مهما تأخر أوتعثر، لا مناص عن حلّ الدولتين وإعلان نهاية جمهورية الراحل علي عبدالله صالح اليمنية، وقيام دولتين مستقلتين متجاورتين بسلام، أحداهما الجمهورية العربية اليمنية كما كانت، وإذا لم يتوفر لقيادتها بصنعاء رئيس وطني قوي مدعوم دولياً فالبديل الجاهز هو حزب الإصلاح التابع لتيار الإخوان الدولي الشّرير، وحزب الحوثي الصفوي التابع لإيران الملالية، وتحتهما بقية المكونات التي أصبحت هامشية، والأخرى هي دولة الجنوب التي ستتخذ لها مسمى وشكل مختلف كما يريد شعبها، وإذا كان لدى رجالها الجنوبيين الحاليين مشروع دولة لبناء وطن تحت راية واحدة فسينجحون، وإذا ما قرروا تسليم قيادتها وإدارتها لأبناءهم جيل الشباب فسيُخلدهم التاريخ، وعليهم تذكر نتائج سياسات الجامحين العنجهيين الفاشلين سابقاً وحالياً في صنعاء ودمشق وبغداد وبيروت وطرابلس الغرب لأخذ العبرة والحذر ..
إن الحديث حول عودة الدولتين باليمن وفك الإرتباط القسري ليس جديداً، اذا ماعلمنا أن إتفاق علي صالح وعلي البيض كان مشروع فاشل، فقد ظن الحزب الإشتراكي أنها الفرصة التكتيكية الوحيدة المتاحة للنجاة وبقاء الحزب الإشتراكي ورموزه! بينما الحقيقة أنها خدعة تم بموجبها ضم أرض الجنوب وإنسانها المدني إلى ممتلكات رئيس دولة قبائل الشمال المسلحة، في ظل معطيات فرضتها ظروف وتداعيات إنهيار الإتحاد السوفييتي ومنظومته السياسية وزوال حلف وارسوا، ولم تكن وحدة طبيعية بإرادة شعبية وقومية نابعة من داخل القطرين السابقين، وكل الشواهد والأحداث والحروب الداخلية السابقة والحالية خلال تاريخ ماسمي بالوحدة تؤكد ذلك بوضوح أو تثبت عكسه لمن أرادوا المكابرة ونسف الحقائق.
وكمواطن سعودي لا أمتلك أصلاً قرار الوحدة أو الإنفصال، ولكن من المؤكد أن الحل الأمثل لليمن والجنوب وللمنطقة والعالم هو أن يستقل الشطرين عن بعضهما بكرامة لمنع أسباب التوترات والحروب الداخلية والتدخلات الأجنبية والتخلف التنموي. ومرة أخرى هذا ليس توقع أو تحليل يحتمل عدة أوجه، بل هو الحال القادم المؤكد كحقيقة الشمس التي تشرق كل يوم على عدن وصنعاء.
هذا الإنفصال الحتمي القادم يفهمه من يعي المتغيرات وصعوبة العودة لحكم الشمالي القديم المتفرعن للآخر الجنوبي المرتبك سابقاً والذي أصبح حالياً قوي ولديه معطيات مختلفة على الأرض ويمتلك علاقات دولية بشكل ما.
وهناك بالطبع من سيغيضه هذا الكلام ولا يريد سماعه كتيار الإخوان العالمي وحزب الإصلاح اليمني وثورة الخميني وميليشياتها العميلة والرعاع المتعاطفين مع الإخوان الجبناء بدول الخليج ومخاتير اليسار العربي المتخشبين وشلّة من المضطربين المتقاعدين الرابضين على منصات التواصل الإجتماعي بالمنطقة الذين يُنظرون لآلاف المنخدعين بهم وبتنظيرهم والهياط بالبكائيات على مصالح بلدانهم!.
