نعيش في عالم متقلب عجيب ما كان بالأمس جميل ورائع اليوم أصبح خطير ولا يصلح!!
هل نحن بحاجة إلى مزيد من التناقضات والتخويف والإرجاف؟
يبدو أننا في أمس الحاجة إلى مرجعية ثابتة تسند عقولنا التي اقتحموا ثباتها وأضرموا فيها نيران الشك والريبة في كل ما نتناوله بالأمس آمنين !!
أظن أنه حان الوقت لأحد الاشخاص الاذكياء لإنشاء تطبيق الكتروني مخصص يكون مرجع للجميع فيما يجب أن يتناولونه وما لا يجب فقد افقدتنا رسائل الواتس ومقاطع التك توك وتدوينات تويتر الثقة في غذائنا بل في كل شي.
فبالأمس كانت الشكولاتة لذيذة و مصدر للسعادة واليوم يأتي أحدهم محذرا ومنذرا منها ومعددا أخطارها !! وهذا قد نتفق معه في حال الإسراف الغير مبرر في تناول الشوكولاته ولكن أن يأتي آخر ويسهب و يتفلسف ويطرح الاكتشاف الكارثي بأن الشاي مسرطن والخيار يسبب الفشل الكبدي يصدمنا مقطع عن الموز أنه خطير يحذر من أكله والطماطم ملوثة والمانجو فيها دودة تدمر الخلايا !! وهكذا لكثير من المنتجات الغذائية والتي قد يكون اصحاب التحذير يتكلمون من منطلق تجربة شخصية ويعممها على الجميع!! والمتهم فيها ( بريء).
لم يعد لدينا منتج غذائي صالح للاستخدام الآدمي لم تطاله الاتهامات اما بالتلوث أما بكتيريا أو تسبب السكر او التهاب الكبد الوبائي أو فشل الكلى أو هرمونات وياليتها هرمونات للسعادة .. القائمة تطول . نعم جميعنا ضد الإهمال او الاقبال على الشيء دون حرص ومع التأكيد على المزارعين بالإقلال من استخدام المبيدات الحشرية وحرص الموردين على الجودة وسلامة المستورد ولكننا ايضا ضد المبالغة والاسراف في التخويف ونشر الأوهام والتحذير بأننا أصبحنا على حافة الهاوية !!!
قروبات الواتس وشركائها في التك توك ووسائل التواصل لم تدع لنا شيء من طمأنينة فقد نزعت ثقتنا بالأطباء والمختصين، وتفنن مرضى الوسوسة والتشويش في تصدر المشهد وتبادلوا الأدوار ونحن مستسلمون نتلقف كل ما يلقون به إلينا دون تمحيص !! حتى هيئة الغذاء والدواء لم تعد تستطيع اللحاق بقطار الاشاعات رغم ما تقوم به من جهد في مسألة التوضيح وتفنيد الاشاعات والمؤلم حين يتقمص مشاهير الفلس أدوار الأطباء والمختصين ويستلمون رايات المفهومية والنصح والترويج للأكاذيب الواتسية.
ولا حسيب ولا رقيب والعالم كأنها مغيبة العقل تركض خلف هؤلاء ومصدقة تصنيفاتهم أو حتى ترويجهم لمنتجات هي المرض بذاته !! ويزيد الطين بلة لمّا تمرر معلومات للمجتمع أن هذا المنتج خاصة المنتجات الغذائية ( مجرب ) من قبل المعلن وتجاهل ان ما يناسبه قد لا يناسب غيره هذا إذا افترضنا أن المنتج جيد!
يا جماعة ترا خلاص زاد الموضوع عن حده بطلوا تكرهونا في عيشتنا وأكلنا وخلونا نعيش مثل ما كنا أول خالين من الهم والوسوسة بطلوا شعارات انتبهوا لا تأكلون تراه مسرطن وملوث وأكتشفوا فيه فايروس، وليس هناك فايروس أشد فتكا من فايروس الإشاعات ووكالة يقولون.
بقلم: أ. جواهر محمد الخثلان