في يوم السبت 1444/5/16هـ وفي المستشفى التخصصي بمحافظة جدة صعدت روح الإمام القاريء الخاشع الذاكر احمد بن محمد الحواش إلى بارئيها عن عمر يناهز السبعين عامًا
كان إمامًا وخطيبا ومدرسًا ومرشدا في الجامع الكبير
بخميس مشيط لمدة 45 عاما
من سمات الشيخ أحمد طول الصلاة في الفرض والنفل وشدة الخشوع فيها
تلمس في صلاته خشوعًا عجيبًا
وإنكساراً عظيمًا ومناجاة مدهشة ربما سبح في السجدة
مائة تسبيحه في الفرض وتأثر به الناس حتى أصبح الأئمة في أبها وخميس مشيط والمحافظات المجاورة يطيلون الصلاة أكثر من غيرهم تأثرا من خشوع الشيخ الحواش
أما صلاته في النفل ففوق الوصف في الطول والحسن والإبتهال
وكان غزير الدمع رقيق القلب أسيف كثير البكاء لا يكاد يصلي إلا بكى
فهو من البكائين وإذا سمع القرآن أو الموعظة من غيره بكى
وبكوني صديق لأسرة الحواش ولاسيما أخوه الشيخ سعيد واخوه وعبد الرحمن وابن الشيخ محمد وعدد من شباب ال الحواش
كانوا يحدثوني كثيرا عن صلاته
وتضرعه وبكائه وانقطاعه لله
حتى ربما ختم القرآن في ليلة
وعادته في تلاوة القرآن أنه يختم القرآن كل يوم
أما في رمضان فكان يحيي الليل كله في جامعه من أول الشهر
فيقرأ عشرة أجزاء وأحيانًا أكثر
ويختم في التراويح كل ثلاث
حتى الذين يصلون معه ربما لا يترك لهم الا 10 دقائق قبل أذان الصبح للسحور وكان بعض المحسنين يعدون للمصلين وجبة السحور
أما صوته فكان عذبًا جميلًا شجياً مؤثرًا
ومن الملفت في صلاته إذا كبر تكبيرة الإحرام يكاد يخلع قلبك
ورد عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه إذا كبر للإحرام يكاد يخلع القلوب من خشيته وتعظيمه لله
أما الذكر والدعاء والابتهال
فليله ونهاره كله ذكر وتسبيح ودعاء
أما خطبه ومواعظه ومحاضراته
فمن يسمعها يجد خشوعًا كبيرًا وتعلقًا بالله وإقبالًا عليه
ربما حضر بعض العصاة فتاب وأناب وعاد إلى الله
كان عنده درس كل جمعة مابين المغرب والعشاء يحضره عدد كبير من عامة المسلمين ويدعو للحاضرين دعاءاً عظيما
كان كثير الصيام فيصوم الإثنين والخميس والبيض والأيام الفاضلة التى حثت عليها النصوص
وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان
للشيخ أحمد حبًا عظيما عند عامة الناس في المملكة وخارجها خصوصا منطقة عسير
والشيخ يتمتع بخلق رفيع رقيق
لين سهل
وفيه رقه لأهله وأولاده ولطف عجيب رغم أنه متزوج أربع نساء
رضى بالسكن الضيق المتواضع من الزنك فوق سطح المسجد لتعلقه بالمسجد
رغم أنه يمتلك بيتا كبيرا في أحد أحياء الخميس
وتحمل الازعاج المحيط بالمسجد كونه في وسط السوق والحركة كثيرة وأصوات الباعه
ترتفع أحيانًا
كما أن المسجد محيطة به
طرق السيارات
والذين يوصلون المشاوير واصحاب التكاسي يصيحون على الناس هذا يقول أبها أبها
وهذا نجران نجران وذاك الرياض الرياض … الخ
والشيخ لا يلتفت لهذا الازعاج لانه تعلق بالله
وكان الشيخ يحب العمل الخيري فيحث التجار والمحسنين على بناء المساجد والمشاريع الخيرية فتمت مشاريع كثيرة بترغيبه وحثه وتحفيزه
قد ينتقد بعض الناس بعض إجتهادات الشيخ
وهذا هو العمل البشري لا يكمل لاحد فكل يؤخذ منه ويرد
والكل يخطئ ويصيب
كان بعض العلماء ربما تجد له ثلاثة أقوال أو أكثر في المسألة
الواحدة منهم الإمام الكبير أحمد بن حنبل رحمه الله
لازم الشيخ الحواش في الخمس السنين الآخيرة من حياته الحرم المكي
فلايرجع لبيته الا للنوم
من المشاهد في حياة الشيخ
تعلقه بالمسجد من الصغر قبل
البلوغ فكان يحب الذهاب المبكر للمسجد وربما سبق المؤذن فإن تأخر أذن مكانه
وكان ينيبه إمام الجامع قاضى الخميس الشيخ ابن عياش الغامدي إذا إنشغل
وبعد ذلك رشحه مكانه ليتولى الإمامه والخطابه من بعده
هذا واحد من الأولياء لله في زمن الغربة والفتن رسوخ وثبات وصدق
فهل يكرمنا الله بمثله ظاهرًا بيناً يقتدى به
رغم علمي أن في الخفاء رجال ونساء كثير عباد زهاد بدرجة كبيرة جدًا ولكن نحتاج للإمام في العلن يقتدى به ويحتذى
ويجدد ويُرغب
،،،
الباحث في الشؤون الاسلامية والقانونية والإجتماعية
حمود سعيد الحارثي