للأب صفات يعجز عنها غيره وله متطلبات يجهلها الكثير فالأب صمام الأمان وهو الكادح المواصل صاحب الهمة العالية، يشقى لِيُريح أهله يضمى ويجوع ويتعب ليرتوي ويشبع ويهنى غيره، طيلة حياته يكد ويتعب وما ان يكبر سنه ويرق عظمه وتهاجمه الأمراض يبقى مكافح بلا استسلام!
فعن ابنائه وبناته يسأل ومن سوء أحوالهم أو أمراضهم تجده يسقم، و مع ذلك كله قليل تجد من يرحمه والسبب لأنه رجل يتحمل !!
وقليل جداً ان تجد من ذريته من يميل إليه ويجلس معه وعذرهم عدم ارتياحهم لحزمه وجديته!!
ففي البيت لا يسأل عنه الا قليل، وعن أكله وشربه لا يُبالى به حتى وان نام على الحصير !!
ينسى أو يتناسى الكثير انه يتأثر نفسياً بل يشعر بالحزن عند تهميش وجوده وتوجيه المحادثة لغيرة دون مراعاة جلوسه.
فحري بك ان تلاطفه وتجالسه وتتودد إليه وتسامره وتبين له انه مازال نشيط الجسد قوي الذاكرة، وأنك مازلت أنت بحاجة إليه، تصرفك هذا يزيد همته ويتفاخر بينه وبين نفسه، وإياك إياك ان تقتله حياً وذلك بزجره أو رفع الصوت عليه، وكذلك تجاهل رأيه أو قطع حديثه فهذا والله بمثابة نحره حياً، ناهيك انه عقوق ولاتنس "كما تُدين تدان".
اعلم ان خدمة بسيطة تقدمها لأبيك في حياته خير من سيول دموعك التي تذرفها عند قبره.
وكلما كبر الأب زادت حاجته لخدمتك وسهرك عليه ومواساته في أحزانه والتخفيف عن آلامة خاصة ان غادروا ابناء جيله فهو يحس بالوحدة ويشعر بالوحشة حتى وان كان بين ابنائه فالله الله به فهو احد أبواب جنتك، ولا ينتهي بره بعد موته فباب الدعاء له والصدقة عنه وأعمال الخير الكثيرة لا تنقطع، فهاهو تحت التراب لا حول له ولا قوة ينتظر منك الإحسان فماذا قدمت له ؟
كتبه: سعود الغليسي
التعليقات 7
7 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
محمد الجـــــــابري
06/04/2019 في 10:33 م[3] رابط التعليق
طاعة الوالدين هبه من الله يهبها لمن يشاء من عباده وما خدمتهما والتودد لهما الا توفيقاً ربانياً …
الله يكتب لك الاجر على هذا التوجيه والنصيحة الصادقة …اللهم ارحم والدينا واموات المسلمين…..
(0)
(0)
عبدالرحمن الثابتي
07/04/2019 في 1:42 ص[3] رابط التعليق
كعادتك يبو عبدالله حروفك تتدفق حنية وشفقة ومحبة.. واذا اخترت عنوانًا فأنت تلامس به شريحة كبيرةً من الناس… وهذا سبب تميزك وتميز قلمك..
محبك أبو ثابت
(0)
(0)
ابوسعد الهديرس
07/04/2019 في 4:29 ص[3] رابط التعليق
تشكر يابو عبدالله على هذا الموضوع الأكثر من رائع ….اللهم إرحم وأغفر لوالدينا الأحياء منهم والأموات وإجعلنا من البارين المبرورين …..
(0)
(0)
بندر الجميلي
07/04/2019 في 7:18 ص[3] رابط التعليق
جزاك الله خير يا أبا عبدالله.
(0)
(0)
ناصر الدوسري
07/04/2019 في 10:35 ص[3] رابط التعليق
لله درك يابو عبدالله ابكاني حرفك الصادق .. ولك مني ومن يقرأ كل الشكر والتقدير على انتقاءك لمواضيعك القيمه وتطعيمها بالمفردات الجميله ، الف الف شكر لك ونفع الله بفكرك المتدفق والمتجدد
(0)
(0)
سعد الحطاب
08/04/2019 في 12:03 ص[3] رابط التعليق
أخي سعود
أنت جعلتنا ندرك قيمتنا كآباء،
ولفت أنظار الأبناء بطريقة ذكية
شكراً لروحك النبيلة.
(0)
(0)
بندر الحامد
08/04/2019 في 1:55 ص[3] رابط التعليق
بارك الله فيك كاتبنا المبدع والرائع سعود الغليسي
اضف الى ذلك انه يتحمل مسئولية الأسرة وهو في قمة الشباب والقوة ويرتبط فيها ويتقيد بقيود من أجل المحافظة على ترابط الأسرة وراحتهم ويحرم نفسه من اشياء كثيرة لضمان السعادة لأفراد اسرته،
واذا أردت موعظة وشعور حقيقي تجاه الأب فعليك بسؤال شخص (فاقد والده)
فسوف يصف لك شعوراً لايمكن وصفه بسهولة..
اللهم اغفر لأبي وأرحمه كما رباني صغيرا
(0)
(0)