وللمفارقة فإن تنظيم الإخوان الخبيث وثورة إيران الأخبث خططوا ونجحوا في تقسيم ماتبقى من أراضي فلسطين المحتلة عام ١٩٦٧م الى كيانين أحدهما كيان دويلة إخوانية صفوية بغزة تهيمن عليها ميليشيا حماس برغبة اسرائيل، وهذا أمر قائم معترف به إسرائيلياً وإيرانياً وامريكياً، وهناك دولة الضفة الغربية التي سيتأخر قيامها وربما تُولد بشكل مختلف بعيداً عن الذي نتوقعه جميعا بعد أن تموت قياداتها الحالية المهترئة التي تفضل الرحيل عن الدنيا والوضع كما هو دون تغيير لمنظومة الحكم وسياسة شطرنج كراسي الوظائف تحت الإحتلال.
المنافقين الإخوان ورعاعهم من العرب والصفويين الملالي وميليشياتهم يُقسمون فلسطين الى كيانين ويعارضون حل الدولتين في اليمن!.
أزعم أنني أفهم شيء من سيكلوجية الشخصية اليمنية الشمالية والجنوبية وأستطيع توقع بعض الأشياء كما توقعت عام ٢٠١١م أن إيران ستحكم اليمن بالحوثي وأن جزيرة سوقطري ستكون مجال لخلاف مفتعل وقد حدث. ومع الأسف، فإن القادم باليمن صعب جداً والطريق مليئة بأشواك الماضي التي زرعتها القيادات الفاسدة من خلال حزب المؤتمر الشعبي وحزب الإصلاح وبقية المنتفعين بالفساد، والطريق مزروعة أيضاً بألغام إيران وهي الأخطر من الأشواك والفساد. لكن النهاية معروفة ومحسومة وهو حل الدولتين مع تضحيات جسيمة سيدفعها الأبرياء الضعفاء. ولبريطانيا وبعض دول أوربا دور مؤثر قادم قد لا يتوافق مع رؤية امريكا المضطربة. والبيئة الدولية هي المؤثر الأكبر في اليمن وليست البيئة الإقليمية.
وبالتأكيد، فإن إخوتنا قبائل الشمال هُم في المجمل طيبين ويرغبون السلام والهدوء والحياة ولكن أغلب قادتهم نصابين وكذّابين وغادرين ولا ينفع معهم تقديم أي نصح سواء كانوا سياسيين أو قبليين وغالباً ما يجمعون بينهما، صم وعمي عن سماع الحق بمحض ارادتهم، وفيهم عقلاء وطنيين محترمين قد يعول عليهم مستقبلاً.. ولن تستقر الجمهورية هناك إلا بقيادة قوية تخضعهم لنظام الدولة وليس لنظام العِزب والنهب وضرب القبائل ببعضها بتدبير الزعيم نفسه الذي بحكمته سيجد هو الحل لكل خلاف!. هكذا كان الوضع لعقود.
على قادة الجنوب رسم سياسة لدولة مدنية حديثة، وعليهم تحديد نقاط الخلافات الداخلية وهي موجودة وحلّها بسرية تامة فيما بينهم وعليهم بناء إعلام وطني صادق يخاطب الداخل والخارج. وعليهم التدرج في الإستقلال فلن يحصل كل شيء في ساعات، ولا دولة تنجح بلا تضحية وإيثار ونزاهة. وعليهم بناء جسور تعاون وثقة منطقية مع برلمانات أوربا وليس مع حكوماتها. وعليهم إحترام جيرانهم باليمن الشمالي وعدم استفزازهم كما يفعلون هم معهم لعقود طويلة، وعليهم إقناع العامة في الشمال بأن قيام دولة الجنوب لمصلحة الشمال قبل غيره. وعلى الجنوبيين بناء هيكل لنظام حكم رشيد ومختلف كنموذج للدولة الحديثة في منطقة ملتهبة وقد يكون نظام ملكي دستوري مثلاً، يضمن وحدة الأرض واستقرار الدولة وبناءها ودخول مجلس التعاون من أوسع أبوابه..
هذه قد تكون مجال بحث.
القادة الجنوبيين لديكم جيش جيد وسمعة طيبة وشعب مدني لطيف فلا تطلقوا الرصاص أبداً على أي يمني أياً كان مكانه وانتماءه عدا الإرهابيين وحافظوا على هدوءكم ووحدوا كلمتكم وحاوروا اخوتكم قبائل الشمال سراً وعلانية وأكرموهم وسيأتون اليكم للمشاركة في بناء دولتكم والإستفادة من مخرجات تنميتكم القادمة، فقد أُهينوا من الحوثي وممن جاؤا به من صعدة الى صنعاء.
