يظن البعض أن دور المرأة هامشياً في التنظيمات الإرهابية أو ليس بذلك المؤثر. والواقع أن دور المرأة واستقطابها يقع في أعلى مستويات الإهتمام لدى القادة الإرهابيين لعلمهم أن دورها هنا هو الأخطر في التجنيد ويفوق بكثير دور الإرهابي الرجل الذي يوظفها كقوة جاذبة للمتطرفين الذكور ويستخدمها لإيواء الإرهابيين والتمويه على تحركاتهم، إضافة الى إستغلال إندفاعها الجنسي كمتطرفة تعتز بهذا الدور الذي ترى أنه أيضاً جهاد يدعم الإرهابيين!، وهذا غير دورها الآخر التنسيقي لعقد صفقات التزاوج في الوسط الإرهابي للغرض نفسه ولهدف استراتيجي خطير وأبعد وهو التكاثر في بيئة التطرف والتشدد لضمان استمرار الخراب والتفجير والقتل وهناك أمثلة حيث يتواجد بالمخيمات في سوريا والعراق وخارجهما آلاف الأبناء الذين لا يحملون هوية وطنية وليس لديهم تعليم جيد ويُغذون بالكراهية والحقد وحمل السلاح ضد مجتمعاتهم التي لا تعرفهم ولا يعرفونها!.
وانطلاقاً من هذه الخطورة وهذا الإستغلال البشع للمرأة في صناعة الموت والتدمير، قام التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، مشكوراً يوم الخميس 2 صفر 1443هـ الموافق 9 سبتمبر 2021م بعقد ندوة مهمة جداً بقاعة المحاضرات الكبرى بمقر التحالف بالرياض، بعنوان (التطرف العنيف ودور المرأة فيه)، حيث قدمتا الندوة الدكتورة حياة الصبياني والأستاذة فاطمة القحطاني، وأدار الندوة الأستاذة أمل العمري.
جاءت هذه الندودة الفريدة من نوعها وفي مضمونها وبشكل مباشر على لسان المرأة ومن خلال حضورها الواثق المحترم حيث ظهر إبداعها كمسلمة تحارب الإرهاب بالفكر والكلمة من على منصة دولية مهمتها محاربة الإرهاب. كما برزت قوتها الشخصية والمعرفية وتفوق فكرها وتميز حجتها للدفاع عن الإنسان وحقه في الحياة ونشر السلام إنطلاقاً من دينها الإسلامي الجميل، ومما زاد الأهمية والمصداقية أنهما قدمتا الأرقام والحقائق والأمثلة وتحدثتا بقلب الأم والأخت والزوجة والمربية.
لقد تشرفت بحضور هذه الندوة ولم أستغرب المستوى المتقدم جداً للطرح وعمق معرفة الأستاذتين المحاضرتين ومديرة الندوة خاصة أنهن من بلادي. كما أن فكرة الندوة وإدارة محتواها وحضورها كانت موفقة وناجحة كعادة التحالف. ولفت الإنتباه جرأة الأستاذتين الفاضلتين والغوص في تفاصيل سيكلوجية وعاطفية ونفسية واجتماعية دفعت بالمرأة المضطربة للبحث عن ذاتها في بيئة الإرهاب، وهذا ما يجب فهمه في كل العالم.
هذه الندوة النوعية جاءت كأحد ثمار جهود هذا التحالف لمحاربة الإرهاب على المستوى الفكري، حيث رعاها وحضرها أمين عام التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الجنرال السعودي محمد بن سعيد المغيدي، الذي أشار الى أن الفكر المتطرف والمنحرف يحتاج إلى فكر مضاد نقي وسليم ووسطي ويمتلك الدليل والبرهان وينطلق من وسطية الاسلام العظيم ومن مبدأ أن الحياة تُعمَّر بالأمن والإستقرار قبل أي شيء آخر وهذا ما يقوم به التحالف من خلال إيجاد مبادرات مختلفة لمحاربة آفة الإرهاب من خلال مبادرات وأساليب ووسائل مختلفة غير مسبوقة على مستوى العالم حيث لا تعتمد على القوة العسكرية فقط بل تُركز على محاربة الفكر الضال بالفكر المعتدل النابع من وسطية الاسلام واعتداله وعدله ومن قوانين المجتمعات الإنسانية المتحضرة ومؤسساتها الشرعية الدولية.
عبدالله غانم القحطاني
لواء طيار ركن متقاعد / باحث دراسات أمنية واستراتيجية