في مطلع هذا الشهر المبارك كنت برفقة الوالد لزيارة الطبيب طه بالمستشفى العسكري لأخذ مشورته ، وقد لاحظنا ان طبيبنا يبدو عليه الاجهاد اذ حاول أن ينهض لمصافحتنا ثم اعتذر عن ذلك ، وبعد ان استمع للشكوى طرح بعض الأسئلة وقال بعدها بسيطة وسيزول الألم العارض بعون الله قريبا ، ثم قال هل اخدمك بشيء آخر ، فقال له الوالد اشعر بإرهاق من هذا الألم فقال له ثق بالله وسيشفيك برحمته ، وارجو ان تسمعني بعناية..وتراجع للخلف بكرسيه .. وقال له: إن الطبيب الذي امامك ويحدثك ويصف لك الدواء مصاب بالسرطان ويتلقى جرعات الكيماوي ، ولديه ضمور بالأعصاب ولا بد انك لاحظت حركة اصابعي ،وفوق ذلك عثرت بي رجلي قبل أشهر بسبب المرض فأصبت بكسر في الورك ولم يجد طبيب العظام حلا سواء تركيب مفصل بلاتنيوم ليمكنني على الأقل من الوقوف والسير خطوات محدودة !! وأردف مخاطبا الوالد: نحن طريقنا معروف ومعه نسير وعلينا الصبر والابتسامة لمن حولنا لنجد الرضى من الله والسعادة فيما بقي. انتهى كلامه. اصابتنا الدهشة لحال الطبيب المخلص المحتسب وابتسم الوالد قائلا له الحمدلله الذي بيده كل شيء واسأل الله لك العافية والشفاء يادكتور وصافحه ثم غادرنا ، وكان الوالد بطريق العودة يسبح الله ويقول اللهم ارحمنا وقوي عزائمنا ، حتى الطبيب لا يستطيع علاج نفسه!. صنف آخر للصبر ومقاومة الظروف الصعبة: انها مديرة مدارس البنات بالمنطقة الغربية المعلمة ام عبدالله ؛ فهي متخصصة باللغة العربية ومن الكفاءات المميزة اداريا وقياديا مع أن هذه الصفات سببت لها مصاعب مع البعض ومنهم موظفات ليس لهن بالتربية أي علاقة ولكن تم توظيفهن على وظائف مساندة ، وكان ذلك في منطقة عسكرية نعمل بها جميعا ، فعلمنا أن هذه المديرة رغم نجاحها تعاني من ظروف صحية صعبة للغاية وتتلقى علاج بالحقن في فترات متقاربة وهذا الدواء يستورد خصيصاً لها من المانيا وقيمة الحقنة الواحدة حوالى اربعة الاف ريال تدفعها على نفقتها الخاصة! الى هنا قد يكون الأمر عاديا لكن أن تجاهد المرض الغريب وما يسببه لها من الآم ومع ذلك تكلفها ادارة الاشراف بأعمال إشرافية اخرى لكفاءتها فتقوم بها بلا تردد وبنجاح ، وتربي ابناءها وبناتها ومعهم ابناء زوجها من زوجته السابقة وتتبناهم عمليا وتنفق عليهم مع زوجها الذي وقف معها بحسب شكرها له ، ومن حسن الحظ انهم حفظوا لها الجميل. اليست هذه مثالية وجهاد اصبحنا نفتقدهما من الأصحاء وخاصة من بعض الموظفين الذين يتنصلون من واجبات ومهام اعمالهم بتخطيط مسبق وبتدبير اجازات مرضية قد لا تكون مستوفية للشروط. الطبيب طه يعاني من أشد الأمراض فتكاً وألماً وصحته تتناقص سريعا ومع ذلك يبتسم رضى بما كتبه الله ويقوم بمعالجة غيره من الاوجاع التي هي اقل بكثير مما يعاني هو نفسه ،ولم يحاول ان يتوقف عن العمل طالما كان قلبه وعقله يعملان!، والمعلمة طويلة الخبرة ومديرة مدارس البنات في أكثر من حي تعاني الآم مرض غريب وتنفق من مرتبها للعلاج ،وتنجح في كل ما أُوكل اليها من أعمال ،وتربي ابناءها ومعهم اخوانهم وتدير بيتها وتصر على العطاء وتربية الأجيال طالما لديها المقدرة على الوقوف والإمساك بالقلم!. نموذجان يعانيان من ظروف قاسية فلم ينسحبا من معترك الحياة ولم تنهار عزائمهما ، بل واجها القدر بصبر واحتساب وعمل . وأي عمل؟. لكن كم من الأصحاء القادرين المقصرين في اعمالهم وتجاه مجتمعهم وعوائلهم ،بل تجد بعضهم متذمرين من كل شيء حتى طعم القهوة ولونها. اللهم انا نسألك شفاءً عاجلا لكل من يعاني من الناس. تقبل الله صيامكم.
