الهيبة والوقار، القبول ومحبة الناس، هبة من الله للبعض، ويرتفع معدلها بالتعلم والممارسة وحسن الخلق، والوعي وحسن التصرف، وتضمحل إن كثر اللغو واللغط والاستهتار وادعاء المعرفة والبحث عن الأضواء وحب الظهور !
وحين يسعى أيٌّ منا إلى التحلي بإحدى الصفات التي تصنع له كاريزما خاصة(بالطرق المشروعة)
فهذا مقبول، كان يدْرس أحدهم الطب ويفني أجمل سنوات عمره بين الكتب، والمعامل، والعيادات حتى يكتسب المعلومة والمهارة، فهذا من يحق له أن يشار إليه بالبنان هذا (الدكتور)
أما أن يأتي مستهتر تضيع أيامه ولياليه في السفر والسهر، ثم يأتي بشهادة دفع فيها مبلغ وقدره! ويستلم عيادة أو مكتبا في جامعة، فهذا من الإجرام في حق الإنسانية أن يسمى دكتور ..
العجيب انتشار ظاهرة توزيع الألقاب! وكأنها سلعة رخيصة في متجر وضيع يُسوّق للبضائع الرديئة!
فهناك مسطول يملك المال، ابتاع له الأعوان والمرتزقة لقب شيخ !
وهناك منافق عليم اللسان، أخذ علمه من مصادر مشبوهة، فُتحت له المساحات والقنوات التي تدعم توجهه وبدأ في التنظير! ومُنح لقب الداعية ظلما وزورا وطارت بأخباره الركبان! فتبعه الجهلة وهذا لعمري أشد الألقاب خطورة حين يُتخذ الدين سببا للثراء والشهرة..
والعجيب حينما يلقب أحدهم بالمستشار وهو أبعد ما يكون عن الحكمة والعدل، بل يكاد أن يغرق في مشاكله فلا نفع نفسه ولن ينفع غيره، فهو يتخبط في متاهات التأويل والتحليل والتضليل، دون استناد على علم أو فراسة أو تأهيل! والأشد مرارة حين ينبري للشورى وقد تعلق قلبه بما يناقض عقله! فيميل حيث مال هواه وحيث تقوده عاطفته..
أما لقب إعلامي فحدث ولا حرج، فقد أصبحنا نشاهد ونسمع أشخاصا لا ثقافة لديهم ولا إمكانات لغوية، ولا تأهيل دراسي ولا حتى أسلوبا مقبولا، ولكنها ضربة الحظ حينما رفعت اسمه ليتصدر وسائل الإعلام الهش، وليته يعلم أنه أضحوكة لعامة الجماهير إلا السفهاء منهم..
عن أي سلعة نتحدث؟
هل ألقاب للبيع هو ما ينقصنا ليخرج علينا التافهون الذين سوقت لهم وسائل التواصل والإعلام بأجمل الصور، وألبستهم حُلل الألقاب الفخمة والباذخة؟!
إنه الخواء ولا غيره حين نسمح لمثل هؤلاء باقتحام ذائقتنا، ونترك لهم المساحات الإعلامية ليعيثوا فيها تدميرا وفسادا..
الألقاب عزيزة فلا يجب أن تمتهن بإسقاطها على من لايستحقها..
ارتقوا بذائقنا ياسادة، ولا تجعلوا من التافهين والساقطين وجهاء الألقاب المباعة.
أغلقوا دكاكين بيع الألقاب أمام المنتفعين وأنزلوا الناس منازلهم فلا يرفع قدر إلا لمستحق.
كتبه: أ. جواهر الخثلان