بعد زيارة سمو الأمير خالد بن سلمان إلى واشنطن ظهر للحديث عن أول زيارة مرتقبة ستكون من جو بايدن للمملكة العربية السعودية والتيسيقدم فيها بايدن ضمانات عدة أبرزها قضية تيران وصنافير.[1] وملف خاشقجي ووجوب إنهاء حرب الوكالة في اليمن وإعادة تصنيفالحوثيين لقائمة الارهاب وتجديد الإلتزام بتسوية تتناسب مع مصالح الرياض وقوى التحالف، وإنهاء التهديدات الإيرانية وقطع الاتفاقالنووي الإيراني..
.[1] تيران وصنافير جزيرتين سعوديتين احتلت سنة ١٩٥٦ من اسرائيل إبان العدوان الثلاثي منحت لمصر الشقيقة من أجل القضاء علىالكيان الصهيوني هناك وتطهيره وبدأ الانسحاب الاسرائيلي منها سنة ١٩٨٢ وظلت الجزيرة تحت حماية الإدارة المصرية، يتواجد بها حالياًقوات دولية متعددة الجنسيات لحفظ السلام وبحسب ما تنص عليه اتفاقية كامب ديفيد..
والحقيقة أن هنالك سببين آخرين يؤديان لحتمية هذا اللقاء الأول هو ما قالته بعض المصادر بشأن تسليم سعد الجبري
للسلطات السعودية وتحت حكم القضاء السعودي وتسوية وضعه القانوني واستعادة المبالغ التي تم اختلاسها وأن هذه التسوية أتت نتيجةالملاحقة القضائية التي قامت بها السعودية ضد الجبري، و أن تسليم الجبري نفسه هي مقدمة للتراجع الأمريكي كونها أهم الضماناتالتي ستقدمها الولايات المتحدة للسعودية ..
وقضايا مختلفة ترغب إدارة بايدن حسمها مع الرياض لكسب الثقة وللمضي قدماً في العلاقات السعودية الأمريكية..
أما النقطة الثانية وهي أن الإدارة الأمريكية ترغب بهذه الزيارة كون المملكة السعودية قائدة مجلس التعاون الخليجي ورئيس مجلس التعاونفي دورته الحالية ولاجتماع مزمع عقده مع الرئيس الصيني و دول مجلس الخليج لبحث وسائل قطع وجود أمريكا عن الشرق الأوسط وفشلفكرة الاعتماد على أمريكا كحليف تقليدي مقارنة بفشله في جميع القضايا المهمة والحساسة في الشرق الأوسط والخليج تحديداً وهذا مايسابق بايدن الوقت لأجله..
حيث أقدمت السعودية على خطوات جدية لتعزيز شراكتها مع روسيا والصين في تحدٍ للإدارة الأمريكية بشكل غير معتاد إن لم يكن الأول مننوعه لكنه مرتبط بشد الحبل على الثقل الأمريكي لأكثر مما يحتمل بايدن..
ولا زالت المملكة العربية السعودية تعلم جيداً كيفية طرح أوراق القوة التي أصبحت بين يديها..
وأهمية استغلالها في ظل المتغيرات الجيوسياسية التي عززت من خلق فرصة تاريخية تمكن الرياض من تأكيد قوتها الاقتصادية وهيمنتهاالمطلقة..
و لكن لماذا يعتزم بايدن إعادة ضبط العلاقات الأمريكية السعودية الآن؟ وهل هي زيارة نفطية أم نووية؟
وما أوراق الضغط السعودية على واشنطن..؟
لا يوجد صوت الآن يعلو على صوت زيارة بايدن ما بين قابل ورافض وما بين من يرى أن هذه الزيارة يجب أن تتم
و أول أسباب هذه الزيارة هي محاولة أمريكية لتعسير ولادة تحالف دول "بريكس" الاقتصادي والذي تترأسه الصين وروسيا وعدم دخولدول الخليج في هذه المجموعة..
بعدما تنبهت الصين ومعها روسيا إلى ضرورة تشكيل تحالف اقتصادي سياسي يواجه تحالف الدول الصناعية السبع الكبرى خاصة معتقصد الولايات المتحدة والغرب استبعادهما بسبب أنهما دولتين غير ديموقراطيتين..
