تعمدت السعودية إظهار بيان مفاده توسل بايدن المملكة بتأجيل قرار أوبك لمدة شهر واحد ما يعني أن جو بايدن يدعو السعودية للتدخل في الانتخابات الأمريكية والتأثير عليها لتمكين الديموقراطيين من مجلس الكونغرس
ويفترض أن تكون هذه جريمة فقد سبق أن تم معاقبة ترامبعليها سنة ٢٠١٩ وتقول السعودية حاولنا بكل السبل الممكنة توعية الجانب الأميركي عندما خرج وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير
وقال أن النفط ليس سلاحاً وخرج فيصل بن فرحان وقال أن الموضوع لاعلاقة به بالاعتبارات السياسية وأن أوبك مهمة لتحقيق توازن سوق النفط..
و صرحت أغلب الوسائل الدبلوماسية السعودية لتأكيد أن هذا القرار هو قرار فني واقتصادي بحت لكن واشنطن تصر أن أبعاده سياسية ..
فهم يرون أن السعودية تنحاز لروسيا و أنها تعمدت إنهاء مسيرة ومستقبل جو بايدن السياسي بهذا التصرف..
كما أظهرت صحيفة القارديان البريطانية مقالاً
يبرهن أن السعودية لاتراهن على روسيا بل على علاقتها مع الجمهوريين في الفترة القادمة في الكونغرس..
إضافة لإظهار علاقة ربط بين السعودية والحزب الجمهوري وهذا لا يعني أن الجمهوريين سيعملون لوبيات مخصصة أو جماعات ضغط للدولة السعودية وإنما المعنى هو مدى تأثير السعودية في قلب طاولة الأحزاب السياسية هناك وهو نفس السبب الذي جعل بايدن يحاول تدارك العلاقات عندما قام بزيارته للسعودية..
وقد علق عادل الجبير عن قرار إيقاف الصفقات العسكرية و ألقى الضوء على ماسبق وعن هذا التصعيد الأمريكي وجب أن نقول بأن المملكة العربية السعودية تعيش في أقوى و أهم وقت لتمرير فكرة أن المملكة تتحول وأن سياستها تتغير وأن التوازن هي السمة السائدة في القرارات ..
ولمن يقول لماذا السعودية اختارت هذا القرار في هذا الوقت ؟ فالجواب هو أن السعودية تدرك أنها في وضع دولي قوي مؤثر ومهم جداً ولو لم تستغلها أقصى وأذكى استغلال فلن يحدث بعد ذلك..
كما نشرت صحيفة نيوزويك امتعاضاً وتساؤلاً غاضباً عن كيفية بيع أميركا مصفاة "بورت ارثر" للسعودية؟
والتي تعد أكبر مصفاة لتكرير النفط وتحويل النفط الخام لديزل وبانزين وتعتبر مصفاة استراتيجية حيث اشترت شركة أرامكو "بورت ارثر" في أواخر الثمانينات ١٩٨٩ بنسبة النصف ٥٠ بالمئة بينما ظلتال٥٠ بالمئة المتبقية الأخرى مملوكة لشركة شيل الأمريكية بعدها استحوذت السعودية على النصف الآخر في عهد دونالد ترامب سنة ٢٠٢٠ مازاد حنق الإعلام الأمريكي هذه الفترة..
وفي ظل نقاش الأمريكيين لصفقة الطاقة والسلاح بعاطفةأعادت ألمانيا فتح صفقات السلاح مع السعودية وتلقى وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان آل سعود مكالمة من نظيره وزير الدفاع البريطاني بن والاس Ben Wallace لتأكيد العلاقات العسكرية و التعاون الاقليمي والملفات المشتركة بين الجانبين، وهذه لفتة مهمة وعظيمة مفادها بأن السعودية وهي تبدأ بتنويع صادراتها العسكرية لن تذهب خارج حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية إنما للحلفاء أولاً ..
وأن السعودية عندما دخلت مع هذه الدول عسكرياً كانت تحت منهج تمكين وتوطين ٥٠% من مقدراتها الصناعية وقد وصلت الى ١٥% وتسعى بالسنوات القادمة الى ٥٠ بالمئة المتبقية ، ما يعني أنه على المدى القصير سيكون لها قدرة أكبر للحفاظ على علاقتها مع واشنطن و في مستوى التوازن المعروف في علاقة المملكة بدول العالم..
