
تشي ملامحه وهدوءه وصوته الشجي بثمة قيمة شعرية عالية حيث كرمه أمير الشعر والإبداع ” خالد الفيصل ” بجائزة عبدالله الفيصل للشعر العربي…مع الإشادة بقدرته الشعرية الجميلة.
أثنى عليه فنان العرب الكبير محمد عبده وعلى صوته وشاعريته وقليل من يسعدون بهذه الحظوة من أبي نوره …لأنه لا يعتاد المجاملات غالبا
عشق الطب والغور في علومه والغوص في بحاره وأجدف في زورق جراحته بذلك قافية مؤثرة كيف لمثله الذي عرف برقة الكلمة والمشاعر وعذوبة الصوت الفني أن يقتحم عالما صعب المراس برهبة غرف التشريح فيه ومعامل البحوث والتطبيق …ولكن على ما يبدو أن هذا قدره وهو الطالب المتفوق في الذكاء والمهارة وسيمارس مهام عمله جراحا في الطب قريبًا.
اليكم اضاءة على حياة شاب من أبناء محافظة بيش الجميلة بمنطقة جازان للتعبير عن أبرز الأبواب التي وصل من خلالها لكل هذه النماذج المشرقة ومفارقات متعددة.
في حوارٍ جميل يعكس الإلهام والطموح، التقينا بالدكتور عبد الرحمن محرق، الشاب الذي جمع بين الطب والشعر والموسيقى في تناغمٍ فريد. من قرية بيش في منطقة جازان، انطلق محرق في رحلته العلمية والإبداعية، متسلحًا بالشغف والإرادة، ليصنع لنفسه مكانًا بين المبدعين.
في هذا اللقاء، يحدثنا عن بداياته، وكيف استطاع الموازنة بين دراسته الطبية وشغفه بالفن والأدب، كما يتناول أثر الجوائز والتكريمات التي حصل عليها، ورؤيته لدور المنصات الرقمية في إيصال صوته إلى الجمهور. رحلةٌ مليئة بالإصرار، ورؤيةٌ تتجاوز الحدود، يرويها لنا الدكتور عبد الرحمن محرق في هذا الحوار الشيق.
* عبد الرحمن محرق، الشاب الذي يجمع بين الطب والشعر والموسيقى، حدثنا عن بداية مسيرتك في هذين المجالين وكيف تمكنت من اكتشاف شغفك في كل منهما؟
ذي بدئ هل حجب الإعلام الجازاني تسليط الأضواء اللازمة عن موهوب مثلك لمجرد انشغالك بالدراسة.
الإعلام في جازان يتسم بالتنافسية العالية والحادة في بعض الأحيان وقد يقع أحيانا بعض الحجب لغرض أو لآخر لبعض المبدعين ولكن الموهبة الحقيقية والمبدع قدره ومصيره أن يظهر والشمس لا تحجب بغربال كما يقال والحمدلله انا ظهرت وحصلت على قبول طيب جدا ولله الحمد .
– لقافية شعرك طرب وشجن ولأدائك الغنائي دفء الرمال الخضراء وموج البحر …ولإيقاع عزفك نبض من روابي تهامة.
*متى استحضرت شيطان الشعر الذي تلبسك الهاما ابداعيا ومعاني سامية في الحضور الفني والتراثي ؟
الشاعر كما يقال ابن بيئته والمبدع كذلك ولا شك أن منطقتنا الجميلة بتنوعها الجغرافي الساحر تتجلى وتنعكس على أبنائها ولعلي أحد هذه التجليات الجمالية لجازان الساحرة شيطان الشعر لعلي توارثته من الآباء والأجداد فلي جدة رحمها الله كانت تقول شعر الطارق والزيفات وكانت تحفظ منه الكثير وتسرد علي الكثير منه رحمها الله رحمة واسعة فهي أول من جعلني أستحضر الشعر في ذهني ولعلها هي من أيقظت شيطاني (الشعري).
*تحدثت في بعض مقاطع اليوتيوب وغيره وبمشاعر سامية مؤثرة عن لحظات تسلمك جائزة الشعر العربي من يد الأمير خالد الفيصل وعن ملامح الجلالة والمهابة والحضور لسموه الكريم حتى وهو يثني عليك ….
صف لنا بإيجاز شيء من هذه المشاعر اتجاه هذه الشخصية الفكرية والقيادية المهيبة والملهمة ؟
الأمير خالد الفيصل ( دايم السيف ) الأمير الأنيق صاحب الفكر الراقي الشاعر العذب الذي تأثرت كثيرا بتجربته الأدبية التي وحدت الوطن في كلمة لقائي به كان لا يوصف وأذكر أنني صافحت المجد والرقي والعظمة عندما صافحته وتلقيت الجائزة من يديه الكريمتين والثناء من فمه العذب .