لقد نجحت السعودية وحلفاءها في منع سقوط اليمن بأكمله بيد إيران التي تهيمن على عدة بلدان عربية. فعلى اليمنيين في الشمال إعداد انفسهم لمستقبل جديد بقيادات وطنية شابة قوية ومحترمة تقود الجمهورية بحكمة وتمنع الطائفية والفساد والسرقات وبيع البلاد للأجنبي.
الحوثي سيشارك في الحكم وسيتغير شكلاً ولن يتغير خبثاً وارتباط بالأجنبي.
عبدالله غانم القحطاني
لواء طيار ركن متقاعد / باحث دراسات أمنية واستراتيجية.
التعليقات 9
9 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
محمد اليزيدي اليافعي
17/06/2021 في 12:42 ص[3] رابط التعليق
حفطك آللہ قلت قول الحق 😭💛
(0)
(2)
الشعبي
17/06/2021 في 10:46 م[3] رابط التعليق
كلام يجسد الواقع
(1)
(1)
Eskander
23/06/2021 في 10:51 ص[3] رابط التعليق
هذا الطرح تسطيح للازمة اليمنيه . الانفصال ليس حلا بل سيقود اليمن الى المزيد من التمزق والتشرذم وستاخذ الحرب ابعاد اخرى بدخول اطراف دولية لم تكن موجودة وستزداد معاناة الناس وسيتضرر الجوار اكثر مما هو عليه الان بمئات المرات.
الحلول الجذرية تصنعها العقول وليست العواطف والاهواء
(3)
(2)
ابو طلال
14/07/2021 في 11:40 ص[3] رابط التعليق
مقاله جميله وواقع لابد منه
فك ارتباط بين دولتين
(0)
(2)
محمد الكربي
12/08/2021 في 11:24 م[3] رابط التعليق
بقاء الهيمنة الزيدية على اليمن خطأ استراتيجي فادح وعلى التحالف اذا اراد استقرار في اليمن عليه خلق توازن قوى اولاًً بداية باستعادة دولة الجنوب وتاسيس قوى عسكرية لا تخضع للنفوذ الزيدي في تهامة واقليم سبأ واقليم الجند اما ابقاء القوة بيد عصابات الاحمر وعفاش فهو رصيد حوثي مستقبلي.
الخلاف بين القوى الزيدية الثلاث ؛الحوثي في صنعاء والاحمر في مأرب وآل عفاش هو اختلاف مصالح يمكن الاتفاق عليها بتقاسمهاوتحالفهم مجدداً متوقع عندما يشعرون بان هيمنة الهضبة الزيدية في خطر . لذا فدعم التحالف للاحمر وآل عفاش خطأ استراتيجي فادح والدليل عدم دخولهم في حرب حقيقية ضد الحوثي.
اذا توقفت الحرب في ظل توازن القوى الحالي في اليمن واذا لم يستعيد الجنوبيين دولتهم فستكون ايران قد استكملت الطوق الشيعي من مضيق هرمز الى مضيق باب المندب وما يشكله ذلك من خنق للدول العربية وهو ما يعني هزيمة منكرة للمشروع العربي وسيرفعون راياتهم على ما تبقى من عواصم عربية قريباً .
(0)
(2)
حسين محسن أحمد غرامة
12/01/2023 في 6:54 ص[3] رابط التعليق
طبعاً، وبكل تأكيد ودون أدنى شك، الحل هو في دولتين. هناك تضحيات كبيرة وعظيمة قدمها شعب الجنوب عشرات الآلاف من الشهداء من اجل طرد الاحتلال اليمني الجاهل المتخلف والاجرامي الخبيث بقوة السلاح، وأستعادة الوطن الجنوبي اليوم اصبح حقيقة على الارض ولم يتبقى إلا الاعلان الرسمي للدولة. عاش شعب الجنوب العربي حراً عزيزاً
الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والموت للمعتدي
(0)
(0)
فيصل النجار
13/01/2023 في 6:38 ص[3] رابط التعليق
كلام في الصميم .. وليس غيره حل مستدام لكل مشاكل الحنوب والبمن ؟!