ولكن بعد ذلك سيكون للسعودية ٥٠بالمئة من صناعاتها العسكرية ولا أعتقد أن البنية العسكرية التي تحتل الميزانية الثالثة على مستوى العالم عسكرياً قد تحتاج لتعزيز ودعم من الخارج !
بل هم من سيكونون بحاجة للسعودية.. فأنت من يحتاج للبنية العسكرية والمصانع وللتعاون مع السعودية فالمملكة لن تقف إلى حد التصنيع فقط بل لأبعد من ذلك من خلال ابتكار أنظمة دفاع جوي وعابرات المقاتلات الحديثة بالتالي ستفرض السعودية نفسها على سوق السلاح ككل وليس كمستورد وكدولة صانعة مبتكرة ودولة تمتلك بنية أساسية قوية تمكنها من أي صناعات عسكرية فهي من الدول العشر الأضخم في ميزانيات الدفاع في العالم..
لذلك فإن السعودية تسير متوازنةً ما بين ثقلها النفطي الحالي في تدعيم ثقلها العسكري القادم..
ولنفترض أن المملكة لم تتمكن من الصناعات العسكرية لأي عائق كان فهناك حلفاء لأمريكا كبريطانيا و فرنسا تبحث عن مصالحها بشكل مكثف ، وهذا الأمر تستطيع أن تراه في حادثة طرد بريطانيا و أمريكا لفرنسا من اتفاقية اوكوسAUKUS أو حلف اوكوس مع استراليا والتي كانت ستبيع بموجبه غواصات بتكلفة ٥٠ مليار دولار ..
بالتالي دولة كفرنسا وبريطانيا يهمها في ظل التضخم والركود وظل الأزمات الاقتصادية مصالحها بأي وسائل ممكنة..
والسعودية على سبيل المقارنات ليست مثل كوريا الشمالية المنبوذة جداً أو إيران المنبوذة أيضاً والتي تتمحور كل سمعتها العسكرية بالصواريخ البالستية ! فنحن لن نستطيع تحقيق الردع والكفاءة بصواريخ بالستية فقط ! إنما يتحقق ذلك بامكانيات مادية لاتتوفر في كوريا الشمالية ولا في طهران في ظل العقوبات والعزلة المفروضة..
بالإضافة لترسانة الصين العسكرية المفتوح للسعودية والكفيل بتحقيق الامكانيات العسكرية وتعزيز فكرة قوة الردع بشكل كاسح في منطقة الشرق الأوسط ككل، لكن السعودية لن تقتصر على أنظمة الصواريخ البالستية فحسب أو بأنظمة الدفاع الجوي بل لها القدرة أيضاً في التصرف بكل هذه الأسلحة بحرية وسهولة، فهي تستطيع استخدام الرافالبسهولة ، و التورنيدو بسهولة أو الإف سي ٣١ الصينية بسهولة والتي عرضت الصين توطينها وتصنيعها في المملكة ..
تستطيع أن تحقق بسلاح واحد ما تستطيع تحقيقه بكل الأسلحة لا نغفل أهمية أن جميع الأسلحة مطلوبة وموجودة لكن من كل هذا الكلام أين هي القوات الجوية الروسية؟ وما موقعهاإزاء ما يحصل في أوكرانيا ؟ أو القوات الجوية الإيرانية ما حالتها المتقدمة والمتعسرة جداً هذه الفترة؟ أو ماهي القوات الجوية المتوفرة لكوريا الشمالية ! نتكلم هنا عن أكثر دول معزولة فما بالك بالسعودية ؟
حيث أنها لا معزولة وليست تحت بند عقوبات معين..
وهذا ما يخيف ويربك الديموقراطيين وأكثر ما يرعبهم
سواء كان بقطع العلاقات أو بتخفيض مستوى التعاملات، فلن تحد جميع المحاولات الأمريكية المملكة عن توجهها لنقطة التوازن عسكرياً وسياسياً وهذا ما يؤلم واشنطن Washington هذه الفترة ، فهي تعلم أنها مهما فعلت فالسياسية السعودية تعلم طريقها جيداً ماضية فيه ولن تتراجع عنه وهذا أشد أنواع الخطر المحدق على إدارة بايدن..
كما أن وكالة بلومبيرغ طرحت سؤال وأجابت عليه حيث تناولت العلاقة الحالية بين السعودية وامريكا وأنه واجب على الحكومة الامريكية أن تغير مفهومها تجاه السعودية ودول الخليج وأن تتقبل هذا التغير، وأنه من الواجب عليهم إحياء عقيدة كاركتر لسنة ١٩٧٩ مرة أخرى
وهو أن أي تأزم يحصل في العلاقات مع دول أخرى أو أي اعتداء على المصالح السعودية أو الخليجية فإن الجانب الأمريكي سيتوقف..
