منذ زمن كنت أسمع المثل الدارج "أكبر منك بيوم أخبر منك بسنة" ولا أستوعب كيف ليوم واحد أو حتى عام واحد أن يصنع فارقا كبيرا في الآراء والخبرات حتى أدركت ذلك بنفسي ، فكل وقت يمر يكسبني الزمن تجربة وخبرة ورأي وقناعة لم أكن اؤمن بها أو أعرفها من قبل .
ولأن التغيير هو صفة بشرية لا يمكن تجاهلها أو التظاهر بعدم وجودها فمن الإيجابية أن نؤمن بضرورتها لاستمرار الحياة وأن نعترف بها إن طرأت على شخصياتنا وتفاصيل حياتنا ، فإنكارها ليس دليلا كافيا على عدم وجودها .
كلنا نتغير شئنا أم أبينا فتقدم العمر يمنح الإنسان فرصة تجديد أفكاره وإعادة النظر في قناعاته ، حتى تلك التي كان يظنها "مسلمات" سيحين الوقت ليغيرها أو يتخلى عنها ، سيحين الوقت الذي يهدأ فيه غضبنا تجاه ما كان يستثيره ، ويغضبنا ما كنا لا نلتفت إليه ، سنتعرف على وجوه بلا أقنعة وسنتلقى صفعات الحياة بألم أقل في كل مرة عن المرة التي تسبقها .
لكن الأهم من استشعارنا لغزو التغيير الذي سيستعمر أنحائنا أن لا نسمح له بأن يضعف عزائمنا أو يسيرنا نحو الأسوأ أو يمحو ملامح شخصياتنا الحقيقية فننظر صباحا إلى المرآة ولا نتعرف على أنفسنا ، هنا يصبح التغيير ضعفا واستسلاما .
مؤخرا حدثت الكثير من الأحداث المتغيرة من حولنا في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ولعل رؤية 2030 التي احتضنتها المملكة مؤخرا من أكثر الشواهد على هذا التغيير، وقد اختلفت ردود أفعالنا تجاهها بشكل طبيعي كأي تغيير يطرأ في كل المجتمعات لكن من المهم أن نجيد التعامل بإيجابية مع كل تغيير فنحن بحاجة إلى ثقافة التعامل مع متغيرات الحياة بصورة إيجابية من خلال النظر للجانب المشرق من كل تغيير وتطويع الجانب المظلم لصالحنا.
يجب أن نتغير ونسير مع أمواج التغيير دون مقاومة الخوف أو التوجس ولكن فقط حين تصب تلك الأمواج في بحور الحكمة والنضج والاستفادة من التجارب ، وحين تمنحنا القوة لعدم تكرار الأخطاء وتقبل الفشل ومواجهة متغيرات الحياة .
نحن وأمواج التغيير
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6411463.htm