احسنت القول والنشر . بورك قلمك
(1)
(0)
د. جمال العسيري
14/01/2023 في 11:04 ص[3] رابط التعليق
(اقتباس):
على الجنوبيين بناء هيكل لنظام حكم رشيد ومختلف كنموذج للدولة الحديثة في منطقة ملتهبة وقد يكون نظام ملكي دستوري.
(اقتباس):
حافظوا على هدوءكم ووحدوا كلمتكم وحاوروا اخوتكم قبائل الشمال سراً وعلانية وأكرموهم وسيأتون اليكم للمشاركة في بناء دولتكم والإستفادة من مخرجات تنميتكم القادمة.
(نهاية الأقتباس)…
التعليق:
من المستحيل ان يولد نظام ملكي في الجنوب، فالشعب الجنوب لديه نزغ ثوري والثوار لا يتحولون الى ملكيين للأسف الشديد انت تفكر بعقليه عاطفيه سعوديه، وكلامي هذا لا يعني بأنني ضد كل ما تقول، انا اتفق معاك في بعض ما ورد في مقالك واختلف في بعضه.
الشيء الآخر هو ان السعودية اقتربت كثيراً من الأخوان المسلمين طيلة الثمان السنوات الماضية ودعمتهم بقوة بالمال والسلاح واهملت الثوار الجنوبيين الحقيقيين الذين سطروا اروع المعارك البطولية لتحرير ارضهم وتحرير بعض المحافظات الشمالية كالحديدة التي كانت على بعد مرمى حجر لتحريرها بالكامل وتدخلت القوى الدولية لوقف هذا التحرير وخضعت السعودية لذلك، لو ان السعودية دعمت الثوار الجنوبيين بالدعم الذي دعمت به الإخوان المسلمين لتحررت صنعاء في اسابيع، ولكن للأسف استمرت السعودية في دعم الإخوان المسلمين لسنوات طوال وكان جزء من هذا الدعم كالسلاح يذهب عبرهم للحوثي، بينما الأموال تنهب للأستثمارات في تركيا، واستمرت السعودية في الأخطأ وأخرها كان مجلس القيادة الرئاسي بحجة تشكيل جيش اليمن السعيد وكل هذا كان وهم في وهم، فأين جيش اليمن السعيد؟ اين هو؟ وما قيمة مجلس القيادة هذا؟ غير التخلص من الشرعية الإخونجية وهذا شيء ايجابي كنا نأمله من بداية الحرب ولكن استبدلت السعودية وجه الشرعية الخبيث بوجه عفاشي شمالي خبيث آخر وورطت الجنوبيين به بألضغط عليهم بقبولهم في عدن المحرره، لماذا؟ وما الفائدة منهم؟… لا ندري..
اما نصيحتك بمحاورة قبائل الشمال سراً وعلانية وأكرامهم وادعائك بأنهم سيأتون الينا للمشاركة في بناء دولتنا فهذا شيء مضحك، يا أخي هؤلاء غدروا بالسعودية التي آمنتهم من خوف واطعمتهم من جوع وعفاش اكبر دليل على ما نقول. فقبائل الشمال جبانه معروفه بالغدر والخيانه والدليل غدرهم للسعودية وانصياعهم للحوثي وعدم مواجهتهم له وهو الذي دخل الى غرف نومهم فلا تأمل من قبائل الشمال خيراً يا صديقي.
(0)
(0)
د/مهدي سعيد باحسن
23/01/2023 في 7:45 م[3] رابط التعليق
ولا يوجد حل غيره .. الافضل ان يتركوا فرصة لللاجيال في المستقبل للكي تقرر ما يناسبها فربما تتنظج الظروف وتنشاء وحدة حقيقة على اساس وثوابت ترتكز على المساواة والشراكة في الوطن كل ما تعنيه الكلمة .. ان كانوا يعقولون ويحقنون الدماء التي تسفك من اجل قوى متنفذة تهيمن على الثروة ومقدرات الشعب .. وتمارس سياسة التجويع والافقار المتعمدة من اجل مصالح شخصية
(0)
(0)