هذا السؤال يثير الكثير من الجدل والنقاش بين المتخصصين في مجال التعليم وعلم النفس. بعضهم يرى أن بطء التعلم هو مؤشر على وجود صعوبات تعلمية أو اضطرابات نفسية أو عوامل بيئية سلبية تؤثر على قدرة الفرد على استيعاب ومعالجة المعلومات. وبالتالي، يحتاج هؤلاء الأفراد إلى تقديم الدعم والتدخل المناسب لتحسين مستواهم التعليمي وزيادة ثقتهم بأنفسهم. أما البعض الآخر، فينظر إلى بطء التعلم على أنه خاصية فردية تتعلق بطريقة تفكير وتعلم كل شخص. وبناءً على ذلك، يجب احترام وتقبل هذا التنوع وتوفير بيئة تعليمية محفزة ومرنة تتناسب مع احتياجات وإمكانيات كل متعلم. وفي هذا المقال، سنحاول استعراض بعض الأبحاث والآراء المختلفة حول هذا الموضوع، وكذلك بعض النصائح والإرشادات للتعامل مع بطء التعلم بشكل إيجابي وفعال.
فالأفراد يختلفون في قدرتهم على التعلم وسرعة استيعاب المعلومات، وقد يكون هذا الاختلاف نتيجة للعديد من العوامل، بما في ذلك الوراثة والتربية والتجارب السابقة والظروف الحالية.
لكن يمكننا أن نستخلص بعض النقاط المهمة التي تساعدنا على فهم هذا الموضوع بشكل أفضل وأوسع:
- بطء التعلم ليس عيبا أو نقصا في حد ذاته، بل هو مؤشر على أن المتعلم يحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد والدعم لفهم واستيعاب وتطبيق المعلومات والمهارات التي يتعلمها.
- بطء التعلم قد يكون ناتجا عن عوامل مختلفة، مثل البيئة التعليمية، وطرق التدريس، وأساليب التقييم، والأسلوب الشخصي للتعلم والذكاءات المتعددة، والحافز والثقة بالنفس، والصحة النفسية والجسدية، وغيرها.
- بطء التعلم لا يعني عدم التعلم أو توقف التعلم، فالمتعلم البطيء قادر على التقدم والتحسن في مستواه العلمي والمهني إذا توفرت له الفرص والإمكانات المناسبة لذلك.
- بطء التعلم يحتاج إلى تقبل وتفهم وتشجيع من قبل المحيطين بالمتعلم، سواء كانوا أسرته أو أصدقائه أو معلميه فهذا يزيد من ثقته بنفسه ورغبته في التطور.
- بطء التعلم يستدعي تبني استراتيجيات تعليمية وتعلمية فعالة تناسب احتياجات وإمكانات المتعلم البطيء، مثل تحديد الأهداف الواضحة والقابلة للقياس، وتنظيم الزمن والأولويات، وإستخدام الأساليب المرئية والسمعية والحركية، وإستغلال التكنولوجيا الحديثة، وإشراك المتعلم في عملية التقويم المستمر، وغيرها.
هنا سنسلط الضوء على بعض الجوانب المتعلقة بعملية التعلم والتطور الشخصي والمهني. وسنرى أن بطء التعلم ليس بالضرورة نقص أومحجماُ لقدرات الفرد، بل قد يكون فرصة للاستفادة من مزايا وإمكانات لم يكتشفها بعد لنحدد ما نقصد ببطء التعلم هذا المصطلح قد يستخدم لوصف حالات مختلفة مثل:
- صعوبة في فهم أو استيعاب المعلومات أو التعليمات.
- ضعف في التركيز أو الانتباه أو الذاكرة.
- قلة في الحافز أو الثقة أو الإصرار.
- تأخر في تطبيق أو ممارسة أو تحسين المهارات المكتسبة.
كل هذه الحالات قد تؤثر على سرعة وجودة التعلم، ولكنها لا تعني أن الشخص غير قادر على التعلم أو التطور، فالتعلم هو عملية مستمرة ومتغيرة تتأثر بعوامل كثيرة مثل :
- نوع ومستوى ومصدر المادة التعليمية.
- طريقة وأسلوب ووسيلة التدريس أو التقديم.
- طبيعة وخصائص وأهداف المتعلم.
- البيئة والظروف والتحديات المحيطة.
ولذلك، فإن بطء التعلم قد يكون نتيجة لإنسجام أو عدم إنسجام بين هذه العوامل، ولا يعكس حقيقة ثابتة أو محدودة عن قدرات المتعلم لننظر إلى بطء التعلم من منظور إيجابي، فبدلا من اعتباره عائقا أو عيبا، قد نستطيع إستغلاله كفرصة لتحقيق فوائد مختلفة، مثل تحديد نقاط الضعف والقوة في عملية التعلم، والبحث عن طرق لتحسينها أو تغييرها أو تطويرها.
بقلم أ. حنان جمعان الغامدي