اللواء طيار ركن (م) عبدالله غانم القحطاني
(حديث السحر) صمود الطبيب وصبر المديرة
24/06/2016 4:54 ص
4
47033
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6280949.htm
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
العقد الفريد
24/06/2016 في 6:03 ص[3] رابط التعليق
إن نعم الله لا يمكن ان نحصيها فالطبيب والمديرة ذوا قناعة تامة بأن الله مغدق بالنعم عليهما كونهما يستطيعان العمل وممارسة حياتهما العملية وتقديم مايمكنهما للمساعدة والعطاء محتسبين الاجر عند المنعم الوهاب
الحياة لا تتوقف لمرض شخص ولاحتى بوفاته فلنستثمر اعمارنا بالخير ولنترك بصمة في حياة المريض والمتعلم ولنكثر من شهداء الله في ارضه ومن يترحم علينا
وفقك الله ياابا منصور تقبل الله منا ومنكم الطاعات
(0)
(0)
محمد الجـــــــابري
24/06/2016 في 9:54 ص[3] رابط التعليق
ندعوا الله لوالدك بالصحة والعافية والعمر المديد على طاعته ..للاسف الشديد نرى اليوم تناقص باعداد باذلي المعروف من خلال اداء واجب الوظيفة العامه وما تمليه على شاغلها من واجب وطني وانساني ..لكن عزاؤنا ولله الحمد في القله المباركة بيننا أمثال الدكتور “طه” والاستاذه”ام عبد الله”.. وعلى قول المثل – لو خليت خربت –ان غريزة الصبر والتفاني في خدمة الاخرين لا يملكها الا من اراد الله له الفوز برضى الناس بعد رضاه وياحظ كاسب الاثنتين…..تحياتي
(0)
(0)
السقف البعيد
24/06/2016 في 1:23 م[3] رابط التعليق
يالله كم هذه الدنيا عجيبه وبسيطة ومؤلمة ومتعبه ومعشوقه من الجميع تقف حائراً من النماذج التي اوردها أباً منصور أغلبيتنا لايعرف الدكتور طه ولا الاستاذه ام عبدالله ولكننا نعرف العم غانم ونعرف ما يعاني منه ومع ذلك لاتراه الا وهو في كامل أناقته دائماً ان لم يزيد عليها بالاكتحال في عينيه ولكنه دوماً في كامل رونقه ..متّع الله الجميع بالصحه وزال أوجاعنا جميعاً والحمد لله على كل حال
(0)
(0)
عبدالله بن سعيد القحطاني
27/06/2016 في 3:04 ص[3] رابط التعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اسأل الله ياأبامنصور ان يعطي والدك أصحه والعافيه. وان يذهب البأس عنه وعن كل مريض والحمدالله على كل حال. ان الانسان في دايرة الحياة يصعب عليه كل شي ولأكن اذا إعطاء نفسه أمل وصبر تعايش مع الوضع الذي هو فيه. وهنا اذكر المثل الذي يقول. الصحة تاج على روس الاصحاء الايرها الا المرضاء. وهنا لابداء من المقاومه والامل لعطي الانسان المزيد في حياته. واسأل الله ان يعطي الوالد الصحه والعافيه.
(0)
(0)