طلبت قناة ” آي نيوز” العراقية مشاركتي عبر سكايب من الرياض في برنامج “منحنى مفتوح”. والهدف الدائم من جانبي هو توجيه رسائل احترام ومودة من الشارع السعودي الى الجار الكريم المواطن العراقي، وإيضاح مواقف المملكة التي تسعى إيران وأتباعها الى تشويهها.
بدأ البرنامج ولا جديد، فالتقرير والمحتوى ضد المملكة. كان مدير الحلقة ومذيعها على الهواء هو الدكتور الخلوق المحترم “المثنى الغانمي” وبجانبه بالاستديو ضيف آخر، هو الدكتور الطيب المبتسم “حيدر البَرَزَنجي”.
حاول البرنامج منذ البداية من خلال الصديقين الآكاديميين “الغانمي والبرزنجي” تصوير المملكة وكأنها ناحية متخلفة يعيش بها مجموعة من الناس البدائيين الذين لا يتمتعون بأبسط حقوق البشر ولا يقودهم حكم رشيد. وإلى هنا والأمر طبيعي فالكاره مثلاً يحاول أن يصور من لا يحب بأبشع ما يمكن.
استمر البرنامج بمنحنياته في ظل مقاطعة مستمرة تشبه أسلوب الإستجواب من الزميل الضيف حيدر.
وفجأةً وفي أحد منحنيات البرنامج خيَّم جو من الإستغراب بل الإستهجان داخل الاستديو، حينما قلت حرفياً “لدينا حرية لا توجد لديكم”، عندها أصاب الذهول الأخ المؤدب ذو الطبع الهادئ مذيع البرنامج وضيفه الدكتور المحترم حيدر، وكانت الدهشة واضحة من لغة الجسد قبل لغة الكلام. تأكدت حينها بما لايدع مجالاً للظن، أن الصديقين فعلاً لديهما معلومات أُريد لها أن تكون بهذا الشكل، لتضع شعب المملكة بما لديه من خيرات واستقرار ونهضة وتاريخ وكرامة وحرية ومنجزات، وكأنه يعيش حياة أسوأ مما تعانيه شعوب العراق وسوريا وإيران ولبنان والصومال مجتمعة!!. فهل يمكن لعقل طالب بالمرحلة الثانوية في أي بلد عربي أن يستوعب هذا التصور؟، بل هل يمكن أن يصدقه جندي مرتزق في حشد فاطميون أو زينبيون يتقاضى مرتبه من حشود إيران وطوائفها؟.
كيف أستطيع أن أقنع المُحترَمَين الغانمي والبرزنجي، بأن الحرية الحقيقية هي التي تصون حياة الفرد وعائلته وتحفظ كرامتهم الآدمية وتوفر لهم الماء والغذاء والدواء والكهرباء بالحد الأدنى؟، وبالمناسبة هذه الأساسيات لا تتوفر للإنسان العراقي البسيط، بل انه لا يستطيع التنقل بحرية كاملة بين محافظات بلاده بسبب التصنيف المناطقي والمذهبي والطائفي التي فرضتها أحزاب ايران بالعراق!. فهل هذه هي الحرية التي تباهى بها الصديقين في ظل هيمنة طهران على مفاصل الدولة بالعراق؟.
قال الدكتور حيدر على الهواء، إن العراق هو الوحيد بالمنطقة الذي به حرية وتتوفر له الديموقراطية!.، ياللهول! كيف تغافل الدكتور المحترم بأن الأمم المتحدة قالت مراراً ان القتل بالعراق بلغ حدا لا يمكن قبوله، وكيف تجاهل أن المنطقة الخضراء ببغداد منطقة محظورة محاطة بميليشيات تحركها طهران متى ما شاءت لقصف هذه المنطقة؟. هل من الحرية أن تُقسم عاصمة العراق الى مربعات أمنية لا يسمح لكل العراقيين بدخولها؟.
