أول من يقوم من النوم قبل الفجر، تشعل النار، تسخن ماء الوضوء للجميع، يعود المصلون ويهجعون حتى قبل بزوغ الشمس، إلاّ هي مستمرة في إعداد القهوة والإفطار.
تذهب إلى حضائر المواشي فتطعمها وتسقيها، ثم تحلبها وتخرج السماد ثم تعود لها مرة أخرى لتفصل صغارها عن أمهاتها تذهب إلى المزرعة لصرم عشاء المواشي، وتحمله على ظهرها حتى تدخله إلى مستودع الأعلاف "الريشه".
تأخذ قربتها أو قدرها وتذهب إلى البئر لجلب المياه إلى البيت تعود لتنظف بيتها وبالكاد ترتاح قليلاً إلاّ وصاحب الدار راجعاً يريد القهوة أو بصحبة ضيوف.
تذهب قبل الظهر لجلب الحطب من أطراف القرية أو من المزارع القريبة وتبدأ في التحضير والإعداد لوجبة الغداء فترة الظهيرة هي المتنفس الوحيد طوال اليوم إذا لم يكن لديهم زوار، بعد صلاة العصر تذهب إلى المزرعة فتصرم فطور المواشي لليوم التالي تبدأ بعدها في حقن الرثيئة في "المشراب" وتبدأ تخضه على ركبتها لحوالي نص الساعة ثم تفصل اللبن عن الزبد، تشعل النار قبل المغرب بقليل لإعداد وجبة العشاء لتكون جاهزة بعد صلاة المغرب مباشرة.
يعود الاب والأبناء من صلاة العشاء وبعدها بقليل يذهب كل إلى مرقده وتبقى هي تلملم أغراض مطبخها وتهيئ ما يلزم ليوم الغد
هي أول من يقوم وآخر من ينام، كل هذا وهي ترضع طفلها تارة وتارة أخرى تحمله على جنبها وفي يدها أيضاً طفل آخر، ليس هذا وكفى، بل كانت الحياة أشقى بكثير، فعلى الرغم من هذا العمل الشاق المستمر، لا يقدر عملها في أغلب الأوقات، حالها حال الكثير من نساء جيلها، فالرجل لابد أن يكون له كلمة ولو حتى من باب إثبات الوجود، تتحمل ما قد يبدر ممن حولها، تنزوي لتبكي بعيدًا عن أعين أطفالها، تعصب رأسها المصدع وتستمر في العجن والخبز، تضع القرنفل (العويدي) على ضرسها لعله يخفف من آلامه وتواصل صرم الزرع وجلب الماء، لا يمسح دمعتها إلا أمل في فلذة كبدها، أو رؤية أخ أو أخت لها لم تراها إلا منذ سنين أو خبر جميل عن قريب غائب.
هو يوم في حياة أمي وفي حياة معظم أمهاتكم قبل حوالي خمسين سنة، يوم في حياة المجاهدات العظيمات الصابرات المحتسبات.
رحم الله أمي وأمهاتكم وغفر لهم واسكنهم فسيح جناته، وهنيئًا من كانت أمه حوله فيعيش فكنف برها وودها ورضاها حتى وإن كان الشيب قد لاح في حواجب عينيه.
بقلم: حسين علي الفهري
باحث ومؤلف مهتم بالموروث الشعبي
التعليقات 5
5 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
سالم بن سعد آل خاطر
17/10/2021 في 1:17 م[3] رابط التعليق
بارك الله فيك وفي قلمك وغفر الله لوالدتك واسكنها فسيح جناته ووالدينا والمسلمين اجمع وهذا واقعهم آن ذاك نسأل الله لهم الاجر والمثوبة على ماقدموه لأسرهم وتحمل المسؤولية الكاملة في جميع متطلبات الحياة التى من المستحيل ان تعمل من النساء في هذه الأزمنة….
(0)
(1)
محبك عبيد محمد ال كدم
17/10/2021 في 2:13 م[3] رابط التعليق
لافض فوك ابا ياسر ماذكرت صحيح وبحكم سني الذي يكبر سنك بكثير اقول ماذكرت قليل من كثير مما يقمن به امهاتنا انا ذاك ومما يتحملنا من مسئوليات الحياة اليوميه ومع ذلك لم تجد من يقدر ذلك الجهد ممن حولها لان ماتقوم به يعتبر في حينه امر طبيعي حالها حال امثالها في تلك الحقبه من الزمن ولا نملك الا ان نقول اسكنهن الله الفردوس الاعلى من الجنه ورزقنا جميعاً البر بهن حتى نهاية هذه الحياه يارب العالمين
(0)
(2)
محمد عايض ال كدم
17/10/2021 في 4:25 م[3] رابط التعليق
الله اكبر رحم الله امك وجميع امهاتنا الأحياء منهم والاموات فعلا كانو في جهاد مرير ومسؤلية جل.
(1)
(2)
عبدالله ابو احمد
18/10/2021 في 1:58 م[3] رابط التعليق
اللهم فاطر السموات والارض الرحمن الرحيم ان تغفر لوالدينا وامهاتنا جميعا الاحياء والاموات وجزاك الله خيرا ٠٠بالتذكير لفضائحهم العظيمة وكفاحهم المستمر حتى اخر يوم انتقلوا فيه لجوار واسع الرجاء الذي لايضيع لهم جهد٠
(0)
(2)
ابو صلاح
09/05/2022 في 8:54 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خير اخوي
الله يكتب لهم الاجر الكثير كل كلمك صحيح بارك الله فيك اخوي انهم سيدات الماضي الجميل يدات التضحيات
(0)
(0)