شدني جدا هذا المصطلح ( صيانة العلاقات ) وخُيل إليّ أن العلاقة بشخص ما ماهي إلى بناء، أساسه يفترش جوف الأرض، وعلو سقفه لا تراه بالعين المجردة..
لنبحر معا في عُباب بحر الخيال، تخيل أنك في مدائن مكتظة بالبنايات، وهذه البنايات هي علاقاتك بالآخرين، تحت نظرك بناية للتو تضع لها حجر الأساس، وعن يمينك أخرى عملاقة جدا وقديمة جدا ترى بعض عوامل التعرية وقد حفرت أخاديدها على مظهرها الخارجي، وعن يسارك بناية ضخمة متمددة بالعرض، وأخرى وثانية وثالثة وعشرون وأربعون، علاقات متعددة كالبنايات وعليك أن تقوم بتفقدها جميعا ترمّم هذه، وتفرح بتلك، وتتألم لأخرى، وتستظل بشاهقة متماسكة تتصدى لاعتى رياح التغيير وأشدها وهكذا للعديد من البنايات التي تحيط بك وتتنقل بينها وتخطط لصيانة المتهالك منها.
هناك علاقات آيلة للسقوط، قد يكون الإهمال منك ما جعلها تصل إلى هذا الحال لاسيما حين تكون تلك العلاقة من الأقربين، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا..
هناك من العلاقات أيضا من يصدّك حين تفكر في ترميمها ! إما بلا مبالاة، أو تقدير، أو حرص عليك، أو قد يكون عتب وزعل لا زال يقبض على قلب صاحبه فلا يستجيب لك !
تفقد علاقتك بالآخرين، وقم بترميمها وصيانتها، إذْ هي فن وقبل ذلك هو ( خُلق ) يبرع فيه أولئك الذين يتمتعون بقدر كبير من الحلم، والصبر، والأناة، فليس من السهل أن تكسب قلوبهم دون أن تقدم لهم عربون هذا الكسب المشروع بالتنازل عن بعض الحقوق البسيطة أحيانا والتغافل عن الزلات ثم إن الناس تختلف في قدرتها على التفهم، والاحتواء، والحلم، فمنهم من يفهم حديثك، ومنهم من يفسره بغير ما أردته، ومنهم من يستفزه، ومنهم من يلتمس لك العذر وهكذا، وهنا تكون مسؤوليتك كبيرة في تفقد علاقة تبدو شاحبة لإهمالك لها وعدم سؤالك عن صاحبها، واحيانا مداراة او مرعاة لأحدهم الذي تثق في نقاءه الداخلي ولكنه متهور بعض الشيء
وهناك علاقة غريبة تنتظر الدفن في مردم سوء الظن حينما تتركها دون تفسير لما بدر منك نحوها، وهناك أخرى لا تعيش الا على تواصلك الدائم معها، وغير ذلك من أنواع العلاقات التي تتطلب منك جهدا مضاعفا للحفاظ على ديمومتها..
صيانة العلاقات لا تعني أن تبذل نفسك لمن لا يستحق ولكن هناك من (( يتوجب عليك )) الإبقاء على وهج العلاقة بها مُتقدا إما من باب صلة رحم، أو صداقة جذورها تضرب في عمق الوفاء .وإما ترفعا منك عن صغائر الأمور وتوافهها.
بقلم✍🏻أ. جواهر محمد الخثلان