الاقتصاد هو النشاط البشري الذي يقوم على العلاقة بين المقاصد والأهداف وله دور فاعل في تنظيم الحياة الاجتماعية لتحقيق الرفاهية الاقتصادية المطلوبة.
وتعني اقتصاديات الأسرة تدبير وإدارة شؤون المنزل لتمتع أفرادها بالمنفعة الاقتصادية التي تلبي احتياجاتهم ومتطلباتهم.
ومن يعيش في وسط أسرة لديها فرد من ذوي اضطراب طيف التوحد يُدرك كيف تكون معدلات الصرف اللامنتهية لتلبية الاحتياجات الكبيرة التي يحتاجها هذا الطفل بمفرده دون غيره، وصعوبة ترشيد الاستهلاك في أمور ميزانية الصرف المرتبطة بالاحتياجات والمتطلبات الضرورية ناهيك، لو كان بالأسرة أكثر من طفل لديهم اضطراب طيف التوحد.
وعلى الرغم من أن كل فئة من فئات ذوي الإعاقة لديهم متطلبات هامة ومُكلفة اقتصادياً يتم الصرف عليهم من خلال خدمات التربية الخاصة وغيرها في مختلف مراحل عمر ونمو الطفل؛ إلا أنني أخص في مقالتي هذه "الأفراد ذوي اضطراب التوحد" عن غيرهم من الفئات الأخرى لعدة أسباب: أنهم – كما أكدت الدراسات المختلفة- من أكثر الفئات انتشاراً مقارنة بالاعاقات المختلفة، كثرة المشاكل المرتبطة بهم والتي تتطلب تدخلات مستمرة وفورية مدى الحياة، كما أن بعضهم لديهم اضطرابات مصاحبة مع الاضطراب الرئيس (التوحد)، اختلاف شدة الأعراض، كل ذلك في مقابل ارتفاع التكلفة للخدمات المرتبطة بهم.
تُعاني أسر ذوي اضطراب التوحد من زيادة حجم التكلفة الاقتصادية التي تُرهق كاهل الأسرة مادياً، والذي قد يعرضهم إلى الخطر الاقتصادي والوصول إلى حد الفقر وبالأخص لذوي الدخل المحدود منهم، والحقيقة أنه رغم ما تبذله الحكومة الرشيدة من دعم مادي وتسهيلات لا محدودة مع كافة فئات الاعاقات، والجهود الكبيرة التي تبذلها في سبيل رعاية ذوي حالات التوحد وتعليمهم مدى الحياة، ناهيك عن جهود بعض القطاعات والهيئات ذات العلاقة وبالأخص جمعية أسر التوحد وما تسعى له لايفاء بعض المتطلبات وتوفير الدعم لمستفيديها؛ إلا أن هناك ضغوطات اقتصادية ترهق كاهل الأسرة والتي تتضاعف بشكل كبير جداً عندما تضاف مصاريف التنقل والسفر للأسر التي تعيش في المناطق والمحافظات النائية والتي يقل بها بعض الخدمات المتخصصة، ومن هذه الضغوطات نذكر على سبيل المثال :الرسوم المدفوعة مقابل الخدمات الصحية وما يتعلق منها بالجوانب التعليمية (خدمات التربية الخاصة) كالتدخل المبكر وتنمية المهارات وتعديل السلوك – تحليل السلوك التطبيقي – العلاج الوظيفي – التواصل (اللغة) حيث يتراوح معدل تكلفة الجلسة اليومية من ثلاثمائة – إلى أربعمائة ريال ، ناهيك عن التكلفة المرتبطة باستقدام العمالة المنزلية لرعاية هذا الطفل ، ناهيك عن المستهلكات باهظة الثمن الناجمة عن سلوك التخريب المرتبطة بأشياءه الشخصية (كتكسير شاشات الايباد والشواحن وضياع أو تكسير النظارة الطبية إذا كان من مرتديها ...)، أو المرتبطة بتجهيزات المنزل ومنها تخريب أجهزة التلفاز والكمبيوتر.
من مقالتي هذه أتطلع من رجال الأعمال والقطاع الخاص دعم الأسر في معدلات الصرف والاستهلاك من خلال إيجاد التنافس الشريف في تقنين أسعار الخدمات المرتبطة بهم ، بالإضافة إلى تقديم الخدمات المجانية لهم لدعمهم في ترشيد الاستهلاك اليومي.
كما نتأمل من حكومتنا الرشيدة أن تقوم الحكومة بتحفيز القطاع الخاص للقيام بدور في هذا الشأن.
د. أروى علي أخضر
دكتوراه الفلسفة في الإدارة التربوية