الأنصاف وليست الإنصاف! مفردتان تشابهت في الرسم والكتابة إلى حد ما واختلفت في المعنى
فالإنصاف تعني العدالة والاقتصاص من الظالم للمظلوم، وإعطاء كلّ ذي حق حقه دون تحيز أو ميل لطرف دون آخر، أما الأنصاف هو نصف الشيء في كلّ شيء، وهو ما يقبل القسمة على اثنين..
والأنصاف يمكن أن تعني الوسطية، والوقوف في المنتصف بين طرفي نقيض..
النصف الممتلئ أفضل من النصف الفارغ باتفاق الجميع، ولكن بنظرة فلسفية حين يكون النصف من القلب فارغا من الشر والحقد والحسد والنفاق وغيرها أفضل من أن يمتلئ بعكس كل هذا ولكنه يبقى قيد الانتظار أن يملأ بالخير، والحب، والسلام، والقيم ما استطعنا فالكمال لله وحده..
ومع هذا هناك أنصاف قد تكون غير مقبولة، وهناك من يراها عكس ذلك!
بعض أصحاب الأنصاف يعشقون البقاء في نقطة المنتصف! في سلّم قناعاتهم رغم أمنياتهم أن يصعدوا لأعلى السلم! ولكن قد تكون إمكاناتهم أو ظروفهم تقف عائقا أمام طموحهم..
من هؤلاء من يقال له نصف متعلم كأن يحلم أن يصل إلى أبعد نقطة في طموحه، وتوقف حلمه أو أوقف حلمه لسبب فاضطر للتوقف في منتصف الطريق لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء!
ولدينا نصف أحمق فلا تستطيع تصنيفه لأي فئة ينتمي! أحيانا تراه من حيث الذكاء مُحق وأحيانا غبي متهور !
وكذلك نصف طبيب ذاك الذي اكتفى بالشهادة ويكتب وصفة العلاج للمريض قبل أن يكمل سماع شكواه! وهو الذي نحترم شهادته فقط حينما نثق أنه نالها عن جدارة واستحقاق، أما من حيث الأداء فاللهم سلّم سلّم..
وهناك أيضا نصف واعٍ يأخذ من هذا وذاك لا يميّز بين الخبيث والطيب، يمكنك أن تعده ساذجا يصدق كلّ ما يسمع، ويعتمد على وكالة يقولون فيبرمج نفسه على سماعه دون تحقق من سلامة ما سمع..
وهناك نصف مثقف حفظ مفردتين وتصدّر كل المشاهد يُنظّر في كل المواضيع! وعقله خاوٍ وثقافته هشة، ويتكئ على صوته المرتفع ومفردتين، والمزعج في أمره حين ينبري لتصنيف الآخرين ووضعهم في خانات لا تليق بهم بناء على ما يراه هو..
وهناك نصف عادل وهو من يقف على الحياد في الحق وليس في كل الأحوال متجاهلا أن الحياد في الظلم ظلم..
أشكال الأنصاف متنوعة ومتعددة ولك أن تتخيل نفسك في منتصف سلّم أعلاه قصر منيف تحيط به حدائق غناء، وأسفله هاوية سوداء لا ترى قرارها وما حولها موحش، أيهما تختار؟ أن تصعد للقصر؟ أو تهبط للهاوية؟
أنت وعقلك .
بقلم: جواهر الخثلان
الأنصاف
(0)(1)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6592846.htm