خُلقنا نحب الجمال، ونسعى للكمال، نلهث نصنع لأنفسنا هالة مذهلة لا يشاركنا بها أحد، أغلبنا يهتم جدا لمظهره الخارجي، فيُوليه جلّ اهتمامه، ينتقي أجمل الثياب وأنفسها، ويُسابق الآخرين في العثور على أطيب العطور وأزكاها، وحين تراه يتحدث لا يكتفي بما لديه من مخزون لغوي فيزحف على مفرداتٍ غربية يدخلها ضمن أحاديثه وإن لم يكن مكانها ليبدو مثقفا..!
تراه دائما أنيقا ولكنه متكلف في كل شيء، فتُطوِّح بك أفكار شريرة تجاهه، وتطرق رأسك تساؤلات عدة تتداولها بينك وبين نفسك..
هل كل ما أراه منه عدم ثقة بالنفس؟!
أم هي أناقة مزيفة؟
الجمال يا سادة داخلي جمال روح، لباقة حوار، أناقة في التعاطي مع كل شيء، آثار تبقى، وأثر لا يزول..
الجمال أن تتحدث فينصت الجميع إعجابا، وتصمت فتزداد هيبة ووقارا..
الجمال نقش على رمل ندي بما تفعله من أعمال خفيه، تتوارى عن الأضواء تواضعا، تنكر ذاتك ليرتفع غيرك إيثارا..
الجمال كلّ الجمال أن ترحل وتبقى حيّا في قلوب الآخرين ذكرك عطرا، وسيرتك لا تزول بالتقادم، فما قدمته من خير يشفع لك أن تكون الغائب جسدا الحاضر ذكرا، ولعل لنا في عين زبيدة أحد أهم أوقاف المسلمين، تلك العين التي أنشأتها زبيدة بنت الفضل بن أبي جعفر المنصور وزوجة هارون الرشيد لسقيا الحجاج ولا زالت معالمها وإن اهترأت قائمة حتى يومنا هذا شاهدا حيّا على قيمة الأثر الحسن..
الجمال يا سادة أن تتطلع لمن يفوقك جمالا معنويا آسرا فتحتذي به، لا أن تنسلخ من هويتك اقتداء بوضيع أو تافه حتى وإن بلغت شهرته الآفاق..
الجمال أن لا ترقص على جراح أحدهم شماتة فينجو وتسقط أنت في وحل ما تشمت به..!
الجمال أن تبْرع في تقديم نفسك بلا تزييف أو تحريف أنت كما أنت بفطرتك السليمة وبساطتك وعفويتك..
الجمال أن تكون قدوتك شخصيات خلّد التاريخ ذكرها ولم تسعَ هي إلى ذلك ولو حبوا، بل كانت تعمل دون أن تلتفت للخلف وما علمت أن أثرها وإن كان على رمل نديّ باق عنوان للجمال
بقلم: جواهر الخثلان

أنتَ بَعْدَ الرَّحيل


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6546167.htm