[JUSTIFY]اِنْفِجارٌ في أَفْئِدَتُنا[/COLOR]
كنتُ أُدَاعِبُ جنين النعاس في مساءِ الإثنينِ الماضي، حينما اعترت هاتفي لَوْثَةِ رنين مستغربة، برسائلٍ، ومحادثاتٍ نصية، ومكالمات، فلا أكاد أن أتبين حقيقة ما يحدث إلا وأنا منتصب أمام الشاشة، اسْتَنْطِقُها.
الأمرُ شَنِيع، (بوسطن)، تتعرضُ للتفجيراتِ، واحتفال المارثون العالمي ينتهي بقص شرائط الأرواح.
الأخبار مبتورة، متحفظة، ويقيناً أن انفجارين قد حدثا، وأُبْطَلَ مفعول عبوات أخرى.
أفئدة أسرتي كانت تشتعل، رغم معرفتنا بأن (بوسطن)، تبتعد كثيراً عن ولاية (أوهايو)، حيث يدرس ابننا عبدالإله.
محاولات الاتصال الحثيثة به لم تُجدِ نفعاً، والأعذار قد تكون بسيطة ومنطقية، ولكن الشيطان، كان يختار لنا أشنعها.
الخوف يتعاظم، والبلابل المغردة تصبح غرباناً مبرقشة.
أوباما، يظهر على الشاشة، ويلقي خطاباً مقتضباً لتهدئة روع الشعب الأمريكي، ولتوضيح أن التحقيق لا يزال مُكتنفاً بالغموض، فتعتريني التساؤلات المحيرة، فماذا لو كان من تَسببَ بذلك من أبناءِ الجاليةِ المسلمة؟ لقد لُدِغت أمريكا من قبلِ، وكان المتسببون بها عرباً للأسف، وأغلبهم من شبابِنا المغسولةٍ أدمغتهم. وكلنا نتذكر كيفَ ساءت الحالة الدبلوماسية بعدها، حتى أن دخولنا لبلدهم أصبح التفافَ حبل سري، وولادة قيصرية.
السعودي أصبح حينها شُبهةٌ، وصارت حياته هناك مختلفة عما كانت عليه، فهو يسير تحت المِجهرِ، وضيق الخناق، وموازنة الكلمة.
وخلال الفترة، التي تبِعتْ سقوط البرجين، لم تتوقف الجهود الدبلوماسية السعودية الحثيثة لمحاولةِ إصلاح ما انكسر. وبعد سنواتٍ جبر الكسر، وعادت العلاقات إلى شبه وضعها الطبيعي، وتم فتح الأبواب مجدداً لعشرات الآلاف من الشبابِ السعودي، الباحث عن ذاتهِ، ومستقبله، وعن تميزه بالدراسةِ في أمريكا، بعد فترة رمادية من الحرص والتقنين.
ابني كغيره من طلابِ العلم، لم يتغربوا هنالك لمزيدٍ من الرفاهية، بقدر ما هي مرحلة حرجة من حياتِهم، أجبروا عليها في حمى تنافس الشهاداتِ العليا في بلدِنا.
تحدثنا مع عبدالإله بعد ساعاتٍ من القلقِ والخوف، وأخمد واقد مشاعرنا بأنه بعيد عن الخطر، ولله المِنة، ولكن ذلك لن يكون بُعداً خالصاً، فالشرار في قلوبنا سيظل يقبس، مع كل حادثة إرهاب.
لا تخرج يا ابني إلا لجامعتك، ولا تناقش أحداً فيما يجري، الكلمة قد يكون لها تداعيات، حين يسمعها من لا يستوعب، فيحصل ما لا تُحمد عقباه.
وصايا حريصة مرتعبة، وكأننا نودعه الساعة للذهابِ لبعثتهِ.
فما هي جريرتنا، وما ذنب أسر المبتعثين، وأفئدتهم تتفجر قلقاً على أحبتهم؟
لقد جنى علينا الإرهاب، وعلى ديننا، ورسم لنا صورة شيطانية في أعين الخلق، ويقيناً بأننا لسنا كذلك، وإنا أول من يزدريه، وأول من يحارب الظلام والغدر، وأول من يرفض أن يسيطر علينا مخلوقٍ بمعتقدهِ.
الله هو اللطيف السلام، وهو من يُقلب القلوب، ويهدي الأنفس، بإرادته هو، جل جلاله، وليس بمشيئتنا ومحبتنا، حتى وإن حرصنا، وهو، الذي لو شاءت قدرته لجعل الخلق جميعاً على دينٍ واحد.
[/SIZE][/JUSTIFY]