مدخـــــــــل
قديما كان يحكى عن جدي -رحمه الله- أن هناك قصة حب ربطته بفتاة ذات جمال، طالما تغنى بحسنها ومفاتنها، وقصة العشق التي ربطته بها، فتغنى حنيناً بتلك المواويل الشجية، التي اختلط حزنه بعشقها لحظات الغروب، وعند هطول المطر, وكثيرا ما وجد سلواه بسرد قصته معها كل ليلة، كلما اعتراه ذاك الشوق والحنين اليها.
– مدينة الأخدود- تلك الفاتنة، التي طالما تغنى بها جدي، مرسلًا مع نسمات الربيع عشقه واحتياجه لها, فرسم لوحة شعرية، فتغزل بسمائها، وأرضها، وأهلها، كان يقف طويلا عند هطول المطر، مسترسلاً بذكرياته، وكأنه يرسل تلك الأشواق لسكان الأخدود لتلك الأمجاد التي لم تندثر, حكايات كنت أراها في عينيه، وبريق الشوق الذي كان يلمع في عينيه بدمعة عشق أبديه.
مع بدايات تلك الأحداث، ومنذ انطلاق “عاصفة الحزم وإعادة الأمل” ونجران حاضرة في قلب كل مواطن انتمى لتراب هذا الوطن، لترسم ذاك الولاء العميق بالروح والجسد، ومثلت ذاك الترابط مابين المواطن ورجل الأمن، داحضة كل افتراء ومثلت نجران الأبية تلك الشامخة، عنوان حمل كل معاني الشجاعة والإقدام, فاعتضد كل من فيها بفعل رجل واحد، ليمثلوا ذاك الدرع الحصين للوطن الغالي، وبات ذاك الترابط العجيب؛ فبات الغني يحتضن الفقير، والميسر يفتح أبوابه للمعسر، وباتت البيوت مفتوحة لمن فقد الأمان في بيته، اكتست تلك الوجوه البسيطة تلك النخوة في التفاني، في التضحية والولاء، ومساعدة الجار، وبات الشهداء يسقطون على أرضها ليكسوها ذاك العبق برائحة الجنة
تزاحمت الحروف التي تضخ ذلك الولاء والحب في أبهى صورة، فتعددت اللوحات الفنية بجمالها والمعنى واحد (حب الوطن والانتماء له والدفاع عنه)
اللوحـــــــــــة الأولى
وقد رسمت أجمل لوحة للوفاء؛ حب الوطن، والانتماء له في السلم والحرب وهاهم مجموعة من الشباب المتطوعين، يترأسهم المدرب إبراهيم اليامي، والفنان هادي آل قريشة. واضعين على أكتافهم مسؤولية الوعي والإرشاد تحت شعار (أمننا في وعينا)
في قالب التوعية والإرشاد، في خضم الظروف الراهنة، ويقينهم التام أن هذا الفريق يساعد في تقليل المخاطر، وأكتافهم كتف بكتف إلى جانب رجل الأمن، ورجال الهلال الأحمر. وتلخصت فكرتهم في تدريب أفراد من المجتمع، على مهارات الحالات الطارئة، ليقفوا صفا مساندا مع جميع الاجهزه الأمنية، وذلك مايملي عليهم وطنيتهم. وعمد الفريق إلى تقسيم الفريق التطوعي إلى مجموعات، وتقسم حسب الأحياء السكنية، التي تؤدي دورها كمتطوعين ومتدربين على إخراج المصابين من مكان الحدث، ومنع التجمهر حتى وصول الهلال الأحمر.
وتجلت الأهداف في تحقيق ذاك التكامل بين الجهود الحكومية والتطوعية، في التصدي والمواجهة للازمات، والتعامل مع الحالات الطارئة بمنهجية واقعية، وأيضا تحويل سلبية التجمهر لدى الشباب إلى طاقات اجابية، وأيضا إنشاء قاعدة بيانات تمكن القطاعات الحكومية من التواصل من خلالها.
اللوحـــــــــــة الثانية
ويأتي الفريق الآخر لمجموعة من التربويين والشباب، يتراسهم الإعلامي والتربوي سلطان دغمان، والمدرب ماجد القارح، واضعين جل هدفهم خدمة الوطن والمواطنين بالدرجة الأولى، ورسم أروع الصور للتكاتف الخيري والإنساني, فقامت المجموعة بالعمل على التواصل مع المعسرين ضمن الظروف المحيطة بالمنطقة، وتوفير الدعم المادي والسلات الغذائية، وأيضا المساعدة في ترميم بعض المنازل للمعسرين مادياً ضمن الإمكانيات المتاحة لديهم.
اللوحـــــــــــة الثالثة
تقول جميلة اليامي-جامعية- : بأنها أنشأت قروب للواتس آب، مكون من ثلاثين امرأة مابين طالبة، ومعلمة، وربة منزل، في المنطقة. من أجل التعاون خلال فترة الأوضاع المضطربة في المنطقة، والتي تلخصت في الاتصال بالأسر المعوزة، وأيضا في تقديم التسهيلات المادية للبعض، وأشارت إلى أن هناك مجموعة من نفس القروب قمن ببعض الأنشطة الثقافية، والترفيهية، للنساء والأطفال في بعض المنازل التي تحتوي على فناء واسع، والاجتماع وتبادل الأحاديث، وتناول وجبات العشاء، وقضاء وقت ممتع يبدد لحظات الخوف والتوتر .
اللوحـــــــــــة الرابعة
تجسدت اللوحة الرابعة بالمواطن عبد القادر الطالبي، ببادرة إنسانية بحتة، حيث تبرع بعشر شقق مفروشة، في حي الفهد الشمالي، للأسر التي تضررت بيوتها جراء سقوط قذائف الهاون، وأوضح بأنه تم إرسال رسالة الواتساب، موضحا فيها بادرة التطوع، ووضع رقم جواله للتواصل في حال من رغب السكن من المتضررين مجاناً، مبينا أن الواجب الوطني يحتم علينا العمل، والتكاتف، والتعاون في مثل هذه الظروف وأيضا أشار إلى المسؤولية الاجتماعية تجاه بعضنا البعض في ظل الظروف الراهنة.
اللوحـــــــــــة الخامسة
الأروع من جميع الصور التي ذكرت سابقا، صورة مثلت تلاحم المواطنين مع القيادة، وتمثلت في تقديم الأهالي بالمنطقة الدعم المادي قبل المعنوي، للجيش، والدولة، والتأكيد على المشاركة، والحق في الدفاع عن الوطن، والذود عنه لكل معتدي. ولم يتوقف دعم أهالي المنطقة على الكبار سنا،ً والأعيان، وإنما امتد إلى الأطفال الذين عبروا بطريقتهم الخاصة، وحسب إمكانيتهم، فعبر طلاب المدارس بالمشاركات المعنوية، التي منهجها الانتماء، والولاء، والوفاء للوطن الغالي .
اللوحـــــــــــة السادسة
وتمثلت في دموع أمهات شهداء الواجب، فما بين الدعاء بفرح الشهادة، وفخر الدفاع عن الوطن، ومابين ألم الفراق الذي طواه الثرى، تجلت تلك التضحيات، في بذلهن أغلى ما أنجبن من الشباب الشجعان، تنحني تلك الحروف إجلالا لتضحيتهن، وصبرهن العظيم، رحم الله شهداء الوطن والواجب .