عرفتها شابة يافعة في عمر الزهور ذات ابتسامة مشرقة وثغر باسم كوضح الصباح..
مقبلة على الحياة ترسم أحلاماً عريضة لزوج المستقبل وتخطط لحياة سعيدة وأسرة هانئة هادئة..
تزوجت وزفت إلى زوجها كالوردة عاطرةً ندية جميلة أشرقت من طلتها القلوب وتعالت الزغاريد وغادرت القاعة إلى عشها الجديد وحياتها الجديدة..
مرت الأيام مسرعة على زواجها وتعاقبت السنين وقلّتْ اللقاءات والاتصالات ..
حتى التقيتها بالصدفة في أحدى المستشفيات هزيلة مريضة جاحظة العينين مشتت الفكر ،عرفتني ولم أعرفها إلا من صوتها !
أردت أن أعرف مابها وماحالها وهل أنجبت ولديها أطفال ؟
قالت أنا لم أتزوج أنا سجينة في القفص الذهبي تسربت أحلامي وغادر الفرح قلبي منذ غادرت قاعة الزواج ليلة (زفتي)..
فارس الأحلام لم يأتِ على الحصان الأبيض كما قرأت عنه في الروايات بل أتى بالسوط، زوجي الذي كنت أعتقد أن الحياة معه ستكون مليئة بالفرح والسعادة مريض نفسي يعذبني بشكه وغيرته صباح مساء..
أغلق علي في زنزانته الانفرادية وتقمص دور المحقق والجلاد..
في البداية كنت أعتقد أنه يحبني وأنه يفعل ذلك من حبه الشديد وغيرته علي لكن الأمر زاد عن حده بدأ في أذيتي نفسياً وجسدياً..
حين علم أنني حامل اتهمني في عرضي واستمر يحقق معي يومين متتالية مابين ضرب واتّهام..
حاولت الدفاع عن نفسي وعن شرفي وعن سمعتي وسمعة أهلي فسبني وسب عائلتي ثم أخذ يركلني بقدميه على بطني وخرج وأغلق الباب بالمفتاح..
وفي لحظة من الانهيار العصبي تناولت حبوبًا لا أعلم كم الكميه لكن لم أعد أشعر بشيء وفقدت الوعي تماماً..
عاد إلى المنزل ليجدني ملقاة على الأرض بلا حراك حملني إلى مستشفى خاص وهناك قالوا له إنها محاولة للانتحار
لابد أن هناك أسبابًا دفعتها لذلك ، قاموا بغسل معدتي و سمعت زوجي يقول للدكتور سأدفع لك ماتريد مقابل أن تخرجها من المستشفى دون إجراءات أو تدخلات من أي جهة ؛هي مريضة نفسياً وأنا صابر عليها ولا أريد أن يعرف عن حالتها أحد مراعاة لمشاعرها..
هل رأيتِ أبشع من ذلك ؟
هو الجاني ويدّعي أنه المجني عليه في نفس الوقت!
قلت لها لماذا لم تخبري أهلك بما يفعله بكِ؟
قالت:لا لا أريد أن يعرف أهلي شيئًا عن حياتي لسببين الأول: أني البنت الوحيدة لوالدي بين أخوتي الذكور ،والثاني : لأنني لاأرغب بالطلاق حتى لا يقال عني تطلقت وهي عروس !!!
هنا كانت صدمتي أعظم من كل حديثها السابق الفتاة المتعلمة المثقفة والشابة الجميلة الواعية تهتم لنظرة الناس أكثر من كل المشاكل التي تحيط بها من شك وغيرة ليست في محلها ،وضرب وإذلال ..
هل ذلك هو نتاج تربية مجتمع يحاول أن يجعل الأنثى دائماً ضعيفة مكسورة لاتملك أن تتخذ قرارًا مثل هذا يمس حياتها وكرامتها وكرامة أهلها؟
الرضا بحياة المهانة ونار الغيرة والظلم والقهر والتنكيل كل ذلك من أجل الناس وكلام الناس..
قلت لها الناس ستتحدث عنك وتنسى لكنك أنتِ من سيعيد لك كرامتك وصحتك ونفسيتك وجمالك وحيويتك ..
الحياة تحتاج إليك أنثى قوية وزوجة ناجحة وأمًّا مربية و ليس لبقايا أنثى مدمرة محطمة لاتستطيع أن تسعد نفسها ولن تسعد غيرها..
الحياة تحتاج إليك أنثى ناضجة واعية مدركة تعرف حقوقها وواجباتها..
أطفالك عملك مجتمعك يحتاجك أنثى بكامل أنوثتها تشرق من الداخل لتضيء عتمة الخارج مهما كانت تلك العتمة..
قبل الوداع:
أيتها الأنثى كوني قويه فالحياة لاتحترم إلا المرأة القوية التي لا تكسرها التجارب الفاشلة و إنما تبنيها..
أيها الرجل إن لم تسعدها فلا تؤذها فالله عدل في تصفية الحسابات وفي أعز ماتملك فرفقاً بالقوارير.
بقلم/ فاطمة الجباري
التعليقات 17
17 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
هياء السبيعي
21/08/2019 في 1:41 م[3] رابط التعليق
ليس لبقايا أنثى مدمرة محطمة لاتستطيع أن تسعد نفسها ولن تسعد غيرها..
الحياة تحتاج إليك أنثى ناضجة واعية مدركة تعرف حقوقها وواجباتها..
