
أكثر من غيرهم أثق كثيرًا في جنرالات البنتاجون حينما يتحدثون في العلن عن أي شأنٍ يخصُّ الأمن العالمي ودور بلادهم.
وحينما كان الرئيس ترمب يعلن سحب جميع عناصر قواته من سوريا، قلت الحقيقة ستخرج من وزارة الدفاع وقد كان. وبشكل مختلف سيتكرّر ذلك الموقف بالعراق قريبًا. أما أفغانستان فيبدو أن طالبان تتهيأ لإرسال سفراءها الجُدد لواشنطن والرياض وباريس وبكين وموسكو وطهران وإسلام أباد!.
وحاليًا بمرحلة صديقنا الرئيس بايدن يجب عدم الركون إلى حديث أغلب السياسيين هناك حيال الأمن والأحداث الأمنية والعسكرية ومشاكل الإرهاب في هذه المنطقة تحديدًا، بل يجب فهم تصريحات الجيش الأمريكي وما يقوله قادته، لأن الرئيس بصمت سيعتمده بالنهاية. نحن لسنا في عهد الرئيس جورج بوش الكبير ولا حتى الرئيس بيل كلنتون، وقد يبدو هذا الكلام غريبًا لكنها الحقيقة وما علينا سوى الانتباه والمتابعة للتأكد من ذلك.
وحين يتطرّق رئيس العمليات بالقيادة المركزية الأمريكية الجنرال “اليكسوس جرينيكيويتس” من مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بالرياض إلى خطورة طائرات الدرون المسيرة وما تشكله من تهديدات للأمن الوطني للدول، فهو حقيقةً لا يتحدث عن الأجواء الأمريكية الداخلية بل عن المملكة والقوات الأمريكية بالمنطقة ودول أخرى تتعرض واقعًا لهذه التهديدات. والأهم أن الذين يقذفون طائرات الدرون على السعودية والقوات الأمريكية في اليمن والعراق معروفين وبالدقة ومن يقف خلفهم.
الجنرال “اليكسوس” قال في ثنايا محاضرته: لقد قامت القوات الجوية السعودية “ف 15 إس ” والدفاع الجوي ” باتريوت” السعودي بأعمال قتالية استثنائية في مواجهة التّهديدات الحوثية. وكلام الجنرال صحيح لكن هذا من جانب واحد وربما بدعم محدود، فكيف لو كان ذلك ضمن تحالف سعودي أمريكي كامل ومستمر ينهي أمل المنظمات الإرهابية، وبأنه لن يسمح لها باستخدام الدرون بهذه السهولة وهذه الجرأة!.
أحقًا لا تستطيع الولايات المتحدة والسعودية معًا التعاون الإستخباري والعملياتي لتحطيم مخزون الإرهابيين من هذه المسيرات الإرهابية بالمنطقة؟!. لست متأكدًا عن العلّة. والوحيد الذي قد يجاوب ببجاحة على هذه التساؤلات هو الرئيس الأسبق صديقنا باراك أوباما!.
ثم لماذا لا يجرؤ الإرهابي الدّولي اللّبناني حسن نصر الله على تحريك مسيّراته “درون” الإيرانية بشكل أسبوعي أو يومي أو شهري إلى إسرائيل أو ضدّ الملاحة في البحر المتوسط كما يفعل الحوثي بالبحرالأحمر؟!، ربما الجواب يقبع في طهران التي تفهم المسموح لها وغير المسمُوح.
كانت محاضرة رائعة وتحمل مصداقية القادة. والجنرال لا يخبرنا عن خطر الدرون فهي تهدّدنا يوميًا ونعرف العدو خلفها، لكنه ينبهنا إلى المستقبل الأخطر والأعقد في ظروف مختلفة.
قبل عيد رمضان الأخير شرحتُ بإسهاب لوالدي الحكيم الذي تجاوز التّسعين، عن مخاطر الإرهاب والإرهابيين وما يتخذه العالم من إجراءات لمحاربتهم وإفشالهم. صمت قليلاً.. ثم قال وهو يشبك أصابعه ببعضها لستُ متأكدًا هل أنتم “العالم” تحاربونهم أم العكس!. أستأذنته وغادرت للمطار، لم أفهمه ولم أناقشه خشية سماع ما لا يَسُرّ.
عبدالله غانم القحطاني
لواء طيار ركن متقاعد / باحث دراسات أمنية واستراتيجية.