تعايشت بعض الدول العربية مع إيران بحذر في ظل حكم الشاة البائد، فهمت عقلية ملك الملوك الفارسي محمد رضا بهلوي وطموحاته النرجسية وانفصامه عن واقع بلاده الداخلي الهش، أدركت جهلة الخطير بحقيقة مواقف حلفاءه في واشنطن ولندن وباريس حتى أطاحوه بشكل مهين وشحنوا الخميني ومرافقيه جواً من باريس إلى طهران بديلاً لنظامه ليتغير كل شيء بإيران إلى الأسوأ منذ مئات السنين، وأصبحت المنطقة العربية مهددة في أمنها وأستقرارها ووجودها وتحول إهتمامها الأول إضطراراً من التطوير والتنمية إلى التركيز على بناء القدرات الأمنية لمواجهة هذه الثورة الطائفية العنيفة، وتم إنشأ مجلس التعاون الخليجي لتوحيد المواقف ضد هذا المد الثوري الراديكالي العنصري الإيراني.
من طهران عبر أوروبا أطل الشر والخميني معاً عام 1979م، وحالاً وجدت دول الخليج العربي العربية السبع عواصمها في مرمى نيران الثورة الخمينية التي ترى أن أراضي هذه الدول مُلكاً تاريخياً لها ويجب إخضاعها بالقوة وإلحاق دول الشام الأربع ثم الإنطلاق صوب شمال أفريقيا. نجحت الثورة في تخريب كثير من الدول العربية واحتلت بعض عواصمها بعملاء هجين متأفرسين يأتمرون بأمرها. وتحالف مع الخميني الثعلب السوري حافظ الأسد وسلمّها لبنان وغدر بالعراق خلال الحرب. وبقيت السعودية حاجز الصد الثابت والمعرقل لمشاريع هذه الثورة منذ يومها الأول وخلال الحرب العراقية الإيرانية وإلى اليوم.
علينا أن نتذكر في مراكز الإستخبارات والتفكير أن الغرب الذي أطاح نظام “الشاة”، هو الذي ساعد الخميني على الإنقلاب ليحكم إيران ويخرب أمن ومستقبل المنطقة، وهو نفس الغرب الذي خطط لقيام ثورات الخراب العربي منذ 2010م، بغية تخريب ما عجزت عنه ثورة خميني. ومرة أخرى بقيت السعودية هي خط الدفاع اليقظ الذي تصدى لثورات عشوائية مدبرة في الغرب للمجتمع العربي، فدعمت دول العرب لمواجهة هذا الخراب ومنعه من أن ينجح في دول مجلس التعاون ومصر ودول عربية أخرى، ودوماً يقف بجانبها الحليف الإماراتي الثقة ذو المواقف المبدئية الثابة.
ها نحن اليوم في عام ٢٠٢٢ م، وقد مضي ثلاثة وأربعين عاماً من عمر ثورة الخميني المشؤومة، ولا أظن الثورة سيطول عهدها وهي بهذا بهذا الشكل، لكن الخطير أنها عاجزة عن إصلاح نفسها وتحتاج لمن يساعدها بعلاج الكي من الخارج وهذا له أثمان باهضة، أما الشعب الإيراني فلن يستطيع التغيير، بل سيُذبح كالعادة عند أول محاولة.
اليوم ومع هذه الضغوط ليس بإمكان القيادة الإيرانية الحالية بمرشدها المتخشب علي خامنئي التراجع قيد أنملة واحدة عن مبادىء ثورة الدجل ولا عن وعودها الهلامية بالهيمنة على العالم الإسلامي ورفع شعارات تحرير القدس ونصرة المستضعفين والإنتقام من العرب لمقتل الحسين، وتجهيز كوكب الأرض لإستقبال صاحب الزمان المختفي في السّرداب!. بل أن الثورة مستعدة لخوض أي حرب بشرط أن لا تعترف بمآزقها وفشلها الداخلي والخارجي، مع أنها منكشفة حتى أمام من خدعتهم.
