يمر الكتاب قبل أن يصل إلى رفوف دور النشر في معرض الرياض الدولي للكتاب برحلة طويلة وصعوبات جمة، توجب عليه تجاوز مناطق صراع كسورية والعراق، بأقل التكاليف الممكنة. رحلة صعبة ولكن تبقى نتائجها آمنة وجميلة.
فبسبب الحدود البرية المغلقة، يضطر ناقلو الكتاب، بعد مئات من الكيلومترات، إلى العبور به بحرا، عبر مينائي ضباء السعودي أو العقبة الأردني، بحسب الجهة التي قدم منها. في محاولة للخروج بسلام وأمان. ليستقر به المقام في حاويات معدة خصيصا على الناقلات البحرية العملاقة. لينقل مرة أخرى عبر المياه الإقليمية التي قد تؤثر – بدورها – على الورق والغلاف بسبب درجات الرطوبة العالية.
والأردن ممثلة باتحاد الناشرين الأردني تقوم بالشحن لبعض الدور اللبنانية والفلسطينية. يقول جبر محمد أبو فارس نائب رئيس لجنة المعارض في اتحاد الناشرين الأردني: “الشحن يتم عن طريق لبنان لبعض الناشرين السوريين وهم قلة قليلة جداً بسبب انتقال كثير منهم إلى لبنان ومصر والإمارات. أما بالنسبة للناشرين اللبنانين فيكون شحنهم عبر البحر في الغالب من ميناء بيروت إلى ميناء جدة ولكن هناك شحنات برية قليلة جداً بسبب الطرق البرية المغلقة بين بيروت وعمان. فضلا عن أنه غير آمن. كما أن هناك دور نشر أردنية تتواجد مطابعها بصفة دائمة في لبنان وتشحن إلى عمان عن طريق البحر (ميناء العقبة)”.
ويضيف أبو فارس: “بالنسبة لدور النشر التي تتواجد مطابعها في فلسطين يكون هناك تعاون بينهم وبين اتحاد الناشرين الأردني ليتم شحنها مع المطبوعات الأردنية، حيث يقوم اتحاد الناشرين الأردني بمخاطبة إدارة المعرض من أجل التنسيق لدور النشر الفلسطينية ليتم شحن مطبوعاتهم مع المطبوعات الأردنية. وذلك بسبب أن دور فلسطين لا تستطيع الشحن البحري دون المرور بإجراءات الاحتلال الإسرائيلي المعقدة في مجملها. ومن جهة أخرى لا يمكنها أن تقوم بالشحن البري عن طريق الأردن (جسر الملك حسين) إذ يكون مغلقا في العادة وإن فُتح فيكون هناك احتمال ضئيل لمرور المطبوعات سليمة بسبب المشاكل الأمنية”. ويختم: “إننا نعاني من مشاكل الشحن البحري فالبواخر قد تتأخر في الميناء وأيضاً قد يتم تحويلها من ميناء إلى آخر إذ ليس هناك خطة سير واضحة”.
ما بين الكلفة العالية للشحن جوا، وخطورته برا، يبقى الشحن عن طريق البحر هو الخيار الأنسب، لدور النشر، في ظل هذه الأوضاع السياسية الملتهبة من حولنا. وكأن الكتاب يأبى إلا أن يصل لعقل وقلب كل مريد. في دلالة رمزية عميقة، تنتصر للثقافة والحضارة مهما طال السفر.