كيف يقتنع الصديقين الفاضلين الآكاديميين بأن المقابر الجماعية وغيرها تحوي أكثر من مليون عراقي منذ جاءت الدبابات الأمريكية بأحزاب إيران لحكم العراق عام 2003م. هل هذه ديموقراطية أم حرية، أم أنهار من الدماء. وإذا قال أحد من العرب ان إيران تهيمن على العراق باعترافها، غضب حينها المعجبين بجمهورية الشر الخمينية، وقد لا يستوعبون أنه لا يوجد بالمملكة عصابة مسلحة واحدة يقودها مجرم عميل يرتبط بالأجنبي الذي هدفه قتل العربي وسرقة ممتلكاته، كما يجري تماماً في العراق وسوريا ولبنان التي يتواجد بها عشرات الميليشيات التابعة لإيران مباشرة.
أي حرية وسيادة يتم التشدق بها والحكومات العراقية كان يؤلفها ثم يُقرها الإرهابي قاسم سليماني، وبعد مقتله ها هو حالياً “شامخاني” يضع الشروط والمواصفات لرئيس الحكومة القادمة وتوزيع حقائب الوزراء؟!. هل هذه ديموقراطية “لو” حرية في الوقت الذي تفتقر البصرة وأغلب مناطق الدولة لماء الشرب النقي وتدفق الكهرباء لساعات متواصلة؟. ماذا أصاب العقل العربي؟!.
أين العدالة أو الحرية بالعراق مع وجود برلمان طائفي يُصنف أبناء الشعب الواحد على أساس المذهب والعرق والولاء لإيران؟!، ومن الذي وضع هذا التصنيف، هل هم العراقيون أم الهالك قاسم سليماني. كم قُتل بربكم من الشعب العراقي خلال احتجاجاته القائمة ضد هيمنة ايران وأحزابها؟. أين الحرية إذاً، وأين الأمن المجتمعي؟ بل أين المصداقية للتاريخ.
من المؤلم أن يصبح مفهوم العدالة لدى بعض الآكاديميين هو مجرد تشكيل عدة أحزاب فاسدة ترتبط بالخارج، وأن تصبح الحرية شعار للشتائم والصراخ عبر الإعلام ولعن الخصوم السياسيين لتغطية الفساد ونهب الثروات وقتل المواطن. وغريب جداً أن يكون مفهوم الحكم الرشيد بالعراق هو عنوان لتمكين ثورة إيران من الهيمنة وسحب الثروات وإنشاء حرس ثوري عراقي “الحشود” لإستعباد العراقيين والحيلولة دون استقلالهم واستخدام أرضهم ممراً للوصول الى الشام وغيرها.
الهائمين بثورة الخميني واحزابها الطائفية التي جلبتها اميركا، كيف نقنعهم بأن هذه الأحزاب التوابع هي التي جعلت من العراق دولة فاشلة بتقدير 99.1، بحسب “فورن بوليسي” لعام 2019م، ليحتل هذا البلد الغني ترتيب الفاشل الخامس عربياً والثالث عشر عالمياً. وهذا مخجل ومهين لنا كعرب.، هل هذه ثمار الحرية الفريدة التي تفاخر بها الدكتور حيدر على الهواء؟.
وبالمناسبة، أُذكّر الدكتور المثنى والدكتور حيدر بأن “الفورن بوليسي” هي مصدر غربي “محترم” ضمن الوكالات التي وصفها جنابهما بالمحترمة حين استشهدا بمصداقيتها حول انعدام الحريات والإعتقالات والإنقلابات! وغياب الأمن والرفاهية، والبناء والتنمية والتطور بالسعودية!. أليس هذا كلام غريب ومعيب لا يصدقه حتى أعداء المملكة. ومع ذلك سيتراجع الأشقاء يوما على غرار الكثير. أوجه لهما الدعوة لزيارة المملكة بلدهم الثاني، مرحباً بهما.