لم يكن متوقعاً مثل هذا المزاج الشعبي الممتعض في الخليج العربي من السلوك السياسي الرديء للبيت الأبيض تجاهه وتجاه أمريكا نفسها!.
ولم يكن في الوارد أن يتندر إنسان الخليج العادي عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشخص الرئيس جوزيف بايدن والشماتة به وبتخبطه وكأنه ونائبته حصلا على كنز لم يتوقعانه وليس بمقدورهما إدارته وحفظه.
مابين الغزو السوفييتي لأفغانستان 1979م إلى ماقبل الغزو الأمريكي للعراق 2003م، وأغلب مواطني دول مجلس التعاون الخليجي يتعاطفون مع القضايا الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية وخاصة في صراعها مع الشرق، ومرد ذلك يعود لمصالح تلك الشعوب التنموية ودراسة أبناءهم في مراكز أمريكا وجامعاتها المتفوقة، واحترام واشنطن لدولهم وقادتهم، وأيضاً لمفاعيل الإعلام الغربي وتأثيره عليهم. هذا تفسير بسيط، قد يبدو ساذجاً لكنه الواقع.
رفضت السعودية غزو العراق واحتلاله عام 2003، وهي التي كانت تدعم مع أغلب دول الخليج المشروع الأمريكي لطرد السوفييت من كابل من خلال دعم من أكتشفنا لاحقاً أنهم منافقين لا مجاهدين كانت ولا تزال أهدافهم تنحصر على كرسي السلطة لإدارة الحروب والحصول على المال وليس الجهاد لأجل الدين والوطن. كان لنا مصالح وحققناها كاملةً كما أعتقد.
كمواطنين لسنا معنيين كيف تكون حضارة وثقافة ونفوذ روسيا أو أمريكا أو الصين، لكننا معنيين بأنفسنا ومصالحنا وكيف يتعاملون معنا ويحترمون وجودنا وموروثنا ومعتقدنا وحكوماتنا التي أرتضيناها وبايعناها. صحيح أننا عاطفيين، ويستطيع أحد رؤساء الغرب أو الشرق أن يكسب إعجابنا وربما تأييدنا بمجرد أن يقول بالعربية “سلام أليكم” أو “شوكراً”.
أشهر شوارع موسكو “أربات” مشتق من كلمة عربية هي “الرباط”، وربما بمعنى الضاحية. كل شيء بهذا الشارع يخاطب وجدان إنسان المشرق. الساحة الحمراء مكان يرتاده من أدهشته أفلام عروضها العسكرية السوفيتية، مكان بسيط ليس كما صوره الإعلام الغربي كساحة إعدامات ومشانق.
كل ذلك ليس له علاقة بما فعله الرئيس فلادمير بوتين من تعرية لقادة أوربا الخائبين وكشفه لفشل رئيس البيت الأبيض وعجزه عن تفعيل فن السياسة وعظمة الولايات المتحدة لتطمين موسكو بأن أوكرانيا ستبقى ضمن فضاءها الأمني والسياسي والاقتصادي ولن تُضم لحلف الناتو المنهزم في أفغانستان للتو. كان بايدن سيكون هو المنتصر والناتو هو المستور والروسي هو المراقب الحذر إلى حين.
جاء الرئيس الروسي فلادمير بوتين ليقود بلاده في أدق وأخطر مراحلها، جعل منها هذا الرجل محط أنظار العالم من خلال أسلوب قيادته واستراتيجية تخطيطه وإدارته وذكاءه القيادي وتحطيمه لأعداءه ببرود أعصاب لا مثيل له.
أكتشفنا لا حقاً أن مصلحة الشيشان هي في بقاءها ضمن الاتحاد الروسي وأن عدد القتلى الذي قضوا بسبب تسوية الجيش الروسي لبعض مدنها بالأرض أقل بكثير مما سيحدث لو أنفصلت وأصبحت كأفغانستان أو سوريا.
ظروف اليوم ليست كالأمس، والعالم مندهش لضعف مستوى هذه الإدارات الرعناء المريضة في البيت الأبيض خاصة فيما بعد الرئيس الأسبق بيل جيفرسون كلنتون. ولولا نجاعة فكر جنرالات البنتاجون وإلمامهم بكل الشؤون السياسية والأمنية والإقتصادية داخلياً وخارجياً ورفعهم العصاء سراً في وجوه بعض قادتهم السياسيين لأصبحت أمريكا في العشرين عاماً الأخيرة كروسيا قبل 30 عام. ليست مزحة بل حقيقة.
الخلاصة، أن رئيس دولة ناجح متزن وحكيم يستطيع حماية بلاده وتوسيع نفوذها المنطقي والنظر لما بعد حياته وحياة عدة أجيال قادمة، ويستطيع العصف بخصومه دون طلقة رصاص نحو حدودهم، هكذا رأيت فلادمير بوتين لمصلحة بلاده. في المقابل رئيس ضعيف احمق حاقد، بارع في صنع الفشل السياسي وفي تحويل أصدقاء بلاده إلى أعداء، ووضع بلاده المتفوقة العظيمة في مواقف محرجة لا تليق بها، وتبنيه لهدم القيم الإنسانية باسم الحقوق متجاهلاً حقوق أمته الأمريكية وفطرتها السليمة، هكذا الرئيس جوزيف بايدن وإدارته الذي سيسقط بلكمات بوتين وعجز الإقتصاد.
غداً ستكون أوكرانيا بحكومة هجين موالية لموسكو، وصديقة للغرب ومصيدة لمخابراتهم!. إنه الرئيس بوتين. وغداً وكل يوم سنكتشف المزيد من حماقة حكومات أوربا وتنمرهم ضد إنسان الخليج العربي لا لشيء إلا لأنه عربي مسلم، ويقاوم إرهاب إيران والإخوان. وغداً سيكتشف البيت الأبيض كم كان بإمكانه تجنيب البلاد الإحراجات والفشل السياسي وسوء العلاقات الخارجية. وغداً لا أظن أن لدى الأمير متسعاً من الوقت لاستقبال مكالمات المنبوذين الفاشلين.
عبدالله غانم القحطاني
لواء طيار ركن متقاعد / باحث دراسات أمنية واستراتيجية
التعليقات 1
1 pings
معيض اللهيبي
27/02/2022 في 8:02 م[3] رابط التعليق
في الصميم
(0)
(0)