جيل أفتخر بها وبقوتها وبلاغتها فحرص على تعلم آدابها وفنونها ، وألف الكتب في جمالياتها البلاغية والأدبية والفنية فكانت بالنسبة له أرقى لغات التواصل الإنساني.
ذلك الجيل الذي يتماهى مع قول البحتري عن جمال اللغة العربية حينما يقول:
من كلّ معنًى يكادُ الميتُ يفهمه ... حسناً ويعبده القرطاسُ والقلمُ
وما أجمل قول الشاعر جاك صبري شماس في قصيدته «أشرف اللغات لغة القرآن الكريم»:
لغـة حبـــاها الله حرفـاً خالداً فتضوعت عبقاً على الأكوان
وتلألأت بالضـاد تشمـخ عـزةً وتسيل شهداً في فم الأزمـان
فاحرص أخي العربي من غدر المدى واغرس بذور الضاد في الوجدان
ما كان حرفكِ من «فرنسا» يُقتدى أو كان شعركِ من بني «ريفـان»
ولئـن نطقت، أيا شقيقي، فلتقـل خيـر اللغات فصاحة القـرآن
جيل وجد في القرآن الكريم لغة من أعظم اللغات على الإطلاق قال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 193 - 195]، أي: هذا القرآن الذي أنزلناه إليك أنزلناه بلسانك العربي الفصيح الكامل الشامل، ليكون بينا واضحا ظاهرا، قاطعا للعذر، مقيما للحجة، دليلا إلى المحجة([2]).
وجيل أنبهر باللغة الإنجليزية وأعتبرها لغة فريدة لا يتحدث بها إلا اشخاص مميزون مثقفون بارعون بل والأدهى والأمر أنه أصبح يتحدث بها مع العربي مثله ومن بني جلدته وكأنه لا يفهمه ولا يعرف لغته .
وتعلم اللغة الإنجليزية من حيث هي لغة تعامل دولي ولغة من لغات العلوم التي لا غنى عنها ، لا بأس به
لكن بشرط ألّا ينسينا ذلك لغة القرآن الكريم ، اللغة الأم اللغة العربية وأن نتعلم الإنجليزية في حدود المعرفة والاطلاع ومواكبة عصر العولمة ، ونتمسك بلغتنا العربية ونفتخر بها وبعربيتنا ولا نلتفت لتلك الشعارات الزائفة والهتافات المضللة .
حين يتفاخر كثير من المتحدثين باللغة الإنجليزية في حال كانوا متقنين لها على من لا يتقنون هذه اللغة أو لا يجيدون حتى اليسير منها يعرفون مفاتيحها على الأقل من مجتمعنا لأننا ببساطة مجتمع نصفه تقريباً إن لم يكن أكثر لا يعرف عن الإنجليزية سوى”C، B، A”، بينما تجعل الكثير من دول العالم دراسة اللغة الإنجليزية منهجاً أساسياً يدرسونه باحتراف مضيفين إليه لغات أخرى.
لقد تنامى لدى البعض الشعور بالدونية لأنه لا يجيد اللغة الإنجليزية و أصبح التفاخر باللغة الإنجليزية والتحدث بها مشهداً يزعج غالبية من لا يتقنون هذه اللغة، يقول الكاتب عمار باطويل: “نلاحظ أن من يتحدث اللغة الإنجليزية يتكلم بها في مجتمعه العربي ومع العرب أنفسهم في الشارع، أو البيت أو في المحال بل وصل الحال إلى أنّ بعض الناس عندما تكون معه مقابلة ما في التلفاز أو الراديو يقوم بالمزج بين اللغة العربية وبعض المفردات الإنجليزية، وهو ليس مضطراً إلى ذلك، وحينها يضيع المعنى أو جزء من مضمون الحوار على المستمعين، فهل هي عقدة أو الشعور بالدونية تجعل الشخص يبحث عن بعض الوسائل ليشعر الناس بأنه مميز.
