في ساعات الصباح الباكر ، من على شرفة مكتبه ، وقف " ستيف ريموند " المدير التنفيذي لشركة ببسي متأملاً جمال الحديقة التي يطلُّ عليها ، في هدوء يعمُّ المكان ، وهو يستمتع بشرب قهوته الساخنة .. فجأة بدون سابق إنذار .. الهاتف يرن ! من المتصل في هذه الساعة المبكّرة ؟ رفع سماعته ليجيب وإذ بالمفاجأة التي لم يتوقعها ! متَصل لم يتوقّع اتصاله أبداً ! إنه مدير شركة كوكاكولا إنه العدو اللدود إنه المنافس الوحيد ، واكتملت المفاجأة بأن مدير الشركة يشكر السيد " ستيف " على جهوده الرائعة في شركة ببسي ، وبدأ بالمدح والثناء ، وصاحبنا في دهشة من أمره ! كيف ذلك ؟ مالذي تغير ؟ هل هو فعلاً المدير ؟ بعد كل هذا الثناء قال له : نحن أرسلنا لكم ملفات خاصة سرية جداً تخص شركة كوكاكولا بالخطأ ، وطلبنا من موظفكم أن تعيدوها مع عدم فتحها ، وبالفعل تم تحقيق الطلب ، فأشكرك أيها القائد.
أغلق السيد "ستيف" السماعة مع دهشته واتصل على المسؤول وسأله فأجاب " نعم يا سيدي ، هذا الذي حصل".
"ستيف ريموند " حقق الكثير من الإنجازات ، ساهم في رفع أرباح ببسي إلى ٩ مليارات ، وله الدور الفعّال في رفع القيمة السوقية لشركة ببسي لأكثر من مائة مليار دولار ، تدرّج من وظيفة حارس في البيت الأبيض وانتهى به المطاف مديراً تنفيذياً لشركة ببسي !
ولَك يا صديقي أن تخمن ما هو الإنجاز الذي يفتخر به ؟
كان هذا الموقف هو مثار ُفخر ستيف ، فعندما يُسألُ عن أهم إنجازاته، يسرد لهم القصة ويتباهى بها ويقول " أعظم إنجازاتي هو أنني نجحت في زراعة القيم الجميلة فيمن حولي " - القصة قرأتها من كتاب الدكتور خالد المنيف - نعم يا صديقي، عندما يرتفع سقف الجمال في الأهداف ترتفع القوات والأمنيات وحتّى الإمكانيات ! وكما يُقال " إذا كان الأجود ممكناً، فالجيد غير مقبول " النجاحات كثيرة لكن التميز هو المقصد ، والتميز في النجاح هو للأقوياء فقط، أمثالنا يا صديقي ، وهناك معنى جميل كتب عنه الدكتور محمد إقبال الخضر، هناك فرق بين النجاح والفلاح .. فالنجاح هي أن تنجز أي شيء وان كان صغيراً والمستفيد هم قلة قليلة ، أما الفلاح فهو أن تنجز شي وإن كان صغيراً لكنه بإبداع والمستفيدين منه كثر ، جميعهم موجهين لتحقيق هدف واحد وكل شخص يساعد الآخر ، مثل صاحبنا "ستيف " هو استفاد ومن حوله من الموظفين استفادوا والشركات الاخرى أيضاً استفادت . وكما قال الدكتور عبد الرحمن العشماوي " فكّر وَحَرّك عقلك المتدبرَ ... إن كنت تبغي أن تكون الأكبرَ ... واجعل موازين الشريعة رائداً ... في كل أمرٍ ، لا تكن متهوّرَ ... وانهض بنفسك للمعالي ... لا تعش متردداً متزمناً متحجّرَ " وقال الدكتور إبراهيم الفقي " دائماً أبحث عن المتميزين حتى على مستوى الرياضة البدنية "
ولا تنسَ الفلاح الحقيقي " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ*وَالَّذِينَ هُم ْعَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُروجِهِمْ حَافِظُونَ * "
صرير قلم : سوف ... أتمنى أن تمحيها من ذاكرتك .. لأنها تقتل الإبداع .
التعليقات 1
1 pings
Dr.yumna
13/11/2017 في 9:27 م[3] رابط التعليق
رائع جدا لغرس القيم في المجتمع اعظم بكثير من غرس روح المنافسه وكلاهما مطلوب لكن على مستوى من الرقي
سلمت الفكره استمر في الإبداع
(0)
(0)