الثورة وملاليها يدركون جيداً أن البيئة الاستراتيجية الإقليمية والدولية تتغير تدريجياً ضدهم وقد سئمت تصرفاتهم وتخريبهم ومشاريعهم الإرهابية، لكنها -أي الثورة- لن تصحح مواقفها ولن تغير من سياساتها تجاه داخلها والعالم. فهل تعي الثورة وملاليها أن دول المنطقة العربية لم يعد لديها مزيداً من الصبر. وإلى متى الصبر؟.
اليوم أصبح الوضع معقداً أمام أجهزة الإستخبارات بالمنطقة وخاصة بمجلس التعاون، ولإنقاذ بلدانها مطلوب منها إعداد خطط مختلفة كلياً وتنسيقها مع آخرين لغرض العمل داخل إيران مع الشعوب الإيرانية، فلم يعد بإمكان هذه الإجهزة العمل بردات الفعل ومتابعة المواقف الأممية ومراقبة التوجهات السياسية المحلية، هذا ليس نجاحاً بل النجاح إقناع السياسيين بجدوى خطط أمنية قابلة للتنفيذ عند الأمر ومُنسقة بالضرورة مع حلفاء وأصدقاء وأعداء لحماية حياة العالم من إرهاب قاتل بيده أسلحة ثقيلة في طهران. على هذه الأجهزة محاكاة عقول ألأجهزة الأمنية الإسرائلية والبريطانية والروسية والأمريكية وحتى الإيرانية، وغير ذلك ليس مجدياً.
من يعتقد أن الثورة الخمينية قابلة للإصلاح السياسي والفكري فهو في وهم، وتفكيره قديم وتقديره خاطىء. المطلوب إعداد خطط فاعلة وجريئة وتقديمها للمسؤول وليس انتظار توجيه المسؤول.
حماية الأمن القومي تأتي من قواعد الأمن الوطني المُحكم ومن التفكير الرشيد. (البيت الأبيض الإمريكي ومجالس الشيوخ والخارجية والدفاع ينفذون متطلبات الأمن الإستراتيجي والقومي بناء على ما تطرحه أمامهم الإستخبارات العسكرية والسي آي آيه). وليس العكس. ومن لم يصدق فليراقب.
دول الخليج وأمريكا جربوا كل شيء ممكن واستخدموا كل الوسائل السلمية وكل المحاولات السياسية ومختلف الضغوط وضيقوا على ميليشيات الثورة خارج حدودها، لكن كل ذلك لم يعطي ولو جزء زهيد من أي حل مأمول لإتقاء شر الحرس الإرهابي الخميني.
إذن الخيار المتبقي كحل نهائي هو الحرب. ويبدو لو وقعت فلن تكن عربية إيرانية، بل إسرائيلية عربية غربية ضد ثورة الملالي بشكل ينقذ الشعب الإيراني والعالم. لو حدثت أي حرب فليست كالحروب السابقة، وليس بإمكان أحد توقع مدتها ووسائلها وتوقيتها ونتائجها. إطاحة الثورة صعب جداً لكنه ممكن.
على العالم مساعدة هذه المنطقة لتتحول من حالة الفوضى والإرهاب والتخريب الذي تصنعه وتنفذه ثورة الشر الإيرانية إلى حالة الأمن والسلام بالمنطقة ليستقر العالم بأسره.
عبدالله غانم القحطاني
لواء طيار ركن متقاعد / باحث دراسات أمنية واستراتيجية.
التعليقات 1
1 pings
امير بن عبدالله سليهم
26/06/2022 في 3:34 م[3] رابط التعليق
ماذ تخسر ايران في حالة الحرب … فهي في القاع فلن تخسر اكثر مما هي عليه الان.
ايران ليست سوي واجهة للقوي الغربية التي تريد تحجيم المنطقة وفرض سيطرتها عليها.
استخدم الغرب تاريخيا الفرس للحد من تقدم الدولة الهثمانية غربا في اوروبا . والتاريخ يعيد نفسه للحد من قوة العرب الدينية والاقتصادية والجيوسياسية.
(0)
(2)