في مدينة جازان، حيث تلتقي أصالة التراث بجمال الطبيعة، نشأ الفنان علي عبده طوطية، محملًا بحب عميق للفن منذ نعومة أظفاره. بين الأزقة القديمة والأبواب المزخرفة، وجد الطفل علي ملاذًا لإبداعه، محولًا كل تفصيل يلتقطه بصره إلى خطوط وألوان تنبض بالحياة. لم تكن طفولته مجرد أيام عابرة، بل كانت لوحة مليئة بالتفاصيل التي ألهمته ليصبح واحدًا من أبرز عشاق التراث الفني.
طفولة ملهمة تشكل شغفه
“كنت أحب أن أرسم أي شيء تقع عليه عيني”، يقول علي طوطية. “بدأت برسم الصور في الكتب المدرسية، لكن شغفي كان دائمًا متعلقًا بالمعالم التراثية. البيوت القديمة في جازان بأبوابها المزخرفة ونقوشها الجميلة كانت تأسرني. حتى الأبواب، كانت بالنسبة لي تحفًا فنية.”
لم يكن علي يكتفي بالمشاهدة؛ بل كان يجول في الأسواق ويتأمل الحرفيين وهم يبدعون بأيديهم. وعندما يعود إلى المنزل، يملأ كراسته بمحاولات رسم تلك المشاهد التي أذهلته، وكأنما يعيد صياغة الماضي بلغة الألوان.
الفن رسالة تعيد بناء التراث
مع مرور الوقت، تحول الرسم بالنسبة لعلي إلى رسالة يحملها في كل لوحة. “الفن بالنسبة لي هو الجسر الذي يربط الماضي بالحاضر. من خلاله، أحاول أن أُذكر الناس بجمال الأيام التي مضت وبالتراث الذي شكل هويتنا.”
يرى علي أن الإنسان الذي ينسى ماضيه يفقد جزءًا من روحه، ولهذا، يعتبر فنه أداة لاستعادة هذا الماضي بأبعاده الجمالية والثقافية.
نادي “فن وفنانين art ”: منصة للإبداع
بانضمامه إلى نادي “فن وفنانين” في الرياض، وجد علي مساحة يشارك فيها رؤيته مع فنانين آخرين ويطور موهبته. يقول: “النادي كان فرصة للتعلم والاستفادة من تجارب الآخرين. عرضت أعمالي المستوحاة من تراث جازان، ولاقت استحسانًا كبيرًا لما تعكسه من ارتباط بالماضي.”
رحلة فنية مليئة بالشغف
علي طوطية لا يرى الرسم مجرد هواية، بل نافذة يعبر من خلالها عن ذاته وأفكاره. يقول: “عندما أرسم، أشعر وكأنني أعيد ترتيب العالم من حولي. كل لوحة تحمل قصة أو مشهدًا يلهمني، وأنا أحاول أن أجعلها رسالة أمل وحنين لكل من يشاهدها.”
ختام بألوان التراث
علي عبده طوطية، ابن مدينة جازان وعاشق الفن، استطاع أن يجمع بين شغف الطفولة ورؤية الفنان الناضج. لوحاته ليست مجرد تجسيد لجمال التراث، بل هي شهادة حية على أن الماضي يمكن أن يصبح نافذة نحو المستقبل. بخطوطه وألوانه، يُعيد علي تفاصيل التراث، ويمنحها مساحة دائمة في قلوب كل من يشاهد أعماله.