بارك الله فيك كلتبتنا المبدعة
(0)
(0)
عذاري
21/08/2019 في 11:31 م[3] رابط التعليق
❤️
(0)
(0)
وفاء
21/08/2019 في 11:32 م[3] رابط التعليق
ماأجمل تلك المشاعر التي خطها لنا قلمكِ الجميل هنا لقد كتبتِ وابدعتِ كم كانت كلماتكِ رائعه في معانيها دائمآ في صعود للقمه
????
(0)
(0)
مها
22/08/2019 في 12:02 ص[3] رابط التعليق
حروف تنزف الم وواقع بنات مجتمعنا للأسف
(0)
(0)
سامية المطيري
22/08/2019 في 12:07 ص[3] رابط التعليق
سلمت الأنامل الرائعه في الكتابه وبارك الله في مشاعر راقيه وناعمه ومعبره بكلماتها بارك الله فيك يالغاليه
(0)
(0)
غلا
22/08/2019 في 12:15 ص[3] رابط التعليق
الله عدل في تصفيه الحسابات. تولد المراه كحديقه خضراء مورقه
لاكنها تتعرض للتصحر بسبب اب قاس او زوج سئ.?
(0)
(0)
وفاء التمام
22/08/2019 في 12:40 ص[3] رابط التعليق
كلمات جميله تحمل بين ثناياها رسالات ساميه فالاسلام كرم المرأه وحافظ على حقوقها ولذا يجب على كل أنثى ان تكون قويه لتواجه عقبات الحياة،وان تدافع عن حقوقها التي شرعها الله لها..
أدام الله نبض قلمك وجعله مباركا اينما كتب..كلماتُ من ذهب استمتعتُ بقراءتها..
(0)
(0)
نوف الدويش
22/08/2019 في 12:52 ص[3] رابط التعليق
أيتها الانثى كوني قويه فالحياة لاتحترم الا “المراة القويه”.
الله الله ابداع رائع وتميز انيق
استاذه فاطمة دمتي ودامت حروفك وسلم قلمك?
(0)
(0)
لولوة الوهيبي
22/08/2019 في 12:54 ص[3] رابط التعليق
مقال رائع بروعتك يالحبيبة
الله المستعان كم من زوج كان سجانا وجلاد لزوجته وهي تخشى الكلام حفاظا على أولادها او سمعة أهلها
(0)
(0)
عنود العنزي
22/08/2019 في 1:58 ص[3] رابط التعليق
ما أجملك حين تروين القصص لعلك تتوجهين للرواية مبدأنا لقلمك الندي.
(0)
(0)
عمشاء السهلي
22/08/2019 في 9:44 ص[3] رابط التعليق
أنثي تبقي قويه مهما غلبتها ظروف تظل قويه
سلمت يداك ا/فاطمه كلام رائع ?
(0)
(0)
نصرة الدهام
22/08/2019 في 12:12 م[3] رابط التعليق
لاسف فيه كثير زي هذا الانسان وكثير من البنات النظلموا والسبب تظرة المجتمع للمطلقة انا عندي بنت زي هذه تطلقت بعد سنتين من الزواج بانسان مريض نفسي معنف هو وطلع كل العنف ببنتي وبعد سنتين من الصبر عليه وخوف من نظرة المجتمع للمطلقة طلبت الطلاق منه وتطلقت ولكن صارت نفسيتها وشخصيتها هشة ضعيفة لا تصتطيع اخذ قرار لها وهي الان تخرجت وأصبحت معلمه ناجحة بس حتى الان لاتستطيع اخذ قرار
(0)
(0)
سارة الغيث
22/08/2019 في 1:32 م[3] رابط التعليق
سلمت اناملك وسُدد يراعك عزيزتي فاطمة
حقاً كم من أنثى مغلوبة على أمرها قد دفنت سعادتها لأجل الخوف من كلام الناس
(0)
(0)
الحازمي
22/08/2019 في 5:34 م[3] رابط التعليق
صحيح اننا لا نختار حياتنا ولكن نحاول ان نكيفها كما نريد..
انا الزوج والزوجة نستطيع ان نختار بإرادتنا .. وإن لم يكن بالتقصي والسؤال وعدم التسرع..
اما اذا وقعت الفاس في الراس فلا نكن مثل صاحبة القصة ونخصع ونستسلم ونراعي ونكتم ونداري ونخبي… هذا خطأ
ثم ان سندنا هم اهلنا ولا بد من اطلاعهم على احوالنا ولا نعش حياة الذل والهوان..
طرحك رائع وقصة صديقتك فيها دروس.. فمتى تتعلم على الاقل اخذ حقوقنا؟؟
(0)
(0)
امل
24/08/2019 في 11:12 ص[3] رابط التعليق
ليس هناك امرأة ضعيفة*
*هناك امرأة قررت أن تساير الظروف حتى لا تقف الحياه*
*وليس هناك امرأة غبية لكن هناك امرأة اختارت أن تقف على الحياه وترى ما خلف المواقف والأشخاص*
*وليس هناك امرأة قاسية .بل هناك امرأة موجوعة كسرت حتى مات وإنطفأ فيها الشعور*
(0)
(0)
فاطمة مساعد
25/08/2019 في 12:12 م[3] رابط التعليق
سلمت وسلم قلمك
صدقت المرأة خُلِقت لتكون قوية وقائدة ومربية فهي الأم والحاضنة، وهي بوابة الغد لأبنائها، لذا يحسن بها ألّا تستلم أبدا وتصنع من كل عقبة سلما للإرتقاء.
(0)
(0)
رشا
26/08/2019 في 6:02 م[3] رابط التعليق
واقع مؤلم ولكن بفضل الله بدأ يتلاشى
(0)
(0)