وُلد الفنان التشكيلي ماجد حملي حاملاً بين يديه شعلة إبداع أشعلتها أحلام الطفولة. كان شغفه بالفن يتوهج منذ نعومة أظافره، حينما كان يخط أولى محاولاته الفنية على الورق في المرحلة الابتدائية. منذ ذلك الحين، كان الفن نافذته إلى عالم مفعم بالجمال والابتكار، حيث شكل الخط العربي والفن التشكيلي بوابته نحو الإبداع الذي جعله اليوم أحد أبرز الأسماء في مجال الحِرف اليدوية والفنون التشكيلية.
الإلهام الذي ينبض من التراث
في حديثه لـصحيفة “الرأي” كشف ماجد عن مصدر إلهامه الفريد الذي ينبع من فكرة أصيلة: “إبداع التصاميم يدويًا بعيدًا عن التقنية، باستخدام خامات من عمق التراث.” بهذه الفلسفة البسيطة، لكنه عميقة المعنى، تمكن من تحويل سعف النخيل وألواح الزجاج إلى لوحات تعكس حكايات الماضي بأسلوب حديث يجذب أنظار الأجيال الجديدة.
ماجد يُبدع في فن الحرق على سعف النخل وفي النحت اليدوي على الزجاج، ليجسد مشاهد فنية تعكس التراث السعودي بأبهى صوره. يقول: “الفن ليس مجرد أشكال جميلة، بل هو رسالة تنقل روح التراث إلى قلوب الناس، وتجعلهم يشعرون بفخر الهوية الثقافية التي ننتمي إليها.”
التراث.. حكاية مستمرة
يؤمن ماجد أن التراث لا يُحفظ فقط في الكتب والمتاحف، بل يجب أن يعيش ويتنفس في حياتنا اليومية. “الفن بالنسبة لي هو الجسر الذي يربط بين ماضينا العريق وحاضرنا الحديث”، يقول ماجد، ويضيف: “من خلال الخط العربي والرسم على خامات تراثية، أجد نفسي قادرًا على إحياء ذكريات أجدادنا بلغة يفهمها الشباب، مما يعزز انتماءهم لهذا الإرث العظيم.”
تمثيل الوطن بجمالية التراث
لم يكن مجرد فنان محلي، بل تجاوزت إبداعاته حدود جازان لتصل إلى المنصات الوطنية والدولية. كانت مشاركته في الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية إحدى أبرز محطات مسيرته، حيث حمل روح جازان إلى واجهة الرياض ممثلًا المملكة ضمن 25 دولة. هناك، عرض أعمالًا جمعت بين التراث الجازاني والتقنيات اليدوية المبتكرة، ما أثار إعجاب الزوار وعزز مكانة الحِرف السعودية على الساحة العالمية.
وفي معرض “بنان 2 السعودي الدولي للحرف اليدوية”، خطفت تقنية الحرق التي قدمها على سعف النخيل أنظار الحاضرين. جسد ماجد من خلال هذا الفن شخصيات بارزة ودلالات رمزية تحمل معاني الحرية والفخر والتحول، لتصبح أعماله نافذة بصرية على تاريخنا وثقافتنا.
التحديات.. دروس للإبداع
يؤكد ماجد أن العمل على إبراز الهوية التراثية لجازان في معارضها لم يكن سهلاً. واجهته تحديات متعددة، لكن إصراره على النجاح قاده إلى تخطيها بابتكار حلول مبتكرة. “التحديات ليست عائقًا، بل هي فرصة للابتكار ووضع خطط بديلة تجعلنا نصل إلى أهدافنا بطريقة أكثر إبداعًا”، يقول ماجد بفخر.
رسالة للأجيال الجديدة
ماجد حملي ليس مجرد فنان، بل هو مرشد يلهم الأجيال الجديدة. يدعو الشباب إلى الانخراط في عالم الفنون التشكيلية والحرف اليدوية، قائلاً: “التراث هو هويتنا، وإذا أردنا الحفاظ عليه في عصر الحداثة، فعلينا أن نتعلم كيف نمزج بين الأصالة والابتكار. الفنون ليست مجرد هواية، بل هي مسؤولية، ورسالة نوجهها للعالم لنؤكد عمق ثقافتنا وجمالها.”
إنجازات تخلّد الإبداع
لم تكن مسيرة ماجد خالية من الإشادات والإنجازات. إحدى أبرز محطاته كانت عندما وضع إحدى لوحاته المنحوتة يدويًا على الزجاج، التي جسدت صورة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في مكتب أمير منطقة جازان، الأمير محمد بن ناصر. هذه اللوحة ليست مجرد عمل فني، بل رمز يعبر عن الامتنان والفخر الوطني.
مستقبل يزهو بالإبداع
أما عن طموحاته المستقبلية، فيقول ماجد: “الفن بالنسبة لي رحلة لا تنتهي، وكل عمل جديد هو خطوة نحو تحقيق رؤية أكبر. أسعى لابتكار أعمال تمزج بين التراث الجازاني والتقنيات الحديثة، لتكون رسالة للعالم بأن تراثنا يمكنه أن يعيش ويتألق في كل زمان ومكان.”
ختام ملهم
من سعف النخيل إلى الزجاج المنحوت، ومن الماضي إلى الحاضر، يقف ماجد حملي كجسر نابض بالحياة بين التراث والحداثة.
إنه فنان يؤمن أن الفن ليس مجرد أداة للتعبير، بل هو صوت يحمل حكايات الأجداد، وروحًا تعانق الأجيال، لتبقى ثقافتنا دائمًا نابضة بالفخر والإبداع.
التعليقات 3
3 pings
MAJED ALI
29/12/2024 في 1:38 م[3] رابط التعليق
أشكر الأستاذة خلود النبهان على هذا المقال الرائع الذي يعكس جوانب من رحلتي الفنية
سعيت من خلال أعمالي إلى إبراز هويتنا الوطنية بلمسة عصرية تصل للأجيال الجديدة، وسعدت برؤية هذه الجهود تُعرض بهذا الأسلوب المميز
مثل هذه المقالات تساهم في تسليط الضوء على الفن ودوره في حفظ التراث
أكرر شكري وامتناني للأستاذة خلود وصحيفة الرأي على هذا التقدير الذي يحفزني لمواصلة الإبداع @uvu07
(0)
(0)
الخطاطة شريفة الشيخ
29/12/2024 في 4:25 م[3] رابط التعليق
ماشاءالله جميل جداً ومو غريب هالابداع من الأستاذ ماجد مبدع ومتميز في كل شي تبارك الرحمن .. فخورين بوجود فنان مثلك بالتوفيق وتستاهل كل خير يارب 🙏🏻🌹
(0)
(0)
علي بن محمد دغريري
29/12/2024 في 4:37 م[3] رابط التعليق
ماشاء الله تبارك الرحمن
أبوتيسر مبدع ومبتكر ومتجدد وحافظ للتراث بالأصالة
فقك الله ونراكم من تقدم إلى تطور ورقي
(0)
(0)