هذه الرسائل عنوانها “مستقبل المخابرات العربية”. بأمل أن تجد الأجيال المخابراتية القادمة طريقها الأمثل لحماية أوطانها بأي ثمن.
لم يكن اغتيال رئيس وزراء إسرائيل السابق اسحق رابين، مصادفة، بل كان مدبراً من أجهزة مخابراته، حيث قرر أحدها التخلص منه لأسباب يعرفها العرب والمستعمرين بفلسطين. والرئيس جون كندي لايزال سيناريو مقتله سراً، لا يعلم تفاصيله إلاّ جهاز CIA.
المؤسف أن أغلب الدول العربية، خاصةً دول الجمهوريات “شكلاً”، لاتعمل مخابراتها ضمن عمل مؤسسي حقيقي لحماية الأمن الاستراتيجي الوطني لتلك الدول، بغض النظر عمَّن يحكم البلاد، بل هي أداة للقائد وحزبه، مهمتها فقط حماية الحكم وتوريثه إن أمكن، أو لقمع الآخرين بالداخل والخارج؛ وغالباً ما تقوم بالمهمتين في آن واحد.
النكسات والهزائم العربية حدث اغلبها بسبب وهن المخابرات، وخضوعها بالمطلق لرغبات الزعيم. تلك المخابرات كانت متأكدة في مواقف مختلفة من وقوع الهزيمة، لكنها تعامت لئلا يغضب الرئيس ولا تتحمل المسؤولية!. في المقابل رصاصة المخابرات الاسرائيلية التي استقرت في صدر رابين، اطلقها اليهودي “إيجال عامير”، كان هدفها القومي الصهيوني، هو منع تحقيق السلام مع العرب ومنع قيام دولة فلسطينية، ولغرض الإحتفاظ بهضبة الجولان السوري ونصف البحر الميت وكامل بحيرة طبريا. والهروب من استحقاقات يجب دفعها.
اسحق رابين كقائد عسكري وسياسي، معروف بإخلاصه لإسرائيل وخدمتها منذ استزراعها، ومع ذلك وجب التخلص منه بواسطة مخابراته في منحنىً خطير من تاريخ المنطقة والعالم عام 1995م. وقد نجحت رصاصة المخابرات وبإمتياز في تحقيق هدف الفكر اليهودي الاستعماري التوسعي.
لنتصور أن رصاصة “عامير” المخابراتية استطاعت قبل ذلك منع الإنقلابيين المستبدين في العراق وسوريا ومصر وليبيا، من تنفيذ مخططاتهم ضد الملكية هناك التي هي أزهى عهود تلك الأوطان وأفضلها تقدماً واستقراراً وثقافةً، وأمن شامل!. لنتصور لو أراحت تلك الرصاصة الوطن العربي من شرور أولئك الجزارين الذي قتلوا الملايين من العرب. اتساءل فقط، ولست هنا أدافع عن النظام الملكي بتلك الدول بقدر ما أضع الصورة كما هي أمام إنسان المخابرات العربية القادم.
هل ستسمح مخابرات أمريكا وبريطانيا أو ألمانيا وهولندا، لزعماء تلك الدول بتخريب أوطانهم كما فعل معمر القذافي مثلاً وبشار الأسد ونوري المالكي وعلي عبدالله صالح ، وحمدين الدوحه؟. ولماذا هزمت إيران اربع عواصم عربية (بغداد ، دمشق ، بيروت ، صنعاء) واحتلتها حالياً، أين كانت مخابراتها الوطنية قبل ذلك، بل كيف كانت وأين هي الآن؟. الإجابة متروكة للأجيال القادمة.