يمكن تعريف المعلم في اللغة بأنه الشخص الذي يقوم بتوزيع المعرفة ويزود الطلاب بها، ويبسطها لهم.
فلطالما عهدنا المعلم على أنه مجبول على التعليم فقط وتقتصر وظيفته على أداء مجموعة من المهام المحددة له مُسبقًا، ولكنه لم يكتفي بأداء مهامه فحسب.
فوجدناه منبعًا للعطاء، وكتلة من التأثير، ورمزاً للإبداع، ومُنطلقاً للتشجيع، فكم طريقاً أضاءه أمام صِغاره. فكان ولازال نِعم القدوة لطلابه.
المعلم لم يكتفي ببناء طفل أكاديميًا واجتماعيًا وسلوكيًا ونفسيًا، بل تعدى ذلك إلى بناء الأسرة بكاملها، فالمعلم لا يتعامل مع الطالب فحسب، ولا يؤثر على الطالب فحسب، بل أثره الإيجابي ينتقل للأسرة عندما يرشدها إلى التدخلات الإيجابية لعلاج مشكلة ما لدى الطالب.
أنني من الممارسين لهذه المهنة العظيمة وبفضل من الله، وها أنا أكتب عنهم ولهم وأخشى أنني لا أوفيهم حقهم من التقدير لدورهم وجهودهم وما يبذلونه في سبيل تنمية مهارات طُلابهم الفكرية، واستثمار تلك المهارات والقدرات للمساهمة في تطوير المجتمع وارتقاءه، وهو بذلك يُخرج جيلًا طموحًا واعدًا يخدم وطنه.
فلطالما كنت أتأمل ممارساتهم وابتسم كثيرًا، فهنيئًا لهم بما كسبوه من أجر، فجزاهم الله خيرًا عن كل طالب نظروا له نظرة ثاقبة للوقوف على احتياجاته ودعمه بشتى الوسائل فصنعوا له بذلك بيئة داعمة لتقدمه ولم يغفلوا بالمقابل عن دعم أسرته.
بعد مواكبة عالم التعليم ورؤية ما يحدث داخله فإنني أكاد أجزم أنني لن أستطيع أن أوفي تلك المهنة حقها من خلال قلمي.
رأيت في المعلمين الممارسات الوالدية، فلم يكن معلمًا فحسب.
رأيت فيهم عطاءً ليس له حدود.
رأيت فيهم تفكيراً دقيقًا في أصغر مشكلات الطلاب.
رأيت فيهم الاحتواء والتقبل.
رأيت بهم القلب الذي يتسع لجميع من في المدرسة.
رأيت بأعينهم الفخر بطلابهم.
رأيت تشجيعهم لمن قد فقد همته.
رأيت فيهم اليد الحانية، الداعمة.
رأيت كيف لا يخشون الإنحناء لطلابهم حتى يرونهم على مد البصر.
رأيت كم طالباً تمنى أن يصبح معلمه والداً له لما رآه في هذا المعلم بإحساسه الصغير.
رأيت أفواههم تُتمتم باستيداع الله هؤلاء الصغار أثناء لعبهم.
رأيت نفقاتهم المادية من أجل اسعاد طلابهم وإدخال السرور على قلوبهم، وتشجيعهم ودفعهم نحو التقدم.
أنني أتمعن بنتاج ممارساتهم الإيجابية على الأطفال والتي قد نبعت من قلب دافئ، فلا يسعني إلا التمني بأن هذا المعلم لا ينطفئ يوماً ما، فكيف له ذلك وكل هؤلاء الأشخاص يستندون عليه، ويُشعون من نوره.
ونحمد الله على أنه سخرنا لنكون معلمين، مجبولين على العطاء، وبفضل من الله حصلنا على هذا التشريف، ونعلم جيداً ماهية الأجر الذي سنحصل عليه ما إن أخلصنا بالعمل.
وإنما المعلم رسول بالمعنى المجازي، لأنه يحمل رسالة العلم، وكل من يحمل هذه الرسالة فهو رسول، يحمل رسالة العلم، وأمانة الأجيال على عاتقه. قم للمعلم وفِّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولاً.
لكل معلم لك مني صادق الدعاء وعظيم الامتنان.
فاطمة سعد مسلط السبيعي
تويتر: @fatimah056