عاصر جيلنا في طريب بضعة أجيال ،هم جيل الأجداد ثم الآباء ثم الجيل الذي يليهم اذا ما اضفنا اليهم جيلين على الأقل أتيا بعدنا ... والتصنيف هنا ليس بالعمر بل بحجم التحولات الهائلة التي حدثت خلال النصف قرن الماضي وإن كانت شاملة لكل الدنيا ولكن الحديث هنا عن طريب ... جيل الأجداد والآباء كان زمنهم صراعات كبيرة وجهاد من أجل البقاء والسعي لتحقيق القدر الممكن من الاستقرار وضمان الحصول على لقمة العيش وكانت طموحاتهم نسبية ومعقولة وجل اهتمامهم ينصب على مزارعهم وأدباشهم وأطفالهم وقد تفاعلوا بإيجابيه مع وصول السيارة وماكينة استخراج الماء وفانوس الكاز ... جيلنا في صغره رآهم وشارك معهم في بعض مجريات الحياة ... في بداية أعمارنا بدأ التغيير الهائل يزحف من كل جانب رأينا انواع السيارات والطائرات وكاميرات التصوير وقدوم أجناس من البشر لم نراها من قبل ... استمر التغيير والتحول بشكل يعتبر خارج حدود التفكير ولا يزال حتى اصبحنا حالياً نتعامل مع جهاز اصغر من راحة اليد بمقدوره أن ينقل لك وأنت تحت ظل شجرة في احد وديان طريب معلومات بحجم مكتبة تحوي ملايين الكتب ، أو تستطيع بلمسة واحدة على سطح جهاز تلفونك أن ترى بيتك من الداخل والخارج وأن تشغل اجهزة ري الحديقة او المطبخ وأنت منه على بعد 7000 ميل ! ... لكننا لم نتعلم كثيراً مع الاسف عبر سنوات هذه الأجيال ولم نستشعر أن التغيير سمة وآية يدبرها ويجريها الخالق سبحانه ... ولم نستدرك مبكرا أن ذلك التغيير يجب التحسب له والتفاعل معه بإيجابية والتسليم بأن الأيام يداولها الله بين الناس وهكذا الى أن يرث الله الأرض ومن عليها ... ومن هنا نقول لجيل الاجداد السلام عليكم ونسأل الله لكم الرحمة والمغفرة وأن يعوضكم الجنة فقد عانيتم الكثير وكنتم زاهدين حتى في الأمل.
ولجيل من بقي من الآباء والاخوة الأكبر عمرا السلام عليكم واستغلوا ما تبقى من العمر في عمل الطاعات وراحة القلوب والاجساد وأنسحبوا بشرف وهدؤ لصالح ابناءكم وامنحوهم الثقة لإدارة أحوالهم وبلادهم واعلموا أن عجلة الحياة لن تعود الى الورى مطلقاً ، لقد خرجت الأمور عن سيطرتكم ولا نتمنى ذلك ولكنها الأيام التي يداولها الله بين الناس ، ابناءكم هذا زمنهم وهذه حياتهم ولم تعد لغيرهم فدعوهم يتولون امورهم في وطنهم فهم بشر مثلكم لكنهم تأهلوا لخوض تجاربهم في زمن غير زمنكم. ولا تجعلون الانانية هي ميراثكم فيحاسبكم احفادكم بعد مماتكم.
ولجيلنا والذي يلينا السلام عليكم،، لقد عاصرتم وشاهدتم تحولات رهيبة وعانيتم ايضاً في مشوار الحياة فكانت ولادتكم في زوايا غريفات البيت المظلمة أو تحت الشجر او في المراعي ثم حبوتم بلا لباس وسرتم بلا حذاء وتعلمتم الف باء تاء على حصير من خوص النخيل ثم اكرمكم الله بهذه الخيرات العظيمة وشاهدتم من التحولات مالم يشاهده أحد منذ هبوط آدم فهل تدركون وتشكرون ثم تساعدون على تجسير الهوة بين الجيل المغادر والأجيال التي ترونها تملأ الشوارع والجامعات والمعاهد وكل مكان .. وعذراً لكم فليس لجيلنا نحن مكان ويكفينا شرفا الشقاء والسحق والكبت والاتهام بأننا مجرد ارقام مستنسخة لا يعرف احدنا أن يقول قصة او سالفة في مجلس شعبي.
أماجيل النهضة العلمية والتقنية الحديثة شباب الثانوية والجامعة والمعاهد فأعلموا أن كل ما ترونه في بلدكم هو لكم وهذه فرصتكم وانتم جيل معرفي وعما قريب جداً ستكونون انتم من يتولى العمل بالشرطة والمحافظة والمدرسة والصحيفة وكل المؤسسات وهذا لن يتجاوز 4 – 8 سنوات واعلموا أيضاً أن أغلب من ترونهم الآن من جيل الآباء وجيلنا والذي يلينا لن تجدوهم في هذه الاعمال الحكومية والخيرية والتطوعية وغيرها فتعلموا من اخطاءهم واستفيدوا من تجاربهم بما فيهاعيوب ومزايا واقتربوا منهم واحذروا من مسببات الكراهية والشحناء والتعصب فلم نجني منها الا الخسارة والمعارك الفاشلة التي لا نرغب ان تقعون فيها انتم وابناءكم كما حدث لأسلافكم. ولكل شيء ثمنه فشمروا وناضلوا في ميادين العلم والتقنية فكل من سبقكم وان كانوا احياء ونحن منهم غرباء عليها وعليكم.
اللواء طيار ركن (م) عبدالله غانم القحطاني
إقرأ المزيد
البقاء لله
27/11/2014 3:11 م
0
30292
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/15172.htm
التعليقات 1
1 pings
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
27/11/2014 في 10:01 ص[3] رابط التعليق
احسنت بابرازك ما كان وما هو الحال الان
كان ياما كان في ذاك الزمان اجدادنا ك الاخوان
فقر وجهل وحرمان مع افتقاد الامن والامان
واليوم جيل المعرفه له عنوان ويحتاج للتمكين والعرفان
اشكرك ابا منصور على القيفان هذي قصيدة حب لعيالنا الغلمان
تحياتي لاعز ناصح لاهله وعياله من الحرجة الى ال عرفان
(0)
(0)