يعود الاهتمام باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، إلى تأثير هذا الاضطراب على المستوى الأكاديمي للطلاب، والمهارات الاجتماعية، وتقدير الذات. ويعد فرط الحركة وتشتت الانتباه أحد الاضطرابات العصبية ويمثل مجموعة من السلوكيات المتصلة بعضها بالبعض الآخر، وهي الاندفاعية، وفرط النشاط، ونقص الانتباه.
يتصف ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه عادة بعدم القدرة على الجلوس لفترات طويلة، وعدم الاستماع للتعليمات، والشعور بالملل بسهولة إلى جانب الحركة المفرطة والاندفاع الشديد، وعدم القدرة على مواصلة الانتباه، وعدم اكمال المهمات المطلوبة لتشتتهم بسهول.
التدخل المناسب والمبكر لذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يمكن أن يقلل من الأعراض وتأثيرها على باقي الجوانب الحياتية، ويمكن أن يكون مآل الاضطراب خطيرا إذا لم يتم علاجه، لكون من يعانون منه عرضة للوقوع في المشاكل الأكاديمية، والاجتماعية، والانفعالية، والمهنية، والصحية، ويكون مآل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه مشرقًا إذا تمت التدخلات المناسبة كما يجب، فقد تخطى هذا الاضطراب الكثير ممن تم تشخيصهم وتقديم التدخل والدعم المناسب لهم، ولابد أن يتفاءل أُسرهم لأن هذا الاضطراب لا يحد من إمكانيات ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه، فكثير من الناجحين في مجالات مختلفة كان لديهم فرط حركة وتشتت انتباه.
أفضل تدخل لذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه يكون باستخدام العلاج متعدد النماذج، وذلك من خلال فريق يتضمن الآباء والأمهات، والمختصين في المدارس، والمختصين في مجال الخدمة الطبية والنفسية. ولا يمكن الاعتماد على تدخل علاجي واحد، وأنه مع التدخلات والجهود المبذولة لمساعدتهم سوف تكون النتائج جيدة، والمآل مطمئن.
لابد من تلمس احتياجات الطالب الأكاديمية في سن مبكر وتقديم الدعم المناسب له وتهيئة الوسائل والاستراتيجيات المناسبة للتغلب على مشكلات القراءة والفهم القرائي، ومشكلات الكتابة، مع الحرص على زيادة حصيلته اللغوية، وذلك بعرض عليه مجموعة الكلمات الشائع استخدمها في المستوى الحالي لقراءتها بشكل دوري، إضافة إلى الحوار مع الطفل واستخدام الأسئلة التفسيرية، ولابد من الحرص على التزام الطالب بحل واجباته المدرسية باتباع عدد من الاستراتيجيات ومنها تجزئة المهام وتفعيل نظام المكافئات؛ لما في ذلك من دور في غرس بعض القيم والمهارات الإيجابية لديهم مثل: الالتزام، وتحمل المسؤولية، والقدرة على إدارة الوقت.
كثر من طلاب ذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يعانون من تدني الثقة بالنفس، والآباء والمعلمون والأصدقاء المقربون يلعبون دوراً مهماً في ذلك، فلابد من تشجيع الطالب على المحاولة مرة أخرى عندما يخفق، ودعمه لتقبل اختلافه، والحوار معه واستخدام الأسئلة التي تثري خياله، ورعاية مواهبه وتنميتها أياً كانت، وتشجيعه على المشاركة بالأنشطة المدرسية، وإكسابه المهارات الاجتماعية التي يفتقدها: كانتظار الدور، التعبير عن المشاعر، والسيطرة على الانفعالات، ومهارات التحدث، وتحمل المسؤوليات المناسبة، وتجاهل الاستفزاز والتشتيت، وإدارة الغضب، وطلب الإذن ، والاعتذار، وتقبل الاختلاف.
ولابد من توجيه الطالب للتحكم في انفعالاته وغضبه وذلك في سن مبكر لتجنب تحوله إلى مشكلات سلوكية تتسم بالعدوان فيما بعد، وذلك بتدريبه على التعبير عن الغضب بطرق إيجابية مثل: ممارسة الرياضة، والرسم، والعد من 20 إلى 1، واللعب، والتدريب على الاسترخاء، والتدريب على التنفس. ولضبط سلوك طلاب ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه أهمية بالغة؛ لما له أهمية في تيسير سير العملية التعليمية بالشكل الأمثل، وتوجيه تفكير الطالب إلى تحقيق أهداف الحصة الدراسية، مع أهمية خفض الصوت والاقتراب من الطالب أثناء التوجيه اللفظي، وعمل العقود السلوك عند انخفاض دافعية الطالب للتعلم، ولابد من التركيز على سلوكياته الإيجابية والسعي إلى إبرازها وزيادتها واستغلالها لتقديم الثناء والمدح له، والعمل على الإقلال من السلوكيات الغير مرغوبة لديه. ولتنمية الانتباه والتركيز لديهم يؤدون مجموعة من التدريبات المتخصصة لزيادة القدرة على التذكر، فيتم تنمية مهارات التعرف البصري والسمعي، وتكوين القصص القصيرة وتفسير ظواهر الصور.
وبالمقابل على آباء وأمهات ومعلمي ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه اتباع استراتيجيات خفض الضغوط التي قد تظهر أثناء تأدية الواجب والدعم اللازم للطالب؛ لما في ذلك من أثر إيجابي على سلوك الآباء والمعلمين الذي بدوره يؤثر على سلوك الطالب، إضافةً إلى أهمية طلب المساعدة عند الحاجة من المتخصصين، والتواصل الجيد مع الفريق العلاجي ومتابعة التقدم لتقويم التدخل.
فاطمة سعد مسلط السبيعي
@fatimah056