقور السعودي قيمة ثقافية وتراثية مهمة بالمملكة، ولذلك كان من أهم أهداف النادي “التنمية الثقافية والمحافظة على التراث”، وذلك من خلال الاهتمام بهذه الهواية التراثية الأصلية، وما يقوم به النادي من أنشطة وفعاليات ومعارض، تعمل على إثراء هذا الجانب بطريقة فاعلة تصل إلى الشباب، ونقل تلك الثقافة والهواية النبيلة للأجيال الحالية والمقبلة، وجذبهم نحو تراث الآباء والأجداد، بما يحمله من قيم، عبر أحدث الطرق العلمية الجاذبة.