لقد أصبحت عبارتيّ (الناجح محارب) و (لا يرمى بالحجارة إلا الشجر المثمر) حجابٌ يعمي بصيرة المرء عن رؤية أخطاءهوتحسينها وحاجز منيع ما بين صاحب الصنعة وبين تعلمه من تجارب من تجاوزوه مهارة وعلمًا وتجربة فيما يصنع، وحتى فيأخذه برأي الفرد العادي بعين الاعتبار والذي لا يمكن تجاهله ما دام بناءً منطقيًا موضوعيًا بعيدًا عن (الشخصنة).
شهدنا جميعًا في الأيام الماضية هجومًا لاذعًا وشديد الغرابة من ممثلة تصف منتقدي عملها الفني وأداءها التمثيلي الذي لا تخفى ركاكته وشدة سذاجته عن طفلٍ صغير بأنهم حقودين أو تم دفعهم من جهات مشبوهة بغرض إسقاطها وتحطيم فنها الكوميدي العظيم والذي ينافس في تفاصيله مسلسل فريندز الأمريكي فيما أرىوعذرًا على التشبيه فهذا فيه تقليل من شأن الكوميديا الخليجيةالحديثة حقيقة، إذ لا مثيل لها في زرع الابتسامة على وجوهنا جميعًا فلا التصرفات العشوائية الغريبة، ولا التلفظ بعباراتٍ غير ذات المعنى، ولا (التنطط) بطريقة توحي بأن الشخص مصابٌ بالمس من قبيلة جن يمكن أن يشبه تلك المسلسلات الكوميدية الأجنبية والتي بشكل بالغ الملل تملك قصة واضحة، وسيناريو كوميدي متسلسل، ونكاتٌ عبقرية ساخرة تُلقى بطريقة تخلف وراءها صراخ ضحك من يشاهدون، فكيف يمكن أن نقارن؟ على أية حال، وفيما يتعلق بهذه الفنانة الكوميدية ومن يشبه نمط تمثيلها المثير للإعجاب من زملاء مهنتها فهم يعيشون داخل هالة من الثقة المفرطة فيما يصنعونه بشكل متكرر كل عام للحد الذي لم يفلح فيه اتفاق جميع من على كوكب الأرض على تفاهة محتوى أعمالهم في إيقاظهم من غفلتهم أو هز إيمانهم في أنفسهم وهو إيمان باطل بلا شك.
يستطيع المرء أن يقول أحيانًأ نعم (الناجح محارب) حينما يكون التفاوت في الآراء حوله نسبيًا، وحينما يتلقى ردود فعل إيجابية على الأقل من بعض النقّاد المتخصصين، لكن أن يكون الجميع ضدك وما زلت تراهم أعداء يهدفون لقتل إبداعك فأنت هنا تظلم نفسك ظلمًا شديدًا وتحملها مالا طاقة لها من الحماقة والجهل.
لا عيب أن يعترف الإنسان بأخطاءه هذا مدعاة للاحترام وأول حل لكل مشكلة هي الاعتراف بوجودها، نعم يعاني الفن ومعظم القائمين عليه عندنا من أزمة فهم للكوميديا وهنا أقول (يعاني الفن والقائمين عليه) فقط فأنا لا أشمل الجمهور المتلقي في أزمة الفهم هذه، وأكاد أجزم أنه لو فتحت قنواتنا أحضانها لشبابنا الموهوبين في صناعة المحتوى خاصة لأنتجوا لنا عملًا كوميديًا ضخمًا مشرفًا نعم وأقولها بثقة تامة ينافسون فيها أكثر الأعمال الأجنبية الكوميدية شهرة، إننا نملك طاقات إبداعية مذهلة تفجرت في قنوات اليوتيوب ومقاطع الإنستقرام وحتى في تغريدات تويتر، نحن شعب مفعم بخفة الدم والكوميديا بكافة أشكالها ونفهم تمامًا معناها وكيف يجب أن تُصاغ وتُلقى. يقول الناقد عبد المجيد الكناني في حلقته الأخيرة من برنامجه الناقد –لقيمات– :”أنه من المعيب جدًا أن نرى مثل هذه المهزلة والتهريج الذي لا يحترم المشاهد على شاشة حكومية“ وأزيدُأنه من المهين أن يُسلم الأمر لمجموعة من معدومي الموهبة بينما نملك بيننا هنا عدد غير قليل ممن هم على استعداد تام في كتابة سيناريوهات مُتقنة وممثلين بارعين، ومخرجين، ومنتجين محترفين، إن شبابنا موجود ينتظر بابًا يُفتح له لينطلق، والحال أننا نرى بكل أسف شلة من المغترّين بجهلهم في مكانهم الخاطئ تمامًا وتهدر عليهم ملايين الأموال بدون أن يكون هناك ما يجعلهم يستحقون فلسًا واحدًا منها على الإطلاق.
كتبته: روان آل عبد المتعالي