ثانياً : هو ثني الرياض ودول الخليج عن موقفهم الصادر في رفض الإملاءات الأمريكية بشكل ألطف وحذر بنفس الوقت وضرورة الصف معالغرب ضد روسيا ومحاولات مستميتة لإخراج الرياض من تعهدات اوبك يتمثل التحول الأبرز فيها بقبول السعودية الليوان الصيني بديلا عنالدولار الأمريكي في مبيعات النفط لبكين .. فالأمر لن يقتصر على الصين وحدها وسيشمل بلداناً أخرى لا تحبذ التعامل بالدولار..
كما أن أسواق النفط العالمي ستدخل عهداً جديداً تتحول خلاله من التعامل بالدولار إلى اليوان الصيني ما يسبب ارتفاع هذه العملة ..
وعلى الصعيد السعودي فإن هذا القرار سيجنب المملكة آثار التغيرات العنيفة التي تحدث للدولار من وقتٍ لآخر على أسعار وارداتها منالخارج..
وبشكل واضح وعلني وجهت السعودية للرئيس الصيني زيارتها و جاءت الدعوة مع وقت تحالف بكين مع موسكو ما صعّد غضب واشنطن..
وللزيارة طابع اقتصادي واستراتيجي أيضاً من وجه آخر من خلال حرص بلد بوزن السعودية أن يجعل الوجه الجديد للعالم متعدد الأقطابفالزيارة لها دلالاتها خاصة في الظرف القائم ..
والمملكة بحاجة للبحث عن شراكات أكثر متانة وانفتاحاً على مصادر جديدة ، في ظل تحديات للأطراف الدولية كما أثبتت الأزمة الأوكرانيةالحالية..
فما يجري عندما نتحدث عن إعادة تقييم ليس تخفيض أو قطع ولكن تصحيح للعلاقة بعد أن ذهبت باتجاه الشخصنة في ظل الرئيس بايدنوالذي تجاوز الثوابت الامريكية.. فثمة اعتبار هام لعلاقة كلا البلدين..
ما بعث للولايات المتحدة وجوب تدارك الأمر وأن واشنطن بحاجة لاتخاذ مواقف جادة لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها مع دول لا يمكنالاستغناء عنها خصوصا أنها دول مؤثرة ليس فقط في الدول العربية والشرق الأوسط بل في العالم..
و أن هذه الأهمية تؤكد نجاح المملكة العربية السعودية في شق طريقها بشكل قوي وملفت بعدما قامت بتحديد أوراق الضغط ونجحت فياستغلالها ..
وتكملة لهذا الصدد تعتبر صحيفة نيوورك تايمز أن الزيارة المرتقبة يعتبر تغيراً في موقف الإدارة الديموقراطية التي حاولت منذ وصولها للبيتالأبيض تجاهل الدور المؤثر للمملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وتحدثت صحيفة واشنطن بوست بدورها عن هذه الزيارة و التي ستكون بمثابة إعادة تقويم العلاقات ووجوب طي الخلافات دون الذهاب إلىحد القطيعة ويرى محللون أن اللقاء القادم يكشف عن الدور المهم للسعودية بعدما أيقنت واشنطن أن مصالح القوى الأمريكية ستكون فيخطر بعدما تغيرت البوصلة السعودية إلى الشرق..
وأنها يجب أن تعود العلاقات كما كانت وقت دونالد ترامب وأكثر
وفي ذكر ترامب الذي لازال يطلق تصريحات في الشأن الأمريكي نكاية بالحزب الديموقراطي إلا أنه لازال متنبئ جيد في الأحداث علىكافة الأصعدة والذي علا نجمه نظير منافسه بايدن للانتخابات القادمة وإعادة بث لقاءات سابقة له عبر القنوات والصحف عن جميع أراءهالتي تم تجاهلها وعن مدى إدراكه لخطورة ما تؤول إليه الأوضاع في الوقت الراهن على سبيل المثال تم تداول مقالات قديمة عن أراءالجمهوري ترامب عندما طلب قبل عشرون سنة من الإدارة الأمريكية إنسحاب القوات من أفغانستان و إلا فسيخرجون منها بشكل مخزٍ لايليق بحجم قوة عظمى كأمريكا وهذا ما حدث
كان أيضاً من الرافضين لغزو العراق حين أبدى اعتراضه بأن هذه الحرب سترفع كفة القوى الإيرانية المتطرفة في المنطقة ما يخلف دماراًهائلاً وزعزعة أمنية في الشرق الأوسط بالكامل وبالفعل تحقق كلامه في أرض الواقع، وأخيراً وفي ملف غزو روسيا وأوكرانيا يقول أن روسيالو فاض بها الكيل فستحسم الحرب بهجوم نووي التكتيكية والمعروفة بدمار نووي ذات تأثير تدميري محدود ..
