يعد تأهيل قيادات الصف الثاني في المنظمات من أهم القرارات الإستراتيجية التي يجب أن يحملها مجلس الإدارة على عاتقه وأن يجعلها في مقدمة أولوياته. استقالة القائد المبدع والمتميز والفعال الحالي أو مرضه أو تقاعده أو انتقاله لمنظمة أخرى يعد من أخطر الأمور التي قد تواجهها أي منظمة نظراً لأن الإنجازات التي تحققت والخطط المستقبلية لتلك المنظمة تعتمد وبشكل كبير على جهوده ورؤيته وقدراته واتجاهاته, وفي حال مغادرته لمكانه الوظيفي فهذا إعلان الخطر وبداية مخيفة لمستقبل مظلم وشاق وذلك لعدم وجود القائد البديل.
من خلال ملاحظتي لكثير من المنظمات الحكومية وبعض الشركات الخاصة تجد أن خطط التعاقب الوظيفي وبرامج التأهيل والإحلال لقيادات الصف الثاني غير موجودة ولا يؤمن بها كثير من قيادات ومجالس إدارات تلك المنظمات, ومن هنا فأجد أن من واجبي تعليق الجرس والكتابة عن هذا الموضوع المهم والرئيسي والذي سأستعرض فيه خطوات ومراحل وبرامج التعاقب الوظيفي ودورها في استقرار المنظمات والحفاظ عليها واستدامة إنتاجيتها.
يمكن أن نحصر أدوار القيادات الإدارية العليا في قضية تأهيل القيادات الواعدة أو البديلة فيما يلي :
أولاً نشر ثقافة الإحلال والتجديد حيث ينشر القائد الفعال القناعة بين كل أعضاء المنظمة بان الإحلال مسألة طبيعية ومطلوبة في نفس الوقت . وهى طبيعية لأن المديرين يرقون لمناصب أعلى أو ينتقلون لوظائف أخرى أو يستقيلون أو يتقاعدون ، وكل هذا يعني أن هناك مناصب تخلو ومطلوب شغلها ومن الأفضل أن نخطط مقدماً لشغلها وأن نجهز الأشخاص الجديرين بشغلها. والإحلال مطلوب للأسباب السابقة ، وهو أيضاً مطلوب لذاته . وذلك لأننا نهدف إلى تجديد الدماء ، وتجديد الفكر ، والبحث عن إبداعات جديدة ، وهذه تكون فرص الوصول إليها أكبر مع تغير الأشخاص.
ثانياً إعداد برامج للتعاقب الوظيفي وإعلانها للجميع والبدء في اختيار القيادات الواعدة وفقاً لمعايير عالمية ووسائل متقدمة تقدمها شركات التطوير الوظيفي وبيوت الخبرة, والتي يمر المرشحون فيها على سلسلة من التقييمات والاختبارات والمقابلات التي تعطي مؤشرات لوجود قابليات للبعض للقيادة وعدم وجودها لدى البعض الآخر.
ثالثاً تأهيل المرشحين والذين وقع عليهم الاختيار المهني دون النظر لأي عوامل أخرى مثل الواسطة أو العنصرية أو غيرها من العوامل التي تسبب إحباط للمبدعين والمتميزين. ويكون التأهيل ضمن برامج معدة من قبل قد تستغرق من عامين إلي ثلاثة, ويتم تنفيذها وهم على رأس العمل. من الأهمية بمكان أن تتنوع برامج التأهيل والإعداد لأولئك القادة الواعدين وذلك بحضور حلقات تدريبية نظرية والمشاركة في ورش عمل عملية مع القادة الخبراء وكذلك التواجد المجدول مع القائد الخبير للتعلم منه ومناقشته والاستفادة من تجربته وخبراته الكبيرة. إن التدريب على رأس العمل أو التدريب بالممارسة ، أو ما يسمى أحياناً بنظام التلمذة ، هو أفضل أنواع التدريب على الإطلاق . و سواء اتفقنا مع هذا الرأي أو اختلفنا معه فالمؤكد أن التجربة الفعلية تكون مصدراً خصباً للغاية عندما نريد تعلّم أي شيء.
رابعاً المتابعة والتقييم من قبل مجلس إدارة المنظمة لرحلة التعاقب الوظيفي ومدى قيام كل عضو بدوره وتطبيقه وفق الخطة المعتمدة من مجلس الإدارة من قبل, مع الاستمرار في تصحيح أي انحرافات قد تحصل أثناء تنفيذ الخطة.
خامساً تجربة القائد الواعد مكان القائد الفعلي في حال سفره أو إجازته السنوية ومراقبة أدائه وملاحظة قدرته على اتخاذ القرارات والوصول للنتائج.
سادساً مساندة القائد الواعد من قبل الجميع وتحفيزه للعمل وتمكينه من المنصب الوظيفي حينما تحين الفرصة.
أرجو أن يحفز هذا المقال صناع القرار لاتخاذ الإجراءات والسياسات التي تجعل برامج التعاقب الوظيفي ركناً أساسياً داخل كل منظمة وأن يتم سؤال كل قائد وكل مسئول السؤال التالي :
من القائد الواعد أو البديل الذي سيحل مكانك عند مغادرتك الوزارة أو القطاع الذي تشرف عليه؟؟.