ويضيف باطويل: “هذا الشيوع الظاهر الحاصل في المجتمعات العربية دليل على التمايز الطبقي حتى أصبحت اللغة اليوم عنصرية جديدة لا يشعر بها إلا القلة القليلة من البشر، فكيف نفسر من يقوم بالتحدث باللغة الأجنبية في مجلس عربي وكل الوجوه والحضور عرب، فهل يوجد مبرر وراء هذا التصرف غير المقبول؟ لقد أصبحت اللغة الإنجليزية في بعض المجتمعات العربية رمزاً للتفاخر وتحولت عند البعض من لغة البحث والعلم إلى لغة التفاخر والتمايز الطبقي في اللغة، وما صفحات بعض الصحف العربية وكذلك صفحات الإنترنت، خاصة “فيسبوك” و”المنتديات” إلا دليل على ذلك الشيوع الخطير في مجتمعنا العربي الطبقي، فمن يستطيع أن يوقف التمايز الطبقي في اللغة؟”.
من الدارج على السنة العامة والمثقفين هذه المقولة : ( من تعلم لغة قوم أمن مكرهم )
لم تثبت صحتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنتثبت عند النقل فلا يجوز أن ننسب حديثًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تثبت صحته.
التعليقات 10
10 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
امــيره
07/02/2018 في 10:36 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع فعلا أصبحنا في وقت لا نعرف هويتهم
(0)
(0)
ذكرى
07/02/2018 في 11:08 ص[3] رابط التعليق
ماشاءالله فصاحتك وبلاغتك مثال يُقتدى به بغض النظر عن الموضوع الرائع كثير منا نغفل عنه
تحياتي لك أستاذه فاطمه
(0)
(0)
ايمان طيب
07/02/2018 في 12:21 م[3] رابط التعليق
دائما متألقة بكتاباتك
(0)
(0)
هديل
07/02/2018 في 12:50 م[3] رابط التعليق
احييك على هذا المقال الرائع ❤️❤️
(0)
(0)
ام عمر القحطاني
07/02/2018 في 5:56 م[3] رابط التعليق
مقائل رائع من كاتبه رائعه ،،لغتنا جميله والاجمل استخدانها مع النشئ خاصه ليتمكنو من التحدث بها في الكبر ..
(0)
(0)
ام دانه
07/02/2018 في 8:24 م[3] رابط التعليق
???? احسنت بارك الله فيك
(0)
(0)
ام زياد
08/02/2018 في 1:15 ص[3] رابط التعليق
مقال جداً رائع??♥️
(0)
(0)
أحمد القرني
09/02/2018 في 1:45 م[3] رابط التعليق
مقال جميل ورائع فاللغة العربية تستحق ذلك فهي مستودع شعوري هائل يحمل خصائص الأمة وتصوراتها وعقيدتها وتاريخها، فهي لغة فريدة في تكوينها مبهرة في تنظيمها معجزة في تاريخها بديعة في معانيها فيحق لنا أن نفخر بهذه اللغة الكنز ونوسعها بما يناسب عِظمها ويبقى تعلم اللغات الأخرى حاسة إضافية ضرورية للمسلم المعاصر، مع الحذر أن تلغي حواسه الأصلية أو تكون بديلاً عنها، فشكراً لك على هذا المقال البديع ونتطلع إلى استمرار هذا القلم الرفيع.
(0)
(0)
البتول المغربي
09/02/2018 في 11:48 م[3] رابط التعليق
مقال رائع جدًا … نحن المسلمين ما يميزنا لغتنا فإن ذهبت لغتنا أصبحنا بلا هوية ….اللغة العربية هي لغة القرآن ….. وأيضا لغة قوية جدًا ليس من السهل تعلمها وإتقانها … إذا كانا نريد زرع اللغة العربية فلنبدأ بأنفسنا ونصبح قدوة لأبنائنا … الأهتمام باللغات مهم لكن لا ينافس الإهتمام بلغتنا …. فلنجعل شعارنا لغتنا مصدر قوتنا واعتزازنا بديننا ….
(0)
(0)
سعاد العسيري
26/02/2018 في 5:46 م[3] رابط التعليق
مقال رائع واختيار اروع فعلاً اللغه العربيه لغة مميزه وماتطرقتي له كان في الصميم لان اللغة الانجليزية في بعض المجتمعات وأحياناً اللقاءات التلفزيونية مصدر مباهاة ??
(0)
(0)