كما أنه قال أن الإدارة الأمريكية ليست ذكية بما تفعله من دعم لأوكرانيا ما يخلق تصعيداً سيُنهي حرب أوكرانيا بحرب نووية..
وأن أنسب طريقة من أجل الوصول لحل سلميّ هو عدم تهديد روسيا أو الصين بشكل دائم ولا أن يظهر الأمريكان وحلف الناتو خائفينراغبين في عقد تفاوضات بشكل دائم بل أن ننظر فقط للمصالح المشتركة ونحققها طبقاً لقوة جميع الأطراف..
كما أن أمريكا يتم استنزافها بهذه الحرب عندما قامت بطباعة ٣٣ مليار دولار وقامت بوضع شيك مفتوح للقوات الحكومية الأمريكية لتمويلحرب أوكرانيا..
و هنالك أصواتاً أوروبية صرحت أن واشنطن تعمدت دعم أوكرانيا ليس من أجل إنقاذها وإنما لإغراق الاتحاد الأوروبي واقحامها في هذهالأزمة.
وجعلها تعاني من الاستنزاف الأمريكي خاصة بعد وجود مطالبات تهدف إلى خلق تكتل سياسي وعسكري بعيد عن حلف الناتو..
'إلى الصين مرةً أخرى'
و سؤال مفاده هل الصين حليف آمن ؟
خاصة مع وجود اتفاقيات مهمة بينها وبين طهران وبما يسمى "الاحتلال المقنع" بين البلدين والتي وقعتها الصين مع إيران حيث كانتتنطوي على تعاون دفاعي وعسكري واستخدام اراضي ايران من أجل المصالح الصينية وتبادل الخبرات العسكرية ومكافحة الارهاب ،وامتدت الاتفاقية ل٢٥ سنة ولازالت ..
فواجب أن نعلق هنا بنقطتين مهمتين :
أولها أن الاتفاق النووي مع إيران والتي فشلت واشنطن في إتمامها حسبما أرادت والذي تجهل طهران أن من مصلحة الدول المتحالفة معهاهو ابقاؤها داخل نطاق العقوبات وليس في خارجه فتعرضها للعقوبات يجعل كل من روسيا وتركيا والصين في وضع أقوى لفرض شروطهمعلى إيران لأخذ المواد الخام او النفط او مساعدة طهران في الالتفاف حول العقوبات بمقابل اقتصادي ومادي ضخم..
فلا يوجد مستفيد من وجود إيران خارج دائرة العقوبات وأن يأس طهران هو ما دفعها الى أحضان الصين المتقدمة تكنولوجيا والمتعطشة إلىالنفط والتقاء المصالح بين بكين وطهران ليس وليد اللحظة..
بحثت الصين مع إيران لما بعد الاتفاق النووي وحبل التحالف المستنزف لها سيجعلها أضعف حتماً، وهذا ما ساعد الصين من تقريب وجهاتالنظر بين إيران والخليج ومحاولة الوصول لاتفاق نهائي وسلم حتمي في المنطقة مع تعاون اقتصادي ما سيعجّل من اندماج الصين أكثر فيالشرق الأوسط و الغاية من كل هذا التقارب والمساعدات ملخصه إن كان الاستثمار الصيني سيؤمن حياة أفضل لاقتصاد الدول فلماذاسيرفضون؟ الصين هذه المرة ستدفع وتتوسع أكثر دون أن تسفك الدماء أو أن تطلق الصواريخ والرصاص..
و يمكننا القول بأن رؤية الصين تتناغم كثيراً مع مصالح الخليج والسعودية و إن كانت تتقاطع في نقاط بسيطة لكنها صداقة ايجابية وتعاونحقيقي بين أي أمتين لن تتوحد وتظل راسخة إلا إذا ضمنت الأهداف ووسائل تحقيق لمصالح مشتركة وممتدة. تعلم الصين أهمية دول الخليجوحجم الاقتتال الدولي لبسط النفوذ فيه خاصة من قبل الولايات المتحدة الامريكية وبقية دول كبرى كروسيا وبريطانيا وفرنسا أيضاً تخوضالصين حرب ضمانات وثقة لكسب السعودية والإمارات معاً وتسعى جاهدة لامتصاص وتقليص النفوذ الغربيّ مع أنه صعب لكنه ممكن.!