مع التزام وتعهد سعودي بأن المملكة تحمي المصلحة الأمريكية في مجالات الطاقة والنفط بين الدولتين، وهذا الأمر تم طرحه مسبقاً، وأن جلسة اوبك القادم في شهر ديسمبر يجب أن تحاول المملكة إنهاء التخفيض الذي قامت به الشهر الماضي كبادرة حسن نية..
جميعنا يعلم الاتصال الذي تم بين سمو الأمير محمد بن سلمان ورئيس اوكرانيا زيلنسكي الذي شكر السعودية على مساعدات انسانية أتت من المملكة بقيمة ٤٠٠ مليون دولار..
لطرد فكرة أن السعودية داعمة ومنحازة لروسيا فلو كانت المملكة كذلك لما سيتقدم زيلينسكي بالاتصال والثتاء والشكر وكتابة تغريدة تؤكد متانة العلاقات والتوازن السعودي!
النقطة الثانيه معنية بروسيا وبوتين نفسه فالتنسيق مع موسكو في أوبك ستظل السعودية مستمرة على طول الخط ، فالمملكة العربية السعودية تعي سياسات روسيا تجاه إيران وتدرك حجم التدخل الروسي في سوريا..
فالسعودية هنا لم تبعث فقط رسالة لقمع الدعاية الأمريكية وإنما لروسيا أيضاً ، ولايقتضي الاختلاف السعودي الأمريكي أن المملكة حليف روسيا بل أن السعودية تحقق التوازن وتؤكد عليه ..
وأن السعودية لن ينفع معها عقد جديد أو حتى احتوائها على أهواء من يملي عليها مقابل حماية مصالحها ..
فالدولة التي تتحدى أمريكا إذا لزمت المصلحة السعودية وتتحدى مصلحة روسيا إذا لزمت المصلحة السعودية لن ينفع معها أيضاً فكرة عقود أو صفقات أمنية بالشكل الذي اعتادته أمريكا سابقاً..
وأن الفصل القديم من العلاقات لن يعاد إلا بمحددات معينة وشروط جديدة تفرضها السعودية ليس على واشنطن وموسكو فحسب بل حتى الصين ..
فقد تكلمت صحيفة بلومبيرغ بأن الصين تقفز على العلاقات السعودية الأمريكية
وبأن التجربة السعودية تنحرف ناحية علاقات أفضل مع الصين وروسيا كدول غير مزعجة ..
في مقابل علاقات وثيقة جداً على مستوى التبادلات الاقتصادية ٦٥ مليار دولا ر مابين السعودية والصين في مقابل أقل من ٢٠ مليار دولار بين الرياض وواشنطن..!
كذلك انشاءات خط السكك الحديدية وتدعيمات للموانىء من الجانب الصيني، ماجعل المملكة تركز في خطة ٢٠٣٠ وتجعلها مناسبة لخطة الحزام والطريق وهذا مالا يسعد الأمريكان ويزعجهم..
لذلك فالزخم حالياً مبني على تحركات صينية سوف تتم بشكل سريع ومكثف تجاه السعودية الفترة القادمة..
هذا ماذكرته الصحيفة الأمريكية متجاهلة أنه في حال أرادت الصين ضم تايوان لها أو احتلالها سيكون هنالك موقفاً سعودياً معين، أو موقف سياسي معين أو اقتصادي معين ..
فالصين ربما كدولة عظمى ستطلب ماطلبته واشنطن من المملكة ، من الممكن أن الخيارات الصينية حالياً ليست كثيرة بحكم أزمات تحيط بها كالأقليات في الداخل و تايوان في الخارج والمحاولات التي تحاول أمريكا إشعالها على حدودها بين اليابان وكوريا الجنوبية لكن هذا لايعني أن الصين ستظل حملاً وديعاً بهذا الشكل !!
بل ستحاول في فترة من الفترات بمطالبات فيها من الغطرسة الأمريكية و فيها من الضغوطات والاغراءات الأمريكية وتستذكر جيداً أن المملكة وقفت أمام ضغوطات اوروبا وبايدن بمنتهى القوة والصمود ولن تتراجع أو تتغير..
مايجعل هذا أيضا إشارة واضحة جدا لبكين بأن الإجابة ستكون لأ، إزاء أي طلب أو ضغط صيني في المستقبل..
مثلما قيلت لبايدن وبوتين تماماً..