وما الإنسان دون انتمائه لأرض احتضنته من بعد الأجداد ومن قبل الأحفاد، بماضيه وحاضره وغده ؟ فحب الأوطان سمة بشرية يأنسها من عاش في تلك الأرض؛ خصبةً خاضلة كانت أم جدباء قاحلة، هي أشياء لا تُشترى تجسدت في قول الشاعر عبدالرحمن بن مساعد : _
يا خير أرضٍ في الدُنا قد بوركت 
إنا بَنوكِ ونفتديكِ لتنعمي

ها هي الذكرى الثالثة والتسعون تحل على أطهر بقاع الأرض، ذكرىً خُلّدت في صفحات أشبه *بِبِيض * الصفائح لا تُمحى، كان فيها "رقبان" _سيف المؤسس_ كاتباً لملحمة التوحيد، مُستعيداً إرث الأجداد ولُحمة الأوطان بمختلف أطيافه، لنكون تحت راية واحدة هي راية التوحيد.
فمن بعد شتات السنين وتناحر القبائل وهدر الدماء للجهل وضيق ذات اليد وشظف العيش، قَدِمَ "معزّي" على فرسه "عبيّة" وانطلق في رحلة توحيد قاربت الاثنين والثلاثين عاماً ، ابتدأها باستعادة الرياض وتوحيد نجد حتى امتدت معارك توحيد الكيان الكبير شرق البلاد وغربها ، شمالها وجنوبها، في بقعة جغرافية شاسعة هي أشبه بقارّة - عجز المؤرخون بها إنصاف الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه.
حتى أتى الثالث والعشرون من سبتمبر لعام 1932 م ليولد به اسم "المملكة العربية السعودية" بمرسوم ملكي في إعلان التوحيد لكل شبر من أرجاء هذه البلاد الطاهرة ، وليكن هذا اليوم يوماً وطنياً لا يُنسى، نستذكر به ماضٍ عسيراً وجهاداً كبيراً كان نتاجهما رغد الحاضر بين جنبات وطن يحتضننا ونحتضنه •• فمن بعد الخوف والجوع؛ كان الأمن ولين العيش، وما كان هذا اليوم الوطني إلا استذكاراً لنجاحات الأسلاف وفرحا بحاضر وطن يزدهر يوما بعد يوم.
واليوم في الذكرى الثالثة والتسعين؛ نستكمل مسيرة الآباء والأجداد في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبسواعد المخلصين من أبناء هذا الوطن لنرتقي به إلى مصاف الدول المتقدمة ولا نرض سوى عنان السماء عناقاً.
وما بين الماضي والحاضر، كان "معزي" يسابق المكان لتوحيد أطراف البلاد، واليوم "شبيه معزي" يسابق الزمن على رؤوس الأشهاد. فبالأمس القريب كنا قد شهدنا انطلاق رؤية 2030، واليوم يعلن الأمير الشاب محمد بن سلمان عن قرب انطلاق رؤية 2040 في الأعوام القليلة القادمة. فأنّى لنا ألا نفخر بهذا الوطن أرضاً وقادةً وشعباً نحن "نحلم ونحقق" وللمجد بقية.

المستشار/ مريع بن سفر آل شريه