يزعجنا كثيرا ما نعتقده تراجع في ذاكرتنا ونظن أنه داهمها شبح النسيان ونتخافت فيما بيننا ونشتكي لبعضنا من سطوته وكيف نعالجه ونسعى لتدريب أنفسنا على الشفاء منه وكأنه مرض ينخر فيما تماسك من قدرتنا على التذكر !! وتغافلنا عن الجانب الايجابي فيه وركزنا على ضرره الذي نجلبه نحن لأنفسنا باستسلامنا وعدم مقاومة زحفه و تقليم مخالبه حين تنهش فيما لدينا من جماليات نسعد بتذكرها حين تمر في لحظات التجلي والاستمتاع بها كذكرى .
النسيان نعمة فلولاه بعد مشيئة الله لمات الكثير منا إما حزنا او جزعا او كمدا او قهرا
النسيان نعمة حين تأتيك أقدار الله فتنتزع منك غال عليك ويغيبه الموت الأبدي عن عينك فيشرع قلبك ينزف بدلا من السعادة ألم وحزن
النسيان نعمة حين تسقط فريسة للأوهام التي تتغذى على هدوء نفسك وصلابة مقاومتك للخوف والهم واليأس ،النسيان نعمة وغاية وانت تصارع خوفك من المستقبل وتتناسى كل معضلة يمكنها الوقوف في وجهك لتعيش سويعات يومك بحبور وتدب في الارض للبناء وتشييد قصور احلامك وتجسيد أمانيك واقعا جميلا أخاذا ،النسيان نعمة وانت تتخطى غدر احدهم او خيانته او تجريحه لك وتلقي بكل هذا خلف ظهرك وتسير بما تبقى لك من قوة وصبر وحلم هانئا وسعيد.
النسيان نعمة وتجاوزك لكل الخيبات والصدمات في حياتك لتقف مُجَدَدا قويا صلبا لا تنهزم ولا تنكسر .
ويكون النسيان نقمة حين تنسى او تتناسى معاصيك فلا يطفق لسانك بالاستغفار وجنانك بالتوبة فتصبح دمعة الندم عصية على عينيك،
النسيان نقمة حين تنسى قدرة الله عليك فتظلِم وتتكبر وتستصغر غيرك وكأن الأرض لا تحمل سواك ، النسيان نقمة حين تنسى نعِم الله عليك فتسرف وتطغى وتتقلب في النعم دون شكر منعمها والمتفضل بها عليك، النسيان نقمة حين تنسى المعروف فتتجاهل رد الدين بأجمل منه
وتقلب صفحة الاحسان إليك دون شكر المحسن
أما ابشع انواع النسيان أن تنسى من أنت وكيف كنت وكيف اصبحت وكيف ستكون !! واقسى انواع النسيان ان تنسى أن النسيان يوما ما سيزحف على ذاكرتك حتى ينسيك من انت ومن تكون ومن هؤلاء المحيطين بك وهم أقرب الناس اليك .
وانت لا حول لك ولا قوة الا بخالقك.
بقلم: جواهر محمد الخثلان