* عبدالرحمن تؤمن بأن الشعر موهبة فطرية لا تحتمل التكلف والصناعة
أم أن هناك ثمة محددات أخرى محرضة كردة فعل ليطلق عليك مسمى او لقب “شاعر”؟!
لا شك الشعر موهبة كموهبة الرسم والعزف والمواهب الحسابية في الرياضيات وغيرها ولكن هذه الموهبة تمر بعدة أطوار حتى تنضج وتتضح معالمها وهذه الأطوار هي الحياة وتجاربها وشخوصها وأيامها ولياليها وفصولها الحزينة والسعيدة كذلك الشعر يتغذى وينمو بكثرة الحفظ والقراءة للشعراء الفحول من شعراء العربية الاوائل.
حتى وقت قريب كانت الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة هي الأكثر حضنا لرعاية الناشئة في الثقافة والأدب مع شيء من الوصاية لهذا المنتج الإبداعي القادم أما الآن فقد تعددت حواضن الإبداع والمشاركة والانتشار عبر مختلف الصوالين الأدبية ومجالس المقاهي والسوشل ميديا
كيف احد وضعك في الحالتين وهل ترى أن هذه الحواضن قد أنصفت أصحاب المواهب والقدرات الإبداعية منبريًا وكتابيًا ؟!
الأندية الأدبية كان لها حضور بارز في المجتمع وهي من المنابر الثقافية المميزة وكان لجميع القوالب الأدبية حضور بارز فيها بيد أن دورها تقلص وتأثر بقولبة الابداع ما بين ( حداثي ) ( وتقليدي ) ونحو ذلك مما أضر بدورها كثيرًا الإبداع لا قوالب تحده الإبداع جميل بكل أشكاله ومن محاسن الانفتاح الرقمي الذي نشهده أنه أعاد إنعاش المشهد الثقافي وسمح لكل المبدعين بطرح قوالبهم ومنتجاتهم الإبداعية وهذا شيء إيجابي جدا.
* ما قصة تواصل فنان العرب محمد عبده معكم وثناءه عليكم وهل توقعت منه هذا التفاعل ؟!
محمد عبده تغريدتنا الخالدة على مر الأجيال ومشاعرنا الصادقة التي لا تغيب عن البال محمد عبده علمنا أن نرفض المسافة والسور وأن نسافر ونحلق مع السحاب العالي محمد عبده علمنا أن لنا وطن يعلو فوق هام السُحبْ محمد عبده ملأ حياتنا سعادةً وحُبْ ، عبرت عن مشاعري هذه في أبياتٍ شعرية صادقة وما كنت أنتظر أن تصل إليه أصلا ففوجئت بتواصله وتقديره لهذه المشاعر وقد اخجلني بتواضعه كثيرا فلله دره من فنان ولله دره من إنسان.
*لك قصائد تتناقل وتسمع وتقرأ وطنية ..وتراثية وغرامية إن صحت التسمية هل لها أو لبعضها محددات مكانية او زمانية كالمدن والذكريات وهل غنيت بصوتك بعضا من أعمالك الشعرية؟
الوطن هو الطين الذي كوَّن أجسادنا ، والنسيم الذي نسج أرواحنا ، فمهما قلنا لن نوفي مثقال ذرةٍ من رماله الطاهرة ، حُبنا وانتماؤنا لهذا البلد العظيم هو أبرز محدد لهذه الأعمال الشعرية الوطنية ، نعم تغنيت بقصيدة وطنية من كلماتي بعنوان ( قِبْلةُ الأوطانْ ) وهي من ألحاني المتواضعة أيضا وقد لاقت قبول في عدة محافل بمناسبة يوم التأسيس واليوم الوطني وغيرها من الأعمال.
*وهل جازان حقا ولادة للشعراء والمبدعين والمواهب أم أن التسمية عاطفية أكثر منها موضوعية أو واقعية ؟
في جازان بين كل رديمه فُلٍّ وأخرى تُطلُّ قصيدة ، وبين كل ريحانةٍ وكاذية ينبت شاعر ، وفي كلِ وادٍ يجري أديب ومبدع ، نعم جازان ولادة للشعراء ومربية وحاضنة للإبداع والمبدعين ومن أراد أن يتأكد فليقلب صفحات التاريخ والزمن.
ختامًا ، يظل عبدالرحمن محرق نموذجًا لإبداعٍ لا تحدّه المسارات، يجمع بين مشرط الجراحة ووهج الشعر ونبض الموسيقى، مؤكدًا أن الشغف والإصرار كفيلان بصنع التفرّد.