في القوات المسلحة السعودية لا مجال للإسترخاء وليس هناك فراغ زمني بلا عمل، هذه القوات الجسورة تخوض المعارك على مدار الساعة وفي مقدمة ذلك معارك التدريب الشاق ومنه مباشرة الى ميادين القتال على الأرض وبالجو وعلى سطوح البحار دفاعاً عن السعودية وشعبها ومقدساتها وثرواتها ومبادئها.
والرياضة النقية ذات المضامين الوطنية هي تلك التي ينفذها رجال القوات المسلحة صاحبة الباع الطويل والسجل الناجح في اعداد وتنظيم بطولاتها المختلفة عبر مرافقها الرياضية ذات المواصفات الأولمبية مستلهمة في ذلك أن المقاتل اعداده يتطلب قوة بدنية وذهنية وسرعة بديهة ومرونة عالية.
والقوات المسلحة السعودية لا تُنظم دوراتها الرياضية من أجل تحقيق الميدليات والمراكز المتقدمة وحسب بل لغرض تربية ابناءها على مراحل التخطيط وتنسيق العمل المشترك وإجراء التمارين والمنافسات الشريفة بغض النظر عن النتائج مع تحمل مسؤولية أي قصور والخروج من ذلك بدروس مستفادة لتطوير الآداء ومنع تكرار الأخطاء فالرياضة جزء من معارك القوات المسلحة وهنا يتضح الفرق وهذه هي مفاهيم الرياضة لدى الجيوش المتمرسة ذات الاخلاق العالية في السلم والحرب.
في هذه المنافسة العسكرية الكُبرى السابعة عشرة احرزت القوات الجوية الملكية السعودية المركز الأول ودرع الدوري العام للدورة حيث فازت بعدد (١١) مسابقة من أصل (١٤) فأستحقت بجدارة شرف التتويج بالدرع العام، ولا غرابة فهي سلاح الجو وفخر الوطن، قوات تمتلك من الرجال الأشداء ومن المنظومات الأكفأ. انعم بهم وأكرم من رجال ومن قوات بقائدهم حفيد المؤسس العظيم، سمو الفريق تركي بن بندر الذي يقاتل بجانب جنوده ويقف خلف انجازاتهم، وللإنصاف فلم نأتي يوماً قبل هذا القائد ولم نغادر بعده فهو القادم الأول والمغادر الأخير في ميدان العمل. وللمواقف الصعبة قادة يستطيعون تغيير المعادلة فيحولون اليأس الى أمل والإحباط الى نجاح، وزملاء السلاح يعرفون تلك المواقف والعمل الجاد في الرخاء والأزمات.
هذه البطولة العسكرية السعودية هي الأقوى خليجياً وعربياً، ومن يعرفها عن قرب يعلم مستوى تطبيقها للمعايير الدقيقة بكل انشطتها الرياضية ويدرك انها بطبيعتها وصرامتها بعيدة كل البعد عن شوائب مختلفة ترافق بعض المنافسات الرياضية الأخرى حتى على المستوى الاعلامي.
هذه الأنشطة الرياضية العسكرية بقواتنا المسلحة زادها ألقاً وجمالاً أن رجالها لا يهتمون بالنتائج بقدر ما يسعون لتحقيق استراتيجية العمل المشترك بروح الفريق الواحد والتخطيط الناجح مثلما يخططون للعمليات الحربية ولهذا تنصهر جهود جميع الفرق التابعة لأفرع القوات المسلحة ببعضها رغم التنافس تحت مفهوم واحد وهو نخطط بدقة وننفذ بقوة ونعمل لننتصر بعون الله ثم بالتدريب يجمعنا شرف العسكرية وفروسية الصحراء العربية وبندقيتنا واحدة موجهة نحو الأعداء وما دون ذلك فهو تمرين واستعداد، وهكذا يُفكر رجال الدفاع.
الدورة الرياضية ١٧ لهذا العام أفتتحها وحضر حفلها الختامي معالي رئيس هيئة الاركان الفريق الركن فياض بن حامد بن رقاد الرويلي، وهنا نستلهم بروح الرياضة العسكرية انتصاراتنا بيوم ذي قار بشمال المملكة وبالقرب من مدينة طريف السعودية وليس بجنوب العراق كما قال من زوروا التاريخ، يوم مفصلي في تاريخنا الوطني والعربي، حيث أكد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (أنه أول يوم انتصر فيه العرب على العجم). فالمجد للعرب من بني شيبان ابطال ذلك اليوم العظيم ولأحفادهم الحاليين ربعنا وأهلنا “الروله” ذوي المواقف والشهامة ولأحلافهم الآخرين.
هذه الدورة استضافت فعالياتها الاخيرة السابعة عشرة قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي بمدينة جده. وما يميز قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي (القوات المستضيفة) الدقة في العمل كما هي دقتهم في الرماية وتفوقهم في تدمير اهداف العدو واسقاط صواريخه ومقذوفاته وطائراته المُسيرة بكل مهارة واقتدار دفاعاً عن الوطن ومقدراته. ومن المفارقات أن المشرف العام على هذه الدورة هو ايضاً أحد قيادات الدفاع الجوي الملكي السعودي اللواء الركن محمد بن عبدالخالق الغامدي وبنفس الوقت هو رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة الجهة المشرفة على رياضات القوات مما انعكس على جمال التنظيم ونجاح الدورة.
