تطبق إسرائيل معايير دقيقة واستثنائية نحو اختيار موظفي المخابرات وأطقم سلاح الجو، ولحقت بها إيران الثورة في جانب الإستخبارات البشرية العاملة فيما وراء الحدود، مع انهيار تام على مستوى الطيران الحربي.
المخابرات العربية غالباً توظف عناصر مخابراتها من خلال ثلاثة خيارات، جميعها سيئة وكانت سبب مباشر لحدوث النكسات والخسائر.
الخيار الأول، يأتي بالتعيين المباشر للمتقدمين للجهاز بإرادتهم الشخصية، ولا يمرون بتجربة طويلة للتقيم قبل إعتمادهم كعناصر فاعلة.
والثاني، إختيار الضرورة، وهو استقطاب متخرجين من جهات ليست إستخبارية (مدنيين وعسكريين) أو سحب موظفين من جهات ليس لها علاقة بالمخابرات. وفي هذه الحالتين لا يخضعون لمعايير تقييم واختبارات. ولا يتعرضون لتمارين شاقة مبكرة لفحص ملاءمتهم. ولا يتم تدريبهم مسبقاً للعمل الأمني بعد مرحلة الثانوية العامة أو الدراسة الجامعية مباشرة.
أما الخيار الثالث، وهو الطاغي في أكثر الدول فهو التعيين بالمحسوبية حيث تُفرض عناصر غبية وضعيفة لم ولن يجدي معها أي تدريب أو تعليم مخابراتي، وهذه الفئة تتكاثر بسرعة وتتساعد فيما بينها ثم تؤول الى بعضها المهام القيادية، أو تُكلف بمسؤوليات خطرة ضمنها معرفة الأسرار وإدارة بعض العمليات. وقد تحطمت جيوش وأنهارت دول عربية بسبب هؤلاء.
والحقيقة أن الأجهزة العربية الحالية يصعب تحديث سياساتها أو تطوير فكرها، والأصعب من ذلك إستحالة التخلص من بعض موظفيها في المستويات الوسطى والدنيا.
يبقى الحل الأمثل هو بناء نواة مخابرات موازية جديدة بفكر وعناصر وهياكل وارتباط اداري مستقل في هذه الدول؛ ومن ثم محاكاة معايير إسرائيل وهذا كاف جداً للتفوق!.
وبلا شك فإن بناء جهاز جديد بمعايير دقيقة، ومنهجية حديثة هو الأسهل هيكلياً والأقل تكلفة مادياً مقارنة بمعالجة الجهاز المترهل القائم الذي ينكر ضعفه ولن يستطيع تحديث نفسه. كما أن بناء جهاز جديد لن يأخذ وقتاً طويلاً لمباشرة أعماله كما يعتقد البعض، مقارنة بمدة إعادة هيكلة القديم المُنهك، والأهم من ذلك أن العدوى لن تنتقل من الجيل القديم الى الجديد مباشرة. السعودية ومصر بحاجة الى كليات مخابرات ذات تدريب عالي لا يقل عن 4 سنوات قبل التخرج.