يولد الإنسان وقلبه الصغير أبيض كالسحاب رقيق كالماء حتى يكبر ويبدأ من حوله إمداد هذا القلب بكل غث وسمين يتحول معه القلب إلى قلب آخر ليس القلب الذي ولِد به فإما قلب طيب لطيف وإما عكس ذلك تماما.
وبعدها لكل إنسان خصائصه التي تميزه عن غيره فمثل ما خلقنا الله مختلفين في ملامحنا فإننا بلا شك نختلف في نفسياتنا وعقولنا وطريقة تفكيرنا وحتى نظرتنا للأمور فما أراه انا مثلا عقلانيا يراه آخر ضربا من الجنون وما اعتقد أنه تسامحا يراه الآخر ضعف وهكذا.
أشخاص وأشخاص يشتركون في سمات بديهية ويختلفون في أخرى، تقابل أشخاص لا تعرفهم ومنذ الوهلة الأولى يخالجك شعور كأنك تعرفهم منذ زمن بعيد لطفاء المعشر رقيقي القلب إحساسهم بك رائع وتقبلهم لك أروع ليس بالضرورة أن تكون أنت الجميل بل هؤلاء هم الاتقياء الأنقياء، وتقابل شخص أخر تتمنى أنك لم تقابله ولم تعرفه بل وتسعى لتجنب لقاءه وتتحاشى التعامل معه لقسوته وهمجيته وتسلطه أو تطفله فإما أن يؤذيك أو تكتسب منه بعض أساليبه في الصفاقة والوحشية اللفظية.
هناك أشخاص يستميتون لأجلك لا يهنأ لهم بال حتى تنتهي فصول معاناتك ولو كلفهم ذلك سعادتهم في حضورهم تشتعل قناديل الضياء فرح وسعادة وغيابهم عن محيطك غياب للأنس والطمأنينة.
وهناك اشخاص تتعمد تطفيء جذوة الحماس في داخلك حين يزرعون طريقك المؤدي للحلم بالإحباط واليأس واللامبالاة
وهناك من يدفع بمركب تألقك نحو الأمام يود لو يكون لك غمامة بيضاء تطوف بك آفاق الأحلام لتعيش أجملها بلا كلل أو ملل يرتقي بك نحو القمة فسعادتك سعادة له وفرحك فرحا له
وأشخاص تستهويهم تشويه الصور الجمالية في كل ما تمتلكه أنت في أبشع صور الغيرة والحسد فكل جميل لديك سيء في نظرهم حين يعجزون عن مجاراتك أو تحقيق جزء من طموحاتك.
وأشخاص تنتزع الفرح من القلوب في أسعد لحظات العمر بالعتاب والتشكيك والملام فلا تدع فرصة للفرح أن يتسلل إلى قلبك إذ أن قلوبهم لا تستطيع احتواء الفرح للآخرين.
هناك أشخاص تسلب الجمال في حقبة زمنية من عمرك حين تتنكر للماضي ببساطته ونقائه وما علمت أن ذكرى هذه الحقبة والفخر بها هي الملاذ المريح من عناء هذا الزمن الصعب، تباين الأشخاص في حياتنا أمر طبيعي فلا بد للبياض من ضد ولكن يتبقى لنا القدرة على التمييز وانتقاء الأجمل لتهنأ الروح بقربهم.
بقلم: جواهر محمد الخثلان