هذه البطولة الرياضية العسكرية السنوية يميزها عن غيرها ان العسكريين بوزارة الدفاع يعتبرونها معارك رياضية تتطلب شهامة المقاتلين وشرف العسكرية وروح الفريق ونزاهة العمل، ومن هنا يمارسون جميع انشطتهم الرياضية كجزء من استراتيجية التخطيط وإدارة مراحل القتال الحقيقي فتميزوا بروح وطنية ومعنوية عالية وبمستويات فنية تفوق مالدى بعض الإتحادات الرياضية.
تحية لقواتنا المسلحة بجميع افرعها ولرجالها ولعوائلهم المساندين، وتحية لمن خدموا ثم غادروا الميدان بشرف، والشكر والتقدير للرجال الذين نظموا هذه البطولة وما سبقها ولجميع الفرق المشاركين الذين كانوا على مستوى المسؤولية. والدعاء بالرحمة ومرتبة الشهادة لرجالنا الأبرار الذين قضوا في سبيل توحيد بلادنا خلف القائد الكبير المؤسس الملك عبدالعزيز ولجميع رجالنا الذين ضحوا بأرواحهم منذ حرب فلسطين ١٩٤٨م وحتى حرب عاصفة الحزم بتحالفها لطرد الفرس من اليمن.
الرياضة ليست لعب وترفيه وتنافس فقط بل هي دفاع وسياسة واقتصاد، فكيف بها وهي ضمن نهج وتنظيم قواتنا المسلحة.
التعليقات 1
1 pings
محمد الجـــــــابري
22/03/2019 في 1:19 م[3] رابط التعليق
المجــد والنصــر لقــواتنا المســلحة,,
احسن سعادتك المقال فيما يجب ان يقال,,
أستسمحك ابا منصور بإضافة خاصة “بالويلان”,,
—————————————————–
(أمجاد وبطولات قبيلة عنزة في معركة ذي قار)..
ما أجمل التاريخ حين تُقلب أوراقه لتعود للسنين التي مضت بما يحمله من فرحٍ وحزن، وما أجمل قصصه وحكاياته المليئة بالدروس والعبر، التي يستفيد منها القارئ الفطن، نظرا لاحتوائها على المواقف والصعاب التي واجهت من سبقونا واستطاعوا مجابهة كافة نتائجها سواء كانت إيجابية أو سلبية، فهي بالنهاية تأريخ مدون في بطون الكتب يستفيد منه كل قارئ للتاريخ.
وبما انني احد عشاق التاريخ، فقد وقع بين يدي كتاب «أيام العرب في الجاهلية» الذي يحكى حال العرب قبل بعثة النبي، صلى الله عليه وسلم، فذهبت فورا للفهرس لمعرفة ما يحتويه الكتاب، فوقعت عيناي على معركة «ذي قار» وهي المعركة التي انتصر فيها العرب على الفرس.
فمعركة ذي قار تحكي لنا شهامة وشجاعة «هانئ بن مسعود الشيباني» وهو من بكر بن وائل، وهي أحد بطون قبيلة «عنزة».. الذي كان سيدا في قومه، ولديه من المروءة ما لديه، فحينما قدم إليه ملك الحيرة «النعمان بن المنذر» طالبا منه إجارة وحماية أهله وسلاحه وماله ومنع «كسرى الفرس» من اخذ ابنته من حياضه، قبل إجارته وحماية ما استودعه النعمان بن المنذر إياه، حيث ان كسرى أراد إهانة النعمان بن المنذر عن طريق أخذ ابنته منه عنوة بعد أن أوغر صدر كسرى «زيد بن عدي» ثأراً لقتل أبيه الذي قتله النعمان.
فما كان من كسرى الا ان طلب من النعمان المجيء ومعه ابنته، فرفض ذلك، واستجار بقبيلة بكر بن شيبان.. لتبدأ بعد ذلك فصول المعركة التي ابتدأت بموت النعمان في سجون كسرى، وطلب كسرى من هانئ الشيباني تسليمه ما اودعه النعمان، فبرزت شهامة ومروءة بني شيبان واستعدوا لقتال الفرس، الذين هُزِموا شر هزيمة من بني شيبان «عنزة»، ليجيروا بذلك بنت النعمان ويحموها من جور وظلم كسرى.
فهذه المعركة تحكي امجاد وبطولات قبيلة «عنزة» عن طريق افرادها من بني شيبان، الذين قدموا اروع المثل في الشهامة والمروءة وإجارة الدخيل وحمايته، وهي ايضا درس من دروس القوة والمنعة وتوحيد الصفوف والكلمة، فكلما توحدت الصفوف قَوِيت القبيلة، وحين تتفرق تضعف ويسهل عليها الهوان.
فلله درُّ بني شيبان على ما قدموه من تاريخ يفتخر به كل « عنزي» بعد الانتصار الساحق على عدو العرب في ذاك الزمان، فهم سطروا امجادا وبطولات تكتب بماء الذهب، ويحق لجميع العرب ان يعتزوا بتاريخهم قديما لانهم حفروه بفضل ما قدموه من بطولات وامجاد حفظتها بطون الكتب حتى يومنا هذا.(س العنزي)
(0)
(0)