في جميع مراحل حياتنا نقابل الكثير من الناس ومن مختلف الأعمار والجنسيات لكل منهم شخصيته وثقافته وقناعاته ومبادئه
من الطبيعي جدا أن نظرتنا للآخرين قد تختلف ونحن في مقتبل العمر ولكنها أشد ما تكون ثابتة بعد سن النضج مالم يصدمنا الآخر بموقف عنيف يزلزل معه ثقتنا به وبغيره.
غالبا الكثير يُخدع في المقابلة الأولى وفي تكوين انطباع مبدئي فالناس تحرص هلى أن تظهر بالمظهر اللائق من خلال انتقاء مفرداتها وتمرير افكارها وحتى مظهرها الخارجي لتبدو جميلة انيقة ومتحدثة بارعة او حتى رقيقة وخجولة وهي عكس ذلك تماما ، من الخطأ الفادح أن تطلق حكما مبكرا على الشخص من لقاء واحد أو لقائين أو حتى من عدة لقاءات فالكثير منا يتجمل أمام الناس وإن لم تكن طباعه وسلوكياته هي ذاتها التي يعرفها عنه المقربون لن اتحدث عن كاتب من خلف شاشة جوال او كمبيوتر أو صفحة كتاب يقرؤها الآخرون ولن أتحدث عن مذيع يخاطب الجميع أعزائي المستمعين أو المشاهدين وهو لا يعرفهم ولن أتحدث عن مشاهير تعنيهم أعداد المتابعين فقط ولا يعنيه من هم ولا ماذا يقدم لهم !! بل دعوني أتحدث عني وعنك كيف لنا أن نميز الآخر وكيف نكوّن الانطباع الأول عنه بلا اندفاع أو انبهار بشخصيته من حديثه أو ما يبديه لنا ، القاعدة الأساسية التي يجب أن نرتكز عليها هي الدين والخلق وما عداها فهي طباع مكتسبة قابلة للتغير وفق ما يواجهنا من مواقف ، فبيننا من لا يكذب ولكنه يتجمل وبيننا المراوغ المتعمِد وبيننا المنافق عليم اللسان وبيننا المجامل اللبق وبيننا الخجول الغامض وبيننا الصريح الواضح وبيننا أيضا وهو (( الأجمل )) من جعل من محمد صلى الله عليه وسلم قدوته والسلف الصالح نبراسه حتى وإن لم يظهر لنا ذلك اذ غالبا اللقاءات القصيرة والمحدودة لا تمكننا من اكتشاف هؤلاء الانقياء وهنا تبدو مسألة التمييز صعبة لاسيما ونحن نتعجل الحكم واصدار جوازات العبور الى قلوبنا ولا نفيق من غفلتنا إلا في موقف تظهر لنا حقيقة الشخص فنبدأ نضرب أخماس في أسداس وتأكل قلوبنا الحيرة والوجع كيف اخترنا هؤلاء ومنحناهم ثقتنا ؟ كيف لم نستطع أن نعرف تلونهم وخداعهم!؟
الانطباع الأول متعجل جدا نعم قد نرتاح ونثني ونظن ونعتقد ولكن ليس كل هذا حجر الزاوية لبناء الثقة فالانطباع الأول قد يكون ستارا شفافا اختبأ خلفه شخص مراوغ لم نكن حذرين منه حتى أدمى قلوبنا ونسف ثقتنا في دقة اختيارنا وفي الآخرين .
كن حذرا من الانجراف خلف وهج اللقاء الأول فليس كل